الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيراً تعمل·· شراً تلقى

12 ديسمبر 2006 00:32
لعل من أصعب دروس الحياة وأقساها أن تخدم وتعين وتعاون وتساعد وتضحي بالكثير من أجل غيرك، مقابل أن ينكر غيرك جميلك ويحط من شأنك ويقلل من مقدارك فــ ''نكران الجميل'' ''آفة'' مجتمعية قد ساهمت وبشكل فعال في تحطيم النفوس، وتدمير الأبدان، فتخيل معي يا عزيزي القارئ، أنت تسعى وغيرك يلسعك ويحاول بشتى الطرق تدميرك، وعلى رأي مثلنا العامي ''ايدي في فمه، وصبعه في عيني''، ولعل لنكران الجميل أشكال متعددة في شتى الميادين، أحاول وعبر مقالي تسليط الضوء عليه، فهو لا يتواجد أبدا في مكان واحد، بل هو موجود في عدة أماكن وفي عدة مواقف من حولنا: ü نكران جميل الأبوين: ولعل هذا من أصعب أنواع نكران الجميل، فالأم والأب يحرصان على توفير الرعاية والاهتمام لأبنائهم ، ويسعيان إلى توفير لقمة العيش الهنية لأبنائهم، ولو كان ذلك على حساب تعبهم وصحتهم وكفاحهم في الحياة، فها هي الأم تحمل أبناءها وهناً على وهن، وتعاني طلوع الروح من الروح في سبيل إخراجهم إلى النور، وتسهر عليهم الليالي والشهور، تمرض لمرضهم وتفرح لفرحهم، وتحزن لحزنهم، وتبكي لدموعهم، وها هو الأب يكدح ويشقى، ويربي ويحرص على تأصيل العلم والأدب في قلوب الأبناء، ليأتي بعض الأولاد وبعد كبرهم، ويضربون كل ذلك بعرض الحائط غير مبالين بكل التضحيات، ولتصبح نهاية هذا المسلسل الحياتي: دار العجزة للأم والأب المكلومين!· ü نكران جميل الموظف: ونقصد هناك الموظف الكادح الناجح الذي يسعى وبكل ما أوتي من قوة إلى رضا الله سبحانه وتعالى أولا، وإلى رضا ضميره وتحليل راتبه، ثم يأتي بعد ذلك سعيه وحرصه على إرضاء زبائنه، وإلى إرضاء زملائه، وبالتأكيد إلى إرضاء مديره، فنراه يكدح ويعمل ويستحمل الأشرين ويبلع الظلم والقهر من أجلهم، ويدفع بالتي هي أحسن من أجل أن يوفر المناخ المناسب لزملائه في العمل، ويساهم في طرح الأفكار المبتكرة، ويواكب ركب التقدم والتكنولوجيا من أجل أن يرفع ويترقى بالمؤسسة التي ينتمي إليها، ويحاول وبقدر الإمكان أن يلبي طلبات الجميع ويخدمهم ولو على حسابه الخاص ولو على طاقته المحدودة، وفي الأخير لا يرى إلا نكران الجميل من بعض عملائه، ونكران الجميل من أقرب زملائه، والتحبيط الدائم ونكران الجميل وقسوة القلب من مديره، وبعد كل ذلك يأتي هذا الموظف ليصبح موظفاً خالياً خاوياً من لمسات الإبداع، لأنه لم يجد سوى نكران الجميل ممن يعملون من حوله! ü نكران جميل الصديق: لعل مقولة ''الصديق وقت الضيق'' هي مقولة قديمة، ولكنها متجددة دائماً في حياتنا، فالصديق يبرز في المهام الصعبة وفي النائبات، وما أكثر الإخوان حين تعدهم، ولكنهم في النائبات قليل، وما أكثر الأصدقاء من حولنا، يجولون من حولنا كالفراشات، فتضحك وتمرح وتفرح معهم، وتنبهر بألوانهم الزاهية وبنقاء قلوبهم، إلا انك لا تكتشف نواياهم الحقيقية إلا بعد أن تتعرض لأزمة أو شدة أو مشكلة معينة، ليكشف جراءه الوجه الحقيقي للصديق، وتنقشع عنه ملامح الطيبة لتتحول وبطبيعة الحال إلى ملامح الحقد والضغينة والكراهية، وإظهار ما كان مخفياً عن الأعين والبال، ليصبح ''نكران جميل الصديق'' هو العنوان الأمثل لمثل هذه النائبات التي يتعرض لها الأصدقاء الأوفياء في هذا الزمن! ü مسك الختام: هذه الأمثلة ما هي إلا قليل من كثير متواجد من بيننا، مثل ما ذكرت من الصعب على الإنسان أن يمرر هذه المواقف مرور الكرام، كما تعلمون يا قرائي نفسية أي شخص يتعرض لمثل هذه المواقف، ويعاني مثل هذه الظروف التي تتعب النفس كثيراً، وتلزمه للاستسلام إلى البكاء على الاطلال، ومع هذا أسعى وعبر مقالتي هذه إلى مسح دموع كل من عانى من نكران الجميل، ولعلي أولاً أن أبدأ بكفكفة دموعي جراء نكران الجميل، وأقول لكل من تعرض إلى ما هو أسوأ مما ذكرته: لا تزال الدنيا بخير، ولا يزال هنالك من يقدر عملنا، ولا ينكر جميلنا على الإطلاق، اسع جاهداً إلى تقديم الأفضل، حاول أن تشجع نفسك بكل الطرق، لا تكدر بخاطرك إطلاقاً، فالله تعالى كبير ، ومن ظلمك فسوف يظلم في يوم من الأيام، وتذكر بأن تكون دائماً مع الله، ولا تبالي إطلاقاً بما يفعله السفهاء من حولنا! ريا المحمودي ــ رأس الخيمة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©