الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاقات الأميركية -الكولومبية... خطوة للوراء

12 ديسمبر 2010 22:48
ربما كان الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس -المنتمي إلى يمين الوسط- يمزح عندما قال إن الرئيس الفنزويلي، أصبح أفضل صديق جديد له. ولكن قلة في واشنطن تعاملت مع ذلك التعليق على أنه مجرد مزحة مثيرة للضحك. فهناك قلق متزايد في واشنطن -سيما بين أعضاء الكونجرس- من شدة التقارب بين سانتوس وشافيز، مقابل الابتعاد تدريجياً من التحالف القوي بين كولومبيا والولايات المتحدة الأميركية خلال السنوات الثماني الماضية. فمنذ توليه المنصب الرئاسي في شهر أغسطس المنصرم، اتخذ "سانتوس" عدداً من الإجراءات التي تضمن الابتعاد تدريجياً من سياسات سلفه الرئيس السابق ألفارو أوريبي الذي كان مقرباً من واشنطن. ولنضرب فيما يلي بعض الأمثلة للسياسات الجديدة التي يتبناها "سانتوس". فقد كانت أول زيارة رسمية له إلى البرازيل، ثم طاف بعدها بعدد من دول أميركا اللاتينية، دون أن يخطط حتى الآن لزيارة واشنطن. ثم التقى "سانتوس" لعدة مرات بنظيره الفنزويلي شافيز، وتعهد كلاهما بتعزيز العلاقات بين بلديهما. وكانت العلاقات متوترة وعدوانية بين الدولتين بسبب الانتقادات العلنية الحادة التي كان يوجهها الرئيس السابق "أوريبي" إلى "شافيز"، جراء الدعم السري الذي تقدمه فنزويلا لحركة "فارك" اليسارية المتمردة. ثم استجابة منه لرغبات شافيز، أعلن "سانتوس" مؤخراً عزمه تسليم أحد لوردات المخدرات المطلوب للعدالة إلى فنزويلا بدلاً من الولايات المتحدة التي تطالب به بسبب الإفادة التي قدمها مؤخراً بشأن الحماية التي يقدمها الفنزويليون لاتجاره بالمخدرات. ويطالب شافيز بتسليمه "مقلد" إما لإخراس صوته أو لإرغامه على التراجع عن إفاداته السابقة. بالإضافة إلى ذلك لا تعتزم حكومة "سانتوس" الجديدة تقديم أي مقترح تشريعي للبرلمان الكولومبي بشأن تجديد استمرار بقاء عدد من الجنود الأميركيين في القواعد العسكرية الكولومبية، على حد قول بعض المسؤولين الكولومبيين. بل سارعت محكمة كولومبية مؤخراً بإبطال سريان اتفاقية عسكرية كولومبية-أميركية كانت قد أبرمت في عام 2009. ثم يتوقع أن يطلق "سانتوس" خلال الشهور القليلة المقبلة عدداً من اتفاقيات التجارة الحرة بين بلاده وكندا والاتحاد الأوروبي. وفي المقابل لا يزال يتعين على الكونجرس الأميركي المصادقة على اتفاقية التجارة الحرة بين أميركا وكولومبيا المتفق عليها منذ عام 2004. ومن رأي كارل ميشام -كبير موظفي السيناتور ريتشارد لوجار، رئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ- أن فشل أميركا في المصادقة على اتفاقية التجارة الحرة المبرمة مع كولومبيا منذ عام 2004 وإلى اليوم، كان سبباً رئيسياً في دفع كولومبيا إلى التطلع إلى تحالفات مع دول أخرى قريبة منها في المنطقة. ويؤكد "ميشام" انحراف كولومبيا الواضح من تحالفها السابق مع واشنطن، لأنها لم تجد فيه ما يخدم أهدافها الوطنية. غير أن عضو الكونجرس الجمهوري "كوني ماك" -المرشح لتولي منصب رئيس اللجنة الفرعية للنصف الغربي من الكرة الأرضية التابعة للكونجرس- أكد خلاف ذلك بقوله إن الكونجرس يبدي قلقاً على التحولات المحتملة في العلاقات الأميركية-الكولومبية، غير أن الوقت لم يحن بعد للقول إن كولومبيا قد قررت الابتعاد فعلياً عن واشنطن. وسعياً مني لمعرفة ما يدور في ذهن "سانتوس"، فقد حرصت على لقاء عدد من المقربين منه. وأكد لي معظمهم أن هناك اتجاهاً لدى الرئيس يعمد إلى إحداث تغيير جذري في السياسات الخارجية المتبعة سابقاً. وينطلق هذا الاتجاه من فشل الولايات المتحدة في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة باتفاقية التجارة الحرة المبرمة مع كولومبيا، على رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها كولومبيا لإنجاح الاتفاقية. فخلال السنوات الأخيرة الماضية، سمحت كولومبيا بوجود عدد من القوات الأميركية في قواعدها العسكرية. كما أرسلت كولومبيا عدداً من ضباط شرطتها ومسؤولي أمنها المختصين بمكافحة المخدرات إلى أفغانستان لتقديم الدعم اللازم للجهود التي تبذلها القوات الأميركية هناك. وبالإضافة إلى ذلك صوتت كولومبيا جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة في معظم القضايا التي تمت مناقشتها في الأمم المتحدة. وعلى رغم هذه المبادرات وغيرها، لم تبد واشنطن أي استجابة إيجابية لإنفاذ اتفاقية التجارة الحرة المبرمة مع كولومبيا منذ عام 2004. ومن رأي المسؤولين الكولومبيين أن العلاقة الوطيدة التي تربط أوباما بالاتحادات والنقابات المهنية المعادية للتجارة الحرة في بلاده، منعته عن الدفع بما يكفي في اتجاه مصادقة الكونجرس على اتفاقية التجارة الحرة المبرمة مع بلادهم. هذا ما أكده إنريك سانتوس كالديرون -شقيق سانتوس، والذي كان يتولى حتى وقت قريب إدارة تحرير صحيفة "إل تيمبو" التي تعتبر الصحيفة الأولى في كولومبيا- بقوله: "إن ما تجب ملاحظته أن كولومبيا قد بددت أوهامها السابقة بشأن تقاربها مع واشنطن. ومما لا شك فيه أن "بوجوتا" بدأت تتطلع إلى علاقات وتحالفات جديدة على الصعيدين الإقليمي والدولي. فقد سئم الكولومبيون تقديم المبادرات الأحادية من جانبها، دون أن تجد هذه المبادرات المستمرة والمتكررة أي استجابة إيجابية لها من واشنطن". وفي رأيي الشخصي أن السبب الرئيسي وراء ابتعاد الرئيس الكولومبي الجديد من واشنطن باتجاه شافيز، هو العامل الاقتصادي. ذلك أن فنزويلا تعتبر أكبر سوق إقليمية للصادرات الكولومبية. وكانت التوترات السابقة بين البلدين قد ألحقت أضراراً بالغة بصادرات كولومبيا إلى السوق الفنزويلية. وفي الوقت نفسه، لا يستبعد استغلال "سانتوس" لشهر عسله الحالي مع شافيز، ليجعل منه أداة تفاوضية قادرة على ممارسة المزيد من الضغط على الكونجرس الأميركي للمصادقة على اتفاقية التجارة الحرة مع بلاده. أندريه أوبنهايمر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©