الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبه الجزيرة الكورية: عودة أجواء الحرب الباردة

شبه الجزيرة الكورية: عودة أجواء الحرب الباردة
11 ديسمبر 2010 21:19
عندما انفجرت أولى قذائف المدفعية الكورية الشمالية في جزيرة يونبايونج، أثار ذلك الحدث موجة من الضحك بين سكان الجزيرة، الذين تلقوا إنذاراً صباحيّاً بأن قوات البحرية الكورية الجنوبية ستقوم باستخدام الرصاص الحي في تدريباتها لذلك اليوم. وعليه اعتقد بعض السكان أن أحد جنود البحرية قد أطلق قذائف مدفعيته خطأً باتجاه الجزيرة، بدلاً من أن يطلقها في مياه البحر. ومن بين هؤلاء قالت المعلمة في رياض الأطفال "دان شون-ها": "بكل تأكيد، سوف يفقد أحد القادة العسكريين البحريين وظيفته اليوم" ثم ضحكت قبل استئنافها للدرس الذي كانت تقدمه لأطفال الصف. ولكن عندما اشتد القصف، وارتفعت إنذارات قوات الدفاع المدني الكوري الجنوبي عبر مكبرات الصوت للمواطنين، بدأ سكان الجزيرة يدركون أن الأمر لم يكن قذائف تطلقها قوات بحرية بلادهم في مياه البحر، وإنما هو أمر مختلف جدّاً عما ظنوه. ثم تسارع هطول القذائف على جزيرتهم كالمطر، وشبت ألسنة النيران واللهب في بعض البيوت والبنايات، ومعها علت الصرخات ونداءات الاستغاثة هنا وهناك! وعقب ذلك الهجوم الذي نفذته مدفعية بيونج يانج في 23 نوفمبر الماضي ضد جزيرة يونبايونج، وخلف وراءه مصرع اثنين من قوات البحرية الجنوبية وعدد من عمال الإنشاءات، اهتزت ثقة الكوريين الجنوبيين في أن جارتهم الشمالية لن تؤذيهم يوماً ما. وخلال السنوات الأخيرة الماضية، التي تخللتها سياسة "الشمس المشرقة" التي تبناها الرئيس الكوري الجنوبي السابق "كيم داي-يونج"، وزيارته التاريخية إلى بيونج يانج في عام 2000، التي نال بسببها جائزة نوبل للسلام في ذلك العام تثميناً لجهوده في تعزيز التواصل وعلاقات حسن الجوار بين الكوريتين، كانت معظم عناوين الأخبار الرئيسية الخاصة بكوريا الشمالية في الجنوب تتعلق بالجوانب الثقافية والاقتصادية. وشملت تلك الأخبار تغطية قضايا تشير جميعها إلى تحسن العلاقات بين الكوريتين مثل: أول لم لشمل الأسر، وإنشاء أول خط حديدي يصل بين الكوريتين، وتعبيد أول طريق بري يشق المنطقة منزوعة السلاح منذ الحرب الكورية 1953-1950.. إلى آخره. ولكن عاد اليوم الكوريون الجنوبيون مرة أخرى إلى ذهنية الحرب الباردة، التي سادت العلاقات بين الكوريتين طوال عقد ثمانينيات القرن الماضي، وهي الفترة التي طغت فيها إعلانات "البوستر" الكبيرة الملصقة في عربات مترو سيئول وغيرها، عن مكافآت قيمة لكل من يبلغ عن جاسوس كوري شمالي، بينما اشتمل بعضها على إرشادات عن الكيفية التي تمكن الأطفال من العثور على أقرب ملجأ ضد قنابل كورية شمالية يحتمل وقوعها في أي وقت على سكان المدينة. وعن هذه السنوات تقول المعلمة "دان شون-ها" -التي سبق ذكر اسمها أعلاه، والبالغة من العمر 43 عاماً- لا زلت أذكر أننا اعتدنا عندما كنا أطفالاً صغاراً على تدريبات القصف الجوي التي كانت تجريها قواتنا الجوية، وكنا نأخذها على محمل الجد ونعرف جيداً كيف نختبئ بأسرع وقت في أقرب ملجأ شيد لحمايتنا في حال وقوع قصف جوي كوري شمالي علينا. ولكن تغير الأمر خلال السنوات الأخيرة الماضية، ولم تعد قواتنا تجري مثل تلك التدريبات الاحترازية. أما اليوم، فقد تعين على أطفالنا مجدداً تعلم ما تعنيه الحرب بالفعل. يذكر أن معلمة رياض الأطفال هذه، ضمن نحو 1300 من سكان جزيرة يونبايونج المدنيين الذين تم إخلاؤهم من هناك ويسكنون حاليّاً في مدينة إنشيون الساحلية القريبة من جزيرتهم. يذكر أن قوات البحرية الكورية الجنوبية كانت تجري تدريبات عسكرية في مياه الجزيرة الشهر الماضي، وأن بيونج يانج بعثت بإنذارات رسمية إلى سيئول تفيد بنظرة بيونج يانج إلى تلك التدريبات على أنها "استعدادات لغزو كوري جنوبي". وعقب القصف الكوري الشمالي للجزيرة، أدانت الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية ذلك العدوان، بينما شجبت الدول نفسها الصين -الحليف الرئيسي لبيونج يانج- بسبب عدم إدانتها للعدوان. يذكر أن بكين لا تزال على مساندتها لحليفتها كوريا الشمالية، في ذات الوقت الذي تحمل فيه الطرفين الشمالي والجنوبي مسؤولية التوتر والتصعيد العسكريين بينهما. وكان "داي بنجو" -أحد كبار مسؤولي ومستشاري الخارجية الصينية- قد التقى بالزعيم الكوري الشمالي كيم يونج إيل يوم الخميس الماضي، وأعلنا أمام الكاميرات الصحفية:لقد توصل الطرفان إلى تعزيز علاقاتهما الثنائية، وكذلك بحثا الوضع الأمني في شبه الجزيرة الكورية، عقب مناقشات صريحة وعميقة جرت بينهما" حسب ما أوردته وكالة "الصين الجديدة" الرسمية. وفي كل ذلك ما يعمق مخاوف سيئول وحلفائها الغربيين، ويكرس بالتالي ذهنية الحرب الباردة في شبه الجزيرة الكورية مجدداً. وقبل ذلك الإعلان عن الاتفاق الصيني- الكوري الشمالي بيوم واحد، ردت المتحدثة باسم الخارجية الصينية "جيانج يو" على الانتقادات التي وجهها الأدميرال الأميركي مولن- قائد الأركان المشتركة- إلى بكين بسبب عدم لجم جماح حليفتها الشمالية بيونج يانج، بقولها: إنني أسأل أولئك الذين يوجهون الاتهامات إلى الصين، عما قدموه من إسهام لتعزيز السلام الإقليمي للمنطقة. وفي تطور متصل لردود الأفعال هذه على الهجوم الكوري الشمالي على الجزيرة المذكورة، أعلن حاكم ولاية "نيو مكسيكو" بيل ريتشاردسون- السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة- عزمه على زيارة بيونج يانج لمدة أسبوع بصفة غير رسمية. وقال في بيان رسمي أصدره مؤخراً: "إذا ما تمكنت من المساهمة في تخفيف التوتر الحالي في شبه الجزيرة الكورية، فإن هذه الزيارة تستحق القيام بها دون شك". باربرا دميك إنشيون- كوريا الجنوبية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©