الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«حرب العملات» تشعل سوق الصرف الأجنبي في مصر

«حرب العملات» تشعل سوق الصرف الأجنبي في مصر
11 ديسمبر 2010 20:33
بدأت حرب العملات العالمية تلقي بظلالها على سوق صرف النقد الأجنبي في مصر على مدى الأسابيع القليلة الماضية، الأمر الذي أحدث حالة من الاضطراب الشديد في أوضاع السوق وتأثرت بها سلباً العديد من الأطراف الاستثمارية استيراداً وتصديراً وتعاملات يومية للأفراد. وساهم في حدة هذه الأثار أوضاع بورصة الأوراق المالية وحركة الاقتصاد الكلي وتطورات حرب العملات العالمية مما خلق حالة نفسية غير مواتية في سوق الصرف أدت إلى انفلات سعر الدولار الأميركي ليقترب من 580 قرشاً، بينما هوى سعر صرف اليورو ليقترب من سبعة جنيهات وتفقد العملة الأوروبية الموحدة نحو 15% من قيمتها في الأشهر العشرة الأخيرة في الوقت الذي حقق فيه الدولار مكاسب يراها متعاملون في السوق غير حقيقية وغير مبررة لأن حجم تعاملات السوق المصرية مع الأسواق الأوروبية أكبر بكثير من حجم تعاملاتها مع السوق الأميركية من الناحية التجارية. وتشير التوقعات إلى استمرار حالة الاضطراب في سوق الصرف الاجنبي في مصر طوال شهري ديسمبر الجاري ويناير المقبل، رغم الهدوء بالأسواق العالمية بفضل اتفاق مبدئي بين القوى الاقتصادية الكبرى لكن العوامل المحلية الصانعة لحالة الاضطراب لاتزال قائمة. وفي مقدمة هذه العوامل عمليات البيع الواسعة التي تمارسها صناديق الاستثمار الاجنبية في بورصة الأوراق المالية على نحو شبه يومي وما يترتب عليها من تحويل قيمة مبيعات هذه الاسهم إلى خارج مصر بما يمثله ذلك من ضغط متواصل على سوق الصرف وتزامن ذلك مع عمليات فتح اعتمادات مستندية من جانب شركات محلية لاستيراد سلع ومواد أولية لاسيما أن شهر ديسمبر يمثل فترة موسمية لمثل هذه العمليات لرغبة المستوردين في التعاقد على كميات كبيرة من السلع بأسعار العام الجاري تحسبا لرفع الأسعار مع بداية العام الجديد. كما يشهد شهر ديسمبر إغلاق الحسابات الختامية للشركات والبنوك تمهيدا لإعداد الميزانيات والقوائم المالية، بما يتضمنه ذلك من ضرورة تغطية المراكز المكشوفة من النقد الاجنبي في هذه الشركات مما يدفع الجميع للبحث عن اليورو والدولار في البنوك وشركات الصرافة فيزيد الطلب على المعروض وترتفع الأسعار. ورغم موسمية ما يحدث فإن التزام البنك المركزي المصري سياسة الحياد إزاء ما يجري في سوق الصرف الأجنبي حتى الآن وعدم تدخله بشكل مباشر لضبط إيقاع السوق غير ضخ جزء من الاحتياطي النقدي الدولاري ساهم في تفاقم الاضطراب وتعزيز رؤية المتعاملين وتوقعاتهم بشأن استمرار ارتفاع أسعار معظم العملات الاجنبية والعربية المتداولة. وتشير التوقعات إلى ان سعر الدولار يمضي سريعا في اتجاه ستة جنيهات على ضوء تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية القادمة لمصر مقارنة بحجم التدفقات المتجهة إلى الخارج. ويرى المتعاملون أن ما يجري بشأن أسعار صرف اليورو والدولار في مصر ينعكس على عدد من العملات العربية الأكثر تداولا في السوق المصرية وفي مقدمتها العملات الخليجية لاسيما ان كمية كبيرة من هذه العملات ترد للبلاد مع المصريين العاملين بدول الخليج العربية. وشهدت الأيام الماضية تحركاً إلى أعلى لأسعار عدد من العملات الخليجية الساخنة التي تتمتع بطلب عال نسبياً، وفي مقدمتها الريال السعودي الذي كسر حاجز 154 قرشا والدينار الكويتي الذي يدور حول 20,5 جنيه رغم أن هذه الفترة كانت تشهد هدوءاً موسمياً في الطلب على العملة السعودية لانقضاء موسم الحج. ويشير خبراء السوق إلى أن عمليات تخزين يقوم بها البعض حاليا عبر شراء وتجميع كميات كبيرة من العملات الأجنبية سواء العربية أو الأميركية تمهيداً للمضاربة عليها وانتظارا لمزيد من الارتفاع في أسعارها خلال الأسابيع القليلة المقبلة مما خلق طلبا مفتعلاً على هذه العملات وساهم في صعودها. ويؤكد الخبراء أن المتابعين لتطورات حرب العملات العالمية يرون أن ما جرى لا يتعدى كونه “هدنة مؤقتة” سوف يعقبها فصول جديدة من الأزمة تنعكس على أوضاع اليورو والدولار في أسواق المنطقة العربية وفي مقدمتها السوق المصرية وهذا يعني أن تأثيرات حرب العملات على السوق المصرية لم تنته بعد وان تأثيرات سلبية قادمة في الطريق لاسيما في ظل تنامي الطلب على الدولار سواء لأسباب حقيقية أو لأسباب تتعلق بأهداف مضاربية خالصة. ويطالب البعض بضرورة تدخل حاسم من البنك المركزي المصري بعد أن أصبحت قضية إنفلات سعر الدولار تتماس بشكل مباشر مع السياسة النقدية وان ثمة تأثيرات عالمية باتت تلعب دوراً في القضية، الأمر الذي يفرض دوراً متزايداً للسلطة النقدية في المرحلة المقبلة. وتتمثل ضرورة تدخل المركزي المصري لضبط مسار صرف النقد الأجنبي في التأثيرات التي بدأت تظهر على أسعار السلع الاستهلاكية في الأسواق سواء كانت مستوردة من الخارج بالكامل وتامة الصنع أو سلعاً يدخل في مكوناتها مواد خام مستوردة، كما يشير إلى موجة تضخم جديدة قادمة للبلاد سوف يتأثر بها المستهلكون بكافة شرائحهم الاقتصادية. وحسب بيانات صادرة حديثاً عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري فإن ارتفاعاً ملموساً شهدته أسعار السلع الرئيسية في مصر خلال الشهور الثلاثة الأخيرة في مقدمتها مجموعة الطعام والشراب، رغم الثبات النسبي في مستويات الاستهلاك. ويؤكد حلمي السعيد، رئيس قطاع أمناء الاستثمار في بنك مصر، أن قضية سعر صرف الدولار تمثل ضغوطاً شديدة على قضيتي الاستثمار والأسعار لآن الاستمرار في ارتفاع السعر، خاصة إذا كان هذا الارتفاع ناتجاً عن طلب غير حقيقي أو عن مضاربات يؤثر سلباً على جاذبية السوق الاستثمارية خصوصاً إذا تزامن مع تدفق استثمارات للخارج، لأن هذا التزامن يعزز صورة سلبية عن مستقبل السوق وهي صورة غير حقيقية إذا نظرنا لبقية المؤشرات الاقتصادية التي تؤكد استمرار تحسن الأوضاع ومواصلة النمو. ويقول السعيد إن إنفلات سعر الدولار يخلق التضخم غير الحقيقي لأسعار السلع الرئيسية، مما يؤثر على نوعية وجودة الحياة وبالتالي هو تأثير غير مباشر على المناخ العام للاستثمار وتكلفة التشغيل والايدي العاملة، حيث أن استمرار ارتفاع الأسعار يدفع العاملين للمطالبة بمزيد من رفع الأجور وبالتالي ترتفع تكلفة الإنتاج وأسعار المنتج النهائي ويدخل الاقتصاد الكلي دوامة ولابد من التعامل بجدية شديدة مع ظاهرة استمرار ارتفاع سعر الدولار، نظراً لتأثيراتها السلبية على العملية الاقتصادية بصفة عامة. ويؤكد احمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام المصري للغرف التجارية، أن السوق بدأت تشهد، على خلفية استمرار ارتفاع أسعار صرف العملات الاجنبية، عودة ظاهرة الدولرة أي تحويل مدخرات المواطنين من العملة المحلية (الجنيه) إلى الدولار تحسباً لمزيد من ارتفاع الاسعار في المستقبل وبالتالي تحقيق مكاسب أو على الأقل الاحتفاظ بقيمة المدخرات بدلاً من تدهور قيمتها الشرائية. وشدد الوكيل على ضرورة التصدي لهذه الظواهر السلبية في سوق الصرف من خلال إجراءات فعالة لضمان انضباط السوق خاصة في ظل حرب عملات عالمية مندلعة بين القوى الاقتصادية الكبرى في العالم.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©