الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ضريبة مواد البناء تثير أزمة في السوق العقارية المصرية

ضريبة مواد البناء تثير أزمة في السوق العقارية المصرية
12 ديسمبر 2010 22:27
أدى تفعيل فرض ضريبة مبيعات على مواد البناء في مصر إلى أزمة جديدة للسوق العقارية، التي تعاني ركوداً موسمياً. فقد ساهمت الضريبة الجديدة في موجة من ارتفاع التكلفة بالنسبة للمشروعات الجديدة حيث شملت الحديد والاسمنت والسيراميك والخشب وكابلات الكهرباء والجبس تتراوح بين 5 و12% مما ينعكس على الأسعار النهائية للمستهلكين. وقال متعاملون في السوق إن هذا الارتفاع لايمكن إضافته إلى الأسعار الحالية بسبب الركود وتباطؤ عمليات البيع والتسويق في المشروعات الكبرى، ولأن تسعير الوحدات في هذه المشروعات لم يعد يحتمل زيادات جديدة. وبالتالي قرر المطورون العقاريون واصحاب المشروعات “ترحيل” عبء الضريبة على المشروعات الجديدة فقط. وتأتي الضريبة ضمن حزمة من الإجراءات المالية كانت الحكومة المصرية قد اتخذتها في مايو الماضي وأقرها البرلمان بهدف زيادة الموارد السيادية للموازنة العامة وتخفيف عجز الموازنة وتخفيف أعباء الدعم عن بعض الصناعات المستهلكة للطاقة بمعدلات عالية ودفعها لتحمل تكلفة موازية للتكلفة العالمية. وتم رفع أسعار الطاقة تدريجياً لمصانع مواد البناء وفرض ضريبة مبيعات على المنتج النهائي مما ترتب عليه ارتفاع مفاجئ وكبير في أسعار مدخلات المشاريع العقارية. ويرى المتعاملون أن توقيت فرض ضريبة على مواد البناء جاء في توقيت سيئ، حيث ان السوق تعاني عدداً من العوامل السلبية التي خلقت حالة من الركود وتباطؤ المبيعات، وجاءت الأسعار أعلى من قدرات الراغبين في شراء وحدات سكنية، مما أثر بالسلب على معدلات المبيعات، كما أن التوقف المؤقت لوزارة الاسكان عن تنظيم مزادات لبيع أراض أدى الى هدوء نسبي في السوق وتفرغ المطورين الذين حصلوا على أراض في أوقات سابقة لتنفيذ مشروعاتهم. ويعود احجام المشترين عن الشراء الى توجيه الكثير من المستثمرين العقاريين أموالهم الى مجالات استثمارية أخرى في مقدمتها المضاربة على الذهب والدولار حيث حققوا أرباحا كبيرة من هذين المجالين في الفترة الماضية وهو ماترتب عليه حرمان السوق العقارية من قوى شرائية مؤثرة كانت تقود السوق في فترات سابقة. ورغم تقبل السوق للضريبة الجديدة فإن المقاولين يؤكدون تأثر معدلات التنفيذ بالضريبة التي تزامنت مع فتح باب تصدير الإسمنت وهو الاجراء الذي اضطرت اليه وزارة التجارة الخارجية والصناعة منذ شهرين تحت ضغوط مصانع الاسمنت وبالتالي بدأ المعروض من الاسمنت في السوق المحلية يتراجع مع توجيه كميات كبيرة للتصدير وحدوث مزيد من ارتفاع الأسعار. وسوف تمثل ضريبة مواد البناء عبئا على المشروعات الكبرى التي يجري تنفيذها لأنها لا تستطيع بيع وحداتها في الوقت الراهن بسبب تشبع السوق وعدم وجود قوى شرائية وسوف تضطر الى سداد هذه الضريبة مؤقتا مع احتسابها ضمن التكلفة وتحميلها على المشتري في المستقبل مما يعني امكانية ارتفاع أسعار العقارات في مصر مع مطلع العام 2012 وهو التوقيت الذي يحدده خبراء السوق لبداية دورة صعود جديدة سعرية أو بيعية بعد انتهاء مرحلة الركود الراهنة. ويؤكد الخبير العقاري المهندس شريف رشدي، رئيس شركة “ايدار” العقارية، أن الضريبة الجديدة تضيف أزمة جديدة لمختلف أطراف السوق ولكن الكل يتعامل معها باعتبارها من عوامل “القوة القهرية” المتعارف عليها في دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات المختلفة لأن الضريبة من العوامل السيادية التي يجب الالتزام بها ولكن التوقيت سيئ، فالسوق تعاني الركود والبنوك توقفت تماماً عن تمويل المشروعات العقارية الكبرى لأسباب مختلفة والتدفقات المالية المتحصلة عن أقساط المشترين لاتكفي لانجاز المشروعات بالاضافة الى خروج قوى شرائية كبيرة من السوق اتجهت الى مجالات استثمارية أخرى وبالتالي أصبحت الضريبة أزمة للمطور العقاري وللمشتري ولمصانع مواد البناء التي سوف تتأثر مبيعاتها. وقال رشدي إنه كان يجب تأجيل تطبيق الضريبة الى توقيت مناسب يحدث فيه نوع من الانتعاش لأن هذه الضريبة في هذا التوقيت ربما تدفع بعض أصحاب المشروعات الى وقف تنفيذ مشروعاتهم مؤقتا لحين اتضاح مستقبل السوق الأمر الذي يؤدي الى تراجع معدلات النمو في قطاع التشييد عن حدود 14% التي يحققها في المتوسط سنويا منذ أكثر من ستة أعوام. واوضح أن قطاع التشييد والبناء يقود أكثر من 57 صناعة مغذية وتابعة وهذا يؤكد تأثر معدل النمو الاقتصادي العام سلباً بهذه الضريبة وبالتالي يجب اعادة النظر فيها أو تأجيلها حتى لا تتعرض الشركات التي تضطر لوقف مشروعاتها للخسائر وهو أمر وارد لاسيما للشركات التي لا تتمتع بسيولة مالية كافية. ويؤكد المهندس سامي القريني، رئيس مجموعة “امارات هايتس” التي تعمل في مجال الاستثمارات العقارية، أن ضريبة مواد البناء شكلت متغيرا جديدا في السوق سوف يلعب دورا في تحديد الأسعار المستقبلية للعقارات لأن متوسط سعر ضريبة يدور حول 10% وهذا يعني أن سعر الوحدة السكنية سوف يرتفع بنسبة 15% على الأقل لأن المستثمر الذي يدفع ضريبة على مواد أولية عند تنفيذ المشروع ينتظر أن يسترد هذه الأموال محملة بالعائد عليها لأنها تدخل ضمن التكلفة الفعلية لاسيما وأن هذا المستثمر ينتظر فترة من الوقت حتى يسترد أمواله لأن معدلات البيع تراجعت وفكرة البيع على “الماكيت” لم يعد لها وجود فعلي في السوق لأن المشتري يبحث عن مشروع قائم بالفعل ولايريد أن يرى مخططات أو ماكيتات لمشروعات على الورق. ويضيف القريني أن فرض ضريبة مبيعات على مواد البناء مع بدء تطبيق قانون الضرائب العقارية من شأنه أن يعقد قضية الاسكان أكثر في المرحلة المقبلة لأن كل ذلك يدخل في التكلفة ومن ثم ترتفع الأسعار الى معدلات قياسية اذا وضعنا في الاعتبار امكانية ارتفاع أسعار مواد البناء ذاتها بفعل فتح باب التصدير خاصة للأسمنت أو السيراميك في الفترة المقبلة، حيث تسعى بعض المصانع المنتجة لمواد البناء للحصول على عقود تصديرية ضخمة للسوق القطرية في اطار اقامة البنية الأساسية اللازمة لاستضافة كأس العالم في 2022 والمتوقع أن تعاني المنطقة العربية بأكملها من نقص حاد في مواد البناء بسبب الاحتياجات الهائلة للسوق القطرية على مدى السنوات المقبلة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©