الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في دافوس.. مساع إيرانية لفتح «البازار»

28 يناير 2014 22:46
في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس وأمام رجال الأعمال والقادة السياسيين يروج الرئيس الإيراني، حسن روحاني، لبلاده باعتبارها فرصة استثمارية كبرى، لكن وفيما يبدي المستثمرون استعدادهم لسماع ما يقوله، إلا أنه يبقى من غير الأكيد ما إذا كانوا سيقتنعون به. ولم يقتصر روحاني على تأكيد رسالته تلك أمام جلسات النقاش المملوءة عن آخرها بالحضور، بل حرض أيضاً على إيصال الرسالة وتكرارها في اللقاءات الخاصة والجانبية مع مديري الشركات ورجال المال والأعمال، ففي خطابه الذي حظي بمتابعة حثيثة حض روحاني المشاركين في منتدى دافوس بالقدوم إلى إيران و«الوقوف على المجالات الاستثمارية الواعدة»، بيد أن الوقت قد يستغرق سنوات طويلة قبل أن تنضج تلك الفرص الاستثمارية وتدر أرباحاً على المستثمرين، لا سيما في ظل الجدل المستمر حول برنامج إيران النووي. فرغم التوصل إلى اتفاق مرحلي حول البرنامج بين الولايات المتحدة وإيران ودخوله حيز التنفيذ خلال الأسبوع الماضي، فإن الاتفاق المؤقت لا يخفف سوى بعض العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني التي تواصل كبحها لإمكانات النمو الاقتصادي، فمعظم العقوبات التي تمس قطاعات حيوية من الاقتصاد تظل قائمة، وليس هناك من ضمانات مستقبلية لتوصل المفاوضين إلى اتفاق شامل يحل المشكلة النووية على المدى البعيد ويفتح بحق الأسواق الإيرانية أمام الاستثمارات الأجنبية، بل إن روحاني نفسه اعترف بأن خطته الرامية لإعادة إدماج إيران في الاقتصاد العالمي دونها «طريق صعبة وملتوية». كما أن العديد من الشركات، وبخاصة الشركات الأميركية، تنتظر الموافقة الحكومية في واشنطن وليس الدعوات القادمة من طهران، فهم سيترددون قبل إعادة اكتشاف السوق الإيرانية وسينتظرون إلى أن تُرفع جميع العقوبات المفروضة على البلد ويحصلون على الضوء الأخضر من الحكومة الفيدرالية، لا سيما وأن وزارة الخزانة الأميركية هددت بفرض غرامات ثقيلة على الشركات التي تتجرأ على العودة إلى إيران فيما العقوبات ما زالت سارية، وقد كان لافتاً إعلان وزارة الخزانة خلال الأسبوع الجاري فرض عقوبة تقدر بحوالي 152 مليون دولار على وحدة تابعة لشركة «دوتش بورز» الألمانية لخرقها قانون العقوبات ضد إيران وامتلاكها لأوراق مالية صادرة عن بنك إيران المركزي، ومع أن الإجراء تم في عامي 2007 و2008، إلا أنه كان لافتاً الإعلان عنه بالتزامن مع إلقاء روحاني لخطابه في دافوس. يوم الخميس الماضي، وعلى هامش المنتدى حرص الرئيس الإيراني على التحدث إلى مجموعة ضمت 35 من رجال الأعمال للترويج للفرص الاستثمارية الواعدة التي تقدمها بعض المجالات الاقتصادية في إيران، مثل قطاع السيارات والمناجم وقطاع النفط، لكن عندما سئل، حسب مصدر مطلع حضر هذه اللقاءات، من قبل مدير شركة أميركي عما إذا كان يستطيع ضمان التوقيع على اتفاق نووي شامل ونهائي، كان الجواب، لا. ومع أن التوقيع على اتفاق نووي مرحلي بين إيران والقوى الغربية، فتح باب التكهنات واسعاً باحتمال فتح السوق الإيرانية أمام الاستثمارات الغربية، ما أثار شهية شركات النفط وباقي المستثمرين، إلا أن تلك الفرص لن ترى النور إلا بوجود إمكانية حقيقية لتحول الاتفاق المرحلي إلى آخر دائم ونهائي يرفع العقوبات الأميركية الصارمة على الاقتصاد الإيراني التي تعيق لحد الآن الشركات من الدخول إلى إيران. وبالإضافة إلى العقوبات التي لا تساعد إيران على الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية، هناك أيضاً علاقتها المتوترة مع جيرانها الأغنياء، فقد أكد روحاني أنه حريص على فتح قنوات التجارة مع جميع الدول المجاورة، أو على الأقل تلك الدول التي تعترف بها إيران- وبالطبع ليس إسرائيل ضمن تلك القائمة- ولا ننسَ العلاقات المتشنجة مع السعودية التي تعد البلد الأغنى في المنطقة، وهو ما أكده رجلا أعمال من السعودية سمعا خطاب روحاني بدافوس ورفضا الإفصاح عن هويتهما، حيث عبرا عن شكهما في امتلاك الرئيس الإيراني للسلطة الحقيقية التي تمكنه من إحداث اختراق حقيقي في الصراع السياسي مع الغرب وفتح الاقتصاد الإيراني أمام العالم. ويبدو أن نجاح روحاني من فشله يعتمد بالأساس على الظروف السياسية أكثر من العوامل الاقتصادية، لا سيما وأن منتقديه داخل إيران من الجناح المتشدد للنظام ما زالوا قادرين على حرف مسار المفاوضات وإجهاض فرصة التوصل إلى اتفاق نووي شامل ونهائي، كما أن لهفة بعض الشركات الأوروبية للعودة إلى إيران قد تدق إسفيناً بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذين يملكان مواقف متباينة حول الطريقة التي يتعين بها تطبيق العقوبات. كما أن بعض صناع القرار الأميركيين ليسوا مطمئنين كثيراً للاتفاق النووي مع إيران، وإنْ كانوا لحد الآن يمتنعون عن فرض مزيد من العقوبات على الاقتصاد الإيراني، ويحاولون ثني الكونجرس عن تمرير قرارات جديدة في هذا الخصوص. وقد أثارت بعض شركات النفط والغاز مثل «رويال دوتش شيل»، وشركة «إيني» الإيطالية، غضب بعض مسؤولي إدارة أوباما بعد لقائها مع مسؤولين إيرانيين إثر التوقيع على الاتفاق المرحلي في شهر نوفمبر الماضي، ويمثل ظهور روحاني في دافوس ومساعي الترويج لبلاده أهم المحاولات التي تبذلها طهران على مستوى رفيع لإقناع رجال الأعمال بالاستثمار في إيران بعد رفع العقوبات الاقتصادية، لكن إقناع الشركات بدخول إيران لن يكون عملية سهلة، بل سينطوي على صعوبات وتعقيدات جمة لن تحل إلا بالتوصل إلى اتفاق سياسي شامل مع الغرب حول البرنامج النووي المثير للجدل. ‎جميلة تريندل دافوس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©