الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

رحيل بينوشيه يطوي صفحة سوداء في تاريخ تشيلي

رحيل بينوشيه يطوي صفحة سوداء في تاريخ تشيلي
12 ديسمبر 2006 00:43
سانتياجو -وكالات الأنباء : كان دكتاتور تشيلي السابق اوجوستو بينوشيه ، يتباهى بالسيطرة حتى على أوراق الشجر خلال بقائه الطويل في الحكم ففي أحد الأيام ، قال الجنرال بينوشيه، ''لا تتحرك ورقة شجرة في هذا البلد اذا لم احركها بنفسي، فليكن هذا واضحا''· وتولى بينوشيه الذي توفي أمس الأول عن 91 عاماً في سانتياجو، قيادة أحد أشد الأنظمة العسكرية تعسفاً في أميركا اللاتينية من 1973 إلى1990 وكان السلوك المشاغب لاوجوستو بينوشيه اوجرات، المولود في 25 نوفمبر 1915 في فالباريزو ، سبباً لطرده من المدرسة، فلم يتمكن من متابعة دروسه·وهو ابن عسكري متحدر من عائلة فرنسية غادرت سان مالو في بريتانيا مطلع القرن الثامن عشر·وفي ال 15 من عمره رغب بينوشيه في دخول المدرسة العسكرية، لكنه لم يقبل فيها الا بعد المحاولة الثالثة في1932 وفي العام ،1940 تزوج من لوسيا هيريارت التي انجب منها ثلاث بنات وصبيين· وبعد سبع سنوات، تولى الكابتن بينوشيه في ايكويك الأشراف على معسكر كان يسجن فيه قادة الحزب الشيوعي الذي حظره الرئيس جابرييل جونزاليس فيديلا (1946 - 1952)· وعندما انتخب الاشتراكي سلفادور الليندي رئيساً في الرابع من سبتمبر ،1970 رقي اوجوستو بينوشيه الى رتبة جنرال· وعندما استقال الجنرال كارلوس براتس من قيادة الجيش في اغسطس ،1973 أوصى بالجنرال بينوشيه خليفة له، قائلا إنه ''قدم ما لا يحصى من الأدلة عن ولائه''· الا أن بينوشيه قام بعد ثلاثة أسابيع، في 11 سبتمبر ،1973 بإنقلاب أطاح الليندي وأدى الى انتحاره· واستفاد الدكتاتور بينوشيه من حماية الولايات المتحدة التي ساعدته كثيرا خلال الانقلاب ولم يتسلم بينوشيه السلطة على أثر تدخل اميركي مباشر، لكن العمليات التي قامت بها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي·اي·ايه) منذ ،1970 جعلت انقلابه ممكناً، بعد انتخاب الاشتراكي سلفادور الليندي رئيساً للجمهورية التشيلية· وخشية أن يستغل السوفيات انتخاب حكومة اشتراكية في تشيلي لاقامة نظام شيوعي في أميركا الجنوبية، قررت واشنطن التحرك بطريقة سرية عبر وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية، لمحاولة اطاحة سلفادور الليندي واستبداله برجل من اليمين يعتنق مبادىء العقيدة الأميركية· وحين شارف حكم بينوشيه نهايته، قال أكثر من 53 % من التشيليين الذين دعوا الى الادلاء بأصواتهم خلال استفتاء في 1988 ''لا'' لطلبه البقاء في الحكم عشر سنوات إضافية· وفي ،1990 تخلى عن السلطة للديموقراطي المسيحي باتريشيو ايلوين·ومنذ ذلك الحين، وبعد توقيفه في لندن والحكم عليه بالاقامة الجبرية في منزله من أكتوبر 1998 الى مارس ،2000 بدأت ملاحقته ووجهت إليه في تشيلي التهم في بضع قضايا خطيرة إلا أنه لم يحاكم على اي منها·وكانت عمليات الإعدام الجماعية للمعارضين بعد الانقلاب، المؤشر الأول للثمن الذي سيدفعه المجتمع التشيلي ''للديموقراطية المحمية'' من ''الخطر الشيوعي'' الذي كان يؤرق بينوشيه· وإضافة الى عمليات الاعدام، سجن الكثير من قادة اليسار ونفى مئات آلاف الاشخاص بالإضافة الى القمع العنيف للتظاهرات التي طالبت ابتداء من 1983 بعودة الديموقراطية·وفي ،1986 نجا بينوشيه من اعتداء شنته ''الجبهة الوطنية مانويل رودريجيز'' المسلحة والمرتبطة بالحزب الشيوعي· وفي عهده لقي أكثر من ثلاثة آلاف شخص حتفهم بسبب العنف السياسي· وقتل الكثيرون على أيدى الشرطة السرية· وفي 2004 بدأ القضاء ملاحقته في ملف كوندور، وهو خطة مشتركة للدكتاتوريات في أميركا الجنوبية ترمي الى القضاء جسديا على المعارضين، فقررت المحكمة العليا رفع الحصانة التي كان يتمتع بها بصفته رئيساً سابقاً· ومنذ ذلك الحين، لم يتوقف سيل الشكاوى ضد بينوشيه: فقد اضيفت الى الملاحقات بسبب التهرب من دفع الضرائب، شكاوى التعرض لحقوق الانسان، كاختفاء معارضين في فيلا غريمالدي التي كانت السجن الرئيسي للنظام، او قافلة الموت التي كانت مشروعاً دموياً نفذته مجموعة عسكــــــــرية بعيد الانقلاب· وكاد يصدر الحكم على بينوشيه نتيجة تحقيق في التزوير الضريبي بدأ في منتصف مايو ،2004 ويتعلق بحسابات سرية فتحت في الخارج بين 1994 و·2002 وبرغم ان يديه المخضبتين بالدماء فإن قسماً كبيراً من الشيليين استمروا في تأييدهم له حتى بعد وقت طويل من خروجه من السلطة اعتقاداً منهم أن أعمال الجنرال العجوز أعادت الاستقرار والرخاء إلى شيلي· لكن صورة بينوشيه كزعيم قاس ولكنه نزيه تلطخت اثر اكتشاف ملايين الدولارات مودعة في عشرات الحسابات السرية في الخارج·ومن ثم صار منبوذاً ومحتقراً في عيون غالبية الشيليين الذين كانوا يشكون في فساده· وامتزجت ردود الفعل على وفاة الديكتاتور بينوشيه في شيلي بالدموع والشمبانيا حيث أبدت جماعات لحقوق الإنسان أسفها لأنه لم يسمع حكماً ضده بالادانة ''جزاء وفاقا'' لانتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبها خلال فترة حكمه التي استمرت 17 عاما· وتباينت ردود الفعل حيث راح مؤيدوه ينشدون السلام الوطني ويحملون صوره خارج المستشفى العسكري في سانتياجو حيث لفظ أنفاسه الأخيرة فيما احتشد خصومه عند القصر الرئاسي للاحتفال بوفاته وراحوا يصرخون فرحا وهم يلوحون بأعلام الأحزاب والمنظمات اليسارية·وتحولت الولايات المتحدة من تأييد انقلاب عام 1973 الذي جاء ببينوشيه إلى السلطة إلى وصف ديكتاتوريته بأنها ''واحدة من أصعب الفترات'' في تاريخ شيلي· وفي البرازيل عقب الرئيس لولا دا سيلفا قائلا أن بنيوشيه كان رمزا ''لفترة رعب'' في تاريخ أميركا الجنوبية· وقال خوسيه فيسنت رانجيل نائب رئيس فنزويلا ''إنه يحترم الموت والموتى'' ولكنه أضاف ''إن الموت أنهى حصانة بينوشيه''· وأصدرت منظمة العفو الدولية بياناً قالت فيه ''إن وفاة أوجستو بينوشيه يتعين ألا تغلق أشد الصفحات سوادا في تاريخ شيلي''· وبوفاة بينوشيه تطوى صفحة سوداء في تاريخ التشيلي التي كان فرض فيها أحد أعتى الأنظمة العسكرية في أميركا الجنوبية· وأعلن سكرتير الحكومة ريكاردو لاجوس فيبر أنه لن تقام مراسم تشييع رسمية ولن يعلن الحداد الوطني على الدكتاتور بينوشيه، بل ستقتصر جنازته على المراسم العسكرية·وقال المتحدث باسم الحكومة إن ''الحكومة أجازت تنكيس الأعلام على المنشآت العسكرية''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©