الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«عسر القراءة والكتابة» صعوبة في التعلم ولا ترتبط بمعدلات الذكاء

«عسر القراءة والكتابة» صعوبة في التعلم ولا ترتبط بمعدلات الذكاء
14 سبتمبر 2013 20:23
تعد مشكلة «عسر القراءة والكتابة» واحدة من أهم وأبرز مشكلات التعلم لدى الصغار، ومع بداية العام الدراسي الجديد، تكمن أهمية الطرح، حيث تتثمل خطورة المشكلة في جانبين مهمين، الأول يتعلق بأخطاء التشخيص، والثاني في عدم إلمام كثير من معلمات الحلقة الدراسية الأولى، ومعهن غالبية الآباء والأمهات بالطريقة الصحيحة التي تمكنهم من تجاوز مشكلة أطفالهم، والانعكاسات السلبية الأكثر ضرراً على نفسية وشخصية الطفل جراء التعامل الخاطئ في محيطه البيئي والمدرسي، على أنه طفل متخلف، رغم أن الحقيقة العلمية تقول غير ذلك. فما هي حقيقة المشكلة إذن؟ خورشيد حرفوش (أبوظبي) - من الحقائق الطبية أن الطفل «الديسلكسي»، ليس متخلفاً عقلياً أوغبياً؛ لأن أغلب المعُسرين في القراءة لديهم معدلات ذكاء متوسطة أو فوق المتوسطة، بل إن بعضهم قد تتعدى نسبة ذكائه المعدلات الطبيعية. وهم يتميزون عادة بأسلوب مختلف في مواجهة المشكلات وحلها. ومن الطريف أن يكون بعض المشاهير الذين حققوا نجاحات وإنجازات معينة في حياتهم، قد عانوا أعراض «الديسلكسيا»، ومنهم على سبيل المثال: «ليوناردو دافنشي»، و«وينستون تشرشل»، و«بابلو بيكاسو»، و«الكسندر غراهام بل»، و«ألبرت آينشتين»، و«محمد علي كلاي»، و«والت ديزني»، وغيرهم. اضطراب وظيفي لكن.. ماهو المقصود بعسر القراءة والكتابة «الديسلكسيا»؟ الدكتورة زينب علوبة، استشارية تطور وسلوك الأطفال في مدينة خليفة الطبية في أبوظبي، توضح أن «عسر القراءة والكتابة» هي اضطراب وظيفي، وصعوبة تعلم نمائية تتعلق بالطريق التي يستقبل بها المخ المعلومات وينظمها ويرتبها ويخزنها ويتذكرها ويستعيدها، وعلى الرغم من الاعتقاد بأن عُسر القراءة يكون نتيجة اختلال عصبي، إلا أنه لا يُعد إعاقة ذهنية، حيث يصيب«عُسر القراءة» أشخاصاً بمستويات ذكاء طبيعية، سواء كان ذكاءً متوسطاً أو فوق المتوسط أو العالي، ولديهم رغبة في التعلم، ويتمتعون بسلامة الحواس الأخرى. وهذه الحالة وإن كانت مجهولة الأسباب، إلا أنها وراثية المنشأ، فقد تبين أن «الديسليكسيين» ينحدرون من آباء أو أمهات قد عانوا من السبب نفسه. وتشير الأرقام والإحصاءات العالمية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية إلى أن النسبة العالمية لحالات «الديسليكسا» تتراوح ما بين 5 و17% من الأطفال في سن المدرسة ذكوراً وإناثاً لدى جميع الجنسيات والمناطق الجغرافية والفئات الاجتماعية المختلفة، وتستمر معهم طيلة حياتهم. ويلاحظ أيضاً أن حوالي 40% منهم يعانون اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.. وغالباً ما يقرأ «المعسرون قرائياً» ببطء شديد، وتكون لديهم صعوبات كثيرة في التهجئة، وربط الحروف ببعضها بعضاً حتى تُكَوَن كلمة، وهذا الخلل المحدد ذو أصل تركيبي يتميز بصعوبة تفكيك رموز الكلمة المنفردة، مما يعكس عدم كفاية في المعالجة الصوتية، وتحويل الكلمات المكتوبة إلى أصوات». قدرة الدماغ تضيف الدكتورة علوبة:«الطفل الطبيعي عادة ما يمكنه الكلام، ويتقن نطق الكلمات، وهو ما بين سنتين أو ثلاث من العمر، ويمكنه التحدث وفهم الجمل، ويكون الدماغ لديه قدرة على تفسير وفهم اللغة المنطوقة. أما بالنسبة للقراءة والكتابة، فهما مهارتان أكثر تعقيداً في الكيفية التي تعالجان بهما؛لأن أدمغة (عسيري القراءة) تعتمد على مناطق دماغية مختلفة في عملية القراءة عن تلك التي تعتمدها أدمغة القراء العاديين. وهذه المناطق لدى هؤلاء غير متطورة بالشكل السليم والطبيعي لأسباب معينة في الدماغ، أي أن العمل يتركز في الدماغ لديهم في مناطق تتسم بتدني الكفاءة أقل من المستوى الطبيعي. فعندما يشاهد الطفل كلمة «طائرة» مثلاً، من الطبيعي أن تنتقل صورة الكلمة إلى الدماغ، ومن ثم يطابق الدماغ الحروف بالأصوات التي تمثلها. ثم يجمع الدماغ مختلف الأصوات المنفصلة إلى صوت واحد. ومن خلال استخدام الذاكرة طويلة المدى، يقوم بوضع صورة ذهنية لتلك الكلمة حتى تأتي شكل كلمة «طائرة». ويجد المتضررون من عسر القراءة صعوبة بالغة في هذه العملية. مشكلات التعلم توضح الدكتورة علوبة مشكلات التعلم التي تظهر لدى الأطفال الذين يعانون «عسر القراءة والكتابة»، وتقول:« واحدة من أهم الدلائل عند الأطفال المصابين بالدسلكسيا هي صعوبة التحصيل العلمي في المدرسة، مع أنه يظهر عندهم نفس قدرات الطلبة الآخرين الذين ليس لديهم صعوبة في التحصيل العلمي، ويظهر عليهم أحياناً أن استيعابهم العلمي بطيء مقابل أوقات أخرى يظهروا بحالة لا بأس بها، كما أن الاختلاف في العمر يظهر مشاكل بطرق مختلف. ولا شك في أن هناك علاقة طردية قائمة بين اكتساب القراءة، وإتقان الكتابة والتهجئة الإملائية. وأن صعوبات الأولى ستنعكس حتماً على الثانية. فعادة يلاحظ أن الطفل ما بين الثالثة والسادسة، قد تأخر في النطق والكلام، ويجد صعوبة في التعامل مع الكلمات الطويلة والأرقام، ويلاحظ عليه عند النطق تبديل الحروف ليحل حرفاً مكان الآخر، كأن ينطق (مدرسة) بالقول (مردسة)، أو (مشتفسى) بدلاً من « مستشفى». ويستعمل يده اليسرى بدلاً من اليمنى، وقد يختلف تركيزه بإحدى العينين عن الأخرى، وليس لديه مهارة استعمال الكلمات الموزونة، ويغلب استبدال كلمات وحروف مكان الأخرى، ولا يستطيع تذكر ما تعلمه بالأمس؛ لأن الدماغ لديه لا يخزن ما تعلمه، وعند الكتابة فإنه يشطب كثيراً ما كتب، ويبذل مجهوداً في التذكر والتعلم، فعند نقل المكتوب على (السبورة) من السهولة أن تلاحظ المعلمة تكرار نقل الحروف أو الكلمات والأرقام، بل تجده في ماده الرياضيات يخلط ويعكس رقمي 2 و6، أو الخلط بين حرفي b وd أوتكرار واستمرار التبديل في الأرقام مثل 15 لرقم 51 أو (ج) بحرف (خ)، مع صعوبة تحديد الاتجاه يمينا أو يساراً، مع صعوبة التركيز والمتابعة، ونقص بعض المهارات الذاتية مثل (ربط الحذاء وإمساك الكرة أو رميها)، والميل إلى التذمر». التشخيص والعلاج تقول الدكتورة علوبة، إن من الأهمية أن يتم التشخيص السليم من قبل متخصص في طب التطور والنمو، عندما يشك أو يلاحظ الوالدان أو المعلم أي علامات تؤشر إلى وجود أعراض مرضية، وأن يقوم بوضع التشخيص خبير في مثل هذه الحالات بعد إجراء اختبارات لغوية وعقلية خاصة للطفل، ومن الأهمية أيضاً أن يكون التشخيص والعلاج المبكرين، فإن ذلك يسهم في تحسن حالة الطفل، ويمكن الطفل من أن يتعلم القراءة و الكتابة بشكلٍ جيد إذا ما عولج بشكلٍ مبكراً. ويقوم بالعلاج كوادر تعليمية مدربة على التعامل الخاص مع هذه الحالات وذلك من خلال مشاركة أكثر من حاسة واحدة خلال عملية تعليم الطفل، كالبصر والنطق واللمس معاً، وبعض الأطفال يتحسنون بالعلاج بمفردهم وآخرون بالعلاج الجماعي، وقد يحتاج البعض لمنهاجٍ خاص يعتمد على السمع أكثر مما يعتمد على القراءة من الأوراق وعلى الكتابة بواسطة الكمبيوتر أكثر من الاعتماد على الكتابة بالقلم، ريثما تتحسن حالة الطفل، وقد يحتاج الطفل بالضرورة إلى الدعم النفسي والتشجيع إذا كانت حالته النفسية متردية. أهمية العلاج تولد مشكلة «عسر القراءة»، وإهمال الطفل دون علاج، الشعور بالخجل، وانخفاض تقدير الذات لدى الطفل، ويسبب كثيراً من المشكلات السلوكية، كالقلق، والجنوح، والعدوان، والإحباط والغضب والانسحاب والاكتئاب أو الاغتراب عن الأهل والأصدقاء والمعلمين. كما أن هذه الحالة تؤدي إلى التشوش في الصف، والتهرب من الذهاب إلى المدرسة، وعدم الاجتهاد في التعليم أو تغييرات سلوكية. ومن المهم التذكر بأن ظهور مثل هذه الصعوبات ليست بالضرورة دليلاً على وجود مشكلة في التعلم، حيث إنها ممكن أن تكون مشكلات سلوكية أخرى. بالإضافة إلى الاهتمام بهذه الأعراض، فإن النصيحة الأكثر فعالية لتحديد صعوبات التعلم، هي مشاركة واستشارة فريق تعليمي يختص بصعوبات التعلم. فإذا لم تعالج هذه الأعراض، يمكن أن تؤدي إلى ضرر في الأداء التعليمي، ويمكن مساعدة الطفل في التغلب على هذه الصعوبات عن طريق تدريس علاجي، علاج بالأدوية، العلاج المهني الذي يساعد في تنظيم وتدريس عادات التعليم، وإذا لزم الأمر، فالرعاية العاطفية والنفسية سوف تساعد في معالجة المشاعر السلبية وتعزيز مهاراته الاجتماعية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©