الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نافذة على القلب

نافذة على القلب
23 فبراير 2008 00:27
حين ذهبت أبحث عما جعل الأمواج تهدأ على محيط عربي ثابر على العصيان من أجل قضية كانت يوماً وابلا من حجر في يد طفل لا يأبى البنادق، كانت في عيني جندي لا يأبى الموت بل يموت مبتسما· بنات العروبة الأصيلة لا تزهر فيهن الروح إلا بذلك الزفاف البطولي من أجل الوطن، فوجدتُ أن الفنان ناجي العلي ذلك الإنسان البسيط والرسام الفذ كان يرسم ويعانق المشاهد الحياتية البطولية، وبافتقاده عن ساحة الوجود مسحت عن الذهنية العربية كل التصاوير الضمنية التي تنبض من أجل استعادة الحقوق العربية· بعد رحيل الفنان الأسطورة ثمة تغييب تام للحراك الكراكتيري للنضال، فقد بدد رحيله كل صور الحياة النضالية، أو هكذا حين تصمت الريشة الجميلة، يبدو خلفها صمت رهيب، موت أخذ في خطوط الحياة، موت الرغبة في التجدد، موت الأهداف التي أخذت تلوذ بها الرياح حتى أصبحت الأمواج العاتية تلوح من فوق نسيج الحياة، وكأن بموت الفنان الجميل ناجي العلي تتلاشى الروح، وقد دبَّ في أوصال أدب المقاومة جزئيات تفككت من خلالها أواصر حتى تبدلت لهجة الحياة، هكذا الأفكار تذهب بنسجها الإبداعي وتتجزأ إلى فصول في الذاكرة، تعود لكي تخلد في النفس المشتعلة من خلال جذوة لا تهدأ· هذه هي رسوماته تتجدد على مرأى الأحداث المتصاعدة، وتتقزم كل قرارات الجريمة البشعة التي أدت إلى فقده· فالحياة بلا روح فناء، لذا ناجي العلي يغيب عن الوجود لكن بريشته لا زال يبتكر الحياة من جديد في تأصل وكأنه رسم اليوم الأمس أو رسم وتيرة الحياة القادمة كما رسم بفنه وعقله اللحظات الكظيمة من شريط الأمة· إذن الريشة الفذة لناجي العلي لم تمت، وإنما أفكارنا التي غيبت الحياة وباتت على مشارف خاوية من التصنع والتبلور الكاذب على حساب القيم الجميلة والحياة الرصينة· ومن هنا تكمن أهمية هذا الفنان وريشته التي لم يغيبها الموت وكان متوازياً مع تغييب الوجود العربي وتحريف مساره، كان موته حالة ثورة أخرى واستبيانا حقيقيا ينقر في تشريع حالة الخمول وفقد الروح· ومن سمات الفنان ناجي العلي أنه كان يقود كتيبة الروح النضالي ليلوذ عن شعبه، فهو لا يعلم لغة السياسة بمفهومها المهادن، لذا كان بمفهومه الجميل يشكل أرقا حقيقيا يجوف وجود العدو ويزيف ادعاته الخاسرة، وبعبقريته الفنية يكسر حاجز التأويل في قضية وطن لطخت السياسة جوانب عدة من مفاهيمه، فلم يمت الفن الذي انتهجه خطوطا متوازية مع الحياة المبتكرة وكأنها قضية، فهو نهج آخر من مناهج الحياة فلا تموت بل تتجدد، وتفضي إلى خيال واسع ورحب من جمالية النضال العربي ولكن بكل الجزم بفقد الفنان ناجي العلي تلاشى الكثير من سمات الفكر النضالي وخسر العرب حيزا كبيرا وواسع النطاق من أدب المقاومة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©