كثيب فولاذ ينهض من البحر، كمارد عملاق استيقظ من سبات مجهول، امتد جسر الشيخ زايد فوق الماء، فتح ذراعيه لاستقبال القادمين من طريق دبي، وبسط ذاته ليعبر فوقه المغادرون إليها.
لا أنسب من وصف “الإنجاز” لوصفه ونقل صورته للناس، والإحساس بقيمته لا يعرفه سوى من اعتاد قطع الطريق كل نهار مرتين ذهابا وإيابا على جسر المقطع متجها إلى ضواحي أبوظبي مثل مدينة خليفة والشهامة والرحبة وصولا إلى السمحة ودبي.
الإنجاز الكبير في البنية التحتية لإمارة أبوظبي، يماثله إنجاز آخر من الإبداع في هندسة جسر الشيخ زايد، وروعة ما قدمه من رؤية جديدة لمناطق بكر في جزيرة أبوظبي الساحرة.
تقف فوقه فتشاهد جسر المقطع صغيرا بجواره، وترى الجهة الأخرى منه، يطل برج المقطع أمامك، وتتخايل في الفتحات طيفا لإماراتي قديم سهر يحرس الجزيرة الهادئة من تطفل المعتدين، يوم كان الخوض في مياه البحر، وقت الجزر، الطريقة الوحيدة للوصول إلى أبوظبي، ينتظرون المياه تنحسر ويقترب إليهم قاع البحر ليقطعوا الطريق.
على ذاك المعبر الصغير للجزيرة، خرج كثيب ضخم يزين جسر الشيخ زايد، يمد شارعا بطول مزدوج يصل إلى 850 متراً، ويرتفع 20 مترا عن سطح البحر، بينما يرتفع القوس الفولاذي 60 مترا عن الماء، وكأنه يقول إن نهضة أبوظبي تعانق السماء.
خطوط وهياكل متجمعة فوق القناة المائية الصغيرة، يرتفع منها الموج صغيرا وكبيرا بشكل متمايل يأسر العيون، لكنه أيضا يخدم حركة الملاحة فيتناسب معها دون عرقلة، وتمر من تحته القوارب والسفن الصغيرة بأمان، وفي الوقت ذاته يسمح للتيارات المائية بالمرور أيضا، ليتجدد ماء البحر ويتحرك في المكان، فيحافظ على البيئة التي تولي لها الإمارات عناية كبيرة.
إذا زرت الجسر نهارا، لا تمنع نفسك من ركن سيارتك على أحد “كتفيه” فكل مساحة جانبية على طرفه عرضها 3 أمتار، ترجل من السيارة واسمح لذاتك أن تستنشق هواء الخليج العربي، وتراقب البحر اللازوردي، وتمعن في حجم النهضة التي تقبل عليها أبوظبي.
وإذا قررت العبور فوق الجسر ذي الحارات الأربع ومساحة كل واحدة 3،65 متر، انظر لليابسة التي تستقبلك بترحاب، وأنت تنزل إلى مقابل نادي الجولف في مدينة خليفة، وعلى يسارك يتهادى مسرح شاطئ الراحة، حيث يفرض الشعر كلمته ويتوج أمراءه.
المعبر الرابع لجزيرة أبوظبي، يقدم مساندة فاعلة في التطور المتسارع الذي تشهده الإمارة، لكنه يمثل أيضا إضافة سياحية مهمة لها، فالشكل الجمالي الرائع يجعل الجسر قبلة لعشاق التصوير الذين تراهم ينصبون كاميراتهم مع كل غروب على جانبيه، ليفوزوا بلقطات استثنائية من موقع استثنائي لمكان استثنائي جميل.
عدد اليوم
