الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

قراءة كل شيء

11 سبتمبر 2015 22:40
ليس من الضروري للإنسان أن يكون قارئا موسوعيا في المعرفة الإنسانية لكي يكون مثقفا، جزء من كونه مثقفا هو أن تكون القراءة سلوكه في حياته اليومية، بمعنى أن تعينه القراءة على الوعي بمشكلات صغيره قد تهدد وجوده، في مجتمعاتنا العربية تعودنا على ثقافة الصراخ والولولة والشعور بالضعف أمام مشكلات لا ندري من أين تأتينا فنهرب منها إلى غيرها لتتعقد الأمور. الإنسان منا بلا حول ولا قوة ما أن يخرج من بيته للحصول على خدمة بسيطة مهمة في حياته اليومية حتى يفاجأ بانتكاسة هنا وأخرى هناك، يفاجأ بوقوعه في الفخ ويكتشف ذلك بعد فوات الأوان، قراءة كل شيء وأي شيء تبدو مضحكة من وجهة نظرنا، أذكر زميلة لنا كان يسخر منها الجميع لأنها تقرأ كل ما تقع عليه عينها ويدها ولا تتحرج من سؤالك.. ما هذه الأوراق المرمية على الأرض هنا وهناك دعني أرى ما بها، لتقرأ محتواها بينما الكل يستغرب هذا السلوك القرائي العجيب وبينما تمر علينا هذه الأشياء دون أن نقرأها، أشياء تخصنا! تدخل البنك من أجل معاملة، يعطونك رزمة من الأوراق مكتوبة بأي لغة عربي أو انجليزي.. وقع، والحق لله وهم لا يقولون لك لا تقرأ لكنك توقع من دون قراءة. تقرير صادر من مؤسسة صحية أو إسكانية أو أي مؤسسة خدمية تقدمه لجهة عملك، تحمله وتطير به إليهم فينبهونك إلى أن هناك توقيعا ناقصا وتعود به إليها لتدوخ «السبع دوخات». أولادك في المدرسة يتأهبون لأداء الامتحان، وما أن توزع الأوراق ويأخذ أحدهم ورقة الاختبار حتى يطلب من المعلم أو المراقب قراءتها له لأنه غير قادر على القراءة وكل شيء موضح، لكن لأنه تعود ألا يقرأ كل شيء فهو غير قادر على ذلك، وتلوم نفسك لأنهم لا يروننا نقرأ كل شيء. تشتري منتجا من الجمعية، صلاحيته منتهية تكتشف ذلك في وقت متأخر لأنك لم تقرأ شيئا مكتوبا عليها قبل الوصول إلى البيت، وعندها من تقاضي لكن الحمد لله أنك لم تتضرر.. لسان حالك يقول نحن لا نقرأ «ننغش» كثيرا. لكن نهرب من هذه المشكلات إلى مشكلات أكبر تتعلق بوجودنا. الآخرون يصدرون لنا أشياء تلمع، حتى وعود بحياة أفضل، أشياء تلمع كالذهب، ولأننا لم نتعلم ولا نجيد قراءة ما يجري من حولنا فقد نترك أوطاننا هربا من الموت فيها، وكأن المثل القائل «هارب من الموت إلى حضرموت» ينطبق علينا ونحن نفقد وجودنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©