الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصة وفاء

30 سبتمبر 2014 23:34
«غيّر هاتفه النقال بعد 15 سنة من الاستخدام، لأنه لم يجد بطارية هاتف، فقد أصبح قديماً من عهد الزمن القديم، ساعته القديمة باتت بالية، إلا أنه لا يزال يلبسها ويحرص عليها لو كانت جديدة، نظارته الكلاسيك هي نفسها من سنين طويلة لم تتغير، كيف لا وكل هذه المقتنيات كانت هدية من زوجته المتوفاة. ابيضت لحيته فلم يفكر بصبغها، بات الكبر والوقار على وجهه السمح، فلم يفكر في أن يعيده إلى شبابه الذي مضى، صامت طوال الوقت لا يتكلم إلا قليلا، تراه دائماً منغلقاً في غرفته يتأمل صورة زوجته المخلصة وأم أبنائه السبعة. رصيد تقاعد زوجته يجري في البنك، فلم يفكر يوما في أخذه، أحبها بصدق، فبنى لها مسجداً في إحدى الدول كي يتم أجر المصلين في ميزان حسناتها، يقدم الكثير من الأعمال الخيرة، ويستودعها لزوجته ليرفع بدرجاتها في الآخرة، ذكرياتها دائما تمر أمامه فيذكرها، ويحدث أبناءه عن ذكرى أمهم لتكون قدوة لهم، فهو وفي لم يتزوج بعد وفاتها رغم أنها تركت له الأطفال صغاراً، تعب على تربيتهم، حمل همهم وحيداً، رباهم تربية صالحة، حتى كبرهم وجعلهم أبناء ناجحين وفيين لذكرى والدتهم....نعم ذلك هو الوفاء الحقيقي»، نعم ذلك هو الزوج المخلص الوفي..الرجل الحقيقي في زمن الإخلاص والوفاء قليل -إلا من رحم ربي – فهل يا ترى فكرت يوماً أن تكون وفياً لمن حولك؟. العديد منا مشغول بأمور عديدة ومتنوعة، فمشاغل الحياة كثيرة، تعصف بنا وتجعلنا ننسى التفكير في مثل هذا الأمور، إلا أنها في غاية الأهمية لأن خصلة الوفاء من أجمل الخصال وأحلاها، فالوفاء كلماتها رقيقة تتكون من أربعة معان: الإخلاص، العطاء، البذل، المحافظة على العهد. ما أجملها من كلمات، وما أحلاها من مفردات، تؤكد أن الوفاء لا يتحقق إلا إذا بتضافر ثلاثة عناصر: الحب، والإنسانية، والإيمان، فالحب محرِّك الوفاء، والإنسانية ضمانه وبها استمراره، والإيمان هو الضابط له، وبه يكمل ويربو، تلك هي معالم الوفاء التي ينبغي أن تبنى العلاقات الأسرية على أساسها، تلمّسناها من هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام سيد الأوفياء، فحري بأهل الإيمان أن يكون الوفاء شعارهم، وعنوان حياتهم، ليحققوا السعادة، ويهنأوا بالحياة. مسك الختام: هل تملكك عزيزي القارئ فضولا بأن تعلم بطل قصة هذه المقالة الذي أخبرتك عن وفائه في أول المقالة؟. ذلك الشخص الوفي الذي لم أر لوفائه مثيلاً في زمن تعصف فيه المغريات، وتدب في روحها حب الأنفس وحب الدنيا، واللهو بها هو «والدي الحبيب»، نعم أفخر به لأنه قدم لنا نحن ـأبناؤه ـ نموذجاً رائعاً يحتذى به من الوفاء الصادق لزوجته بعد سنين طويلة من الإخلاص والمحبة والإيثار، فاحرص على أن تترك في هذه الحياة بصمة من الوفاء، كن وفياً لوالديك، لزوجتك، لأبنائك، لخلانك، لكل من حولك، واحرص على أن تتميز بها، وتجعل الجميع ينادونك بالوفي، تجد السعادة في الحياة، والذكرى الطيبة في الممات..وانتم أهل لها. ريا المحمودي - رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©