الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العرب ونوايا الاستشراق

العرب ونوايا الاستشراق
22 فبراير 2008 23:38
نظم ''المقهى الفلسفي'' للمكتبة الجزائرية قراءة في كتاب ''الفكر العربي: الاستشراق وأسئلة المنهج'' للدكتور منير بهادي، أستاذ الفلسفة بجامعة وهران· وقام بالقراءة الدكتور محمد جباب، أستاذ الفكر العربي الحديث والمعاصر بجامعة الجزائر بحضور عدد من المهتمين بعالم الفكر وقضاياه الفلسفية· قال جباب إن بهادي يطرح في كتابه إشكالية هامة، وهي علاقتنا بالآخر منذ القرن التاسع عشر عبر ''صدمة الحداثة'' وهي الصدمة التي أثارت جدلاً واسعاً حول مضمونها ومفاهيمها وخطاباتها ومنها الخطاب الاستشراقي الذي قوبل بالرفض كونه نشأ وسط ملابسات تاريخية جعلته محل ريبة وتوجس، وقد بدا الاستشراق نوعاً من الفضول لمعرفة الآخر بجمع المعلومات عنه، ثم أضحى عملاً استخباراتياً أكثر منه علمياً، ليتحول إلى نوع من الفضول العلمي لدى عدد من الباحثين· اكتشاف الآخر بدأ المستشرقون يكتشفون الآخر، حيث اكتشف الاستشراق في القرن التاسع عشر الخطاب التنويري العقلاني العربي· والمثير أن جمال الدين الأفغاني وافق على كل ما جاء به أرنست رينان، لكن تراجع حركة التحرر العربي، وبروز الحركات الأصولية المتشددة، أديا إلى رفض الاستشراق والإساءة إليه· لكن المفارقة أن المفكرين اللذين عريا الاستشراق، وتحدثا عن ارتباطه بالاستعمار هما أنور عبد المالك ''مسيحي''، وإدوارد سعيد ''مسيحي''· أثنى جباب على تناول بهادي لكل هذه الإشكاليات والتطورات بـ''حيادية وموضوعية''، وجاء ذلك عبر ثلاثة فصول، وهي: نقد الخطاب الإيديولوجي، ونقد الخطاب الابستيمولوجي، ونقد الخطاب التاريخي· وتناول في الخطاب الأول التيار النهضوي والسلفي والليبرالي والماركسي لإعادة إنتاجها الخطاب الاستشراقي بأشكال أخرى مما جعل الدكتور بهادي يتهمها في كتابه طي القراءة بالقصور الفكري· أما الخطاب الابستيمولوجي فتناول فيه محمد أركون الذي حاول التميز عما أسماه بـ''الإسلاميات الكلاسيكية'' من خلال فقه اللغة· وقال أركون إنها وصلت إلى طريق مسدود، وطالب بإعلان القطيعة معها· وحول فكر إدوارد سعيد الذي فضح الأسس الإيديولوجية والاستعمارية للاستشراق، كما ورد في كتاب بهادي، تساءل الدكتور جباب في قراءته: هل صحيح أن نوايا كل المستشرقين كانت سيئة، وذات منطلق إيديولوجي استعماري؟ ألم يعملوا على إزالة الغبار عن كنوز تراثنا؟ ألم يعتنق بعضهم الإسلام؟ ألم ينأى ماركس عن السقوط في فخ الاستشراق وتحدث عن نمط الانتاج الآسيوي الذي يختلف عن نمط الانتاج الرأسمالي الأوروبي؟ وهنا خاطب جباب المؤلف بهادي قائلا: لقد وقعت فيما حذرت منه، وهو إعادة إنتاج الخطاب الاستشراقي، ومع ذلك فإن الكتاب عمل جاد تحكمت فيه في المنهج والمصطلح· وأحيلت الكلمة إلى المؤلف منير بهادي الذي بدأها بالتساؤل عن سبب إعادة الفكر العربي المعاصر إنتاج الخطاب الفكري الغربي؟ لماذا هو عاجز عن إنتاج منهجية تفكير جديدة؟ وهو ما دعا رينان إلى الحكم بأن الذهنية العربية لا يمكن أن تنتج فلسفة· وقال بهادي إن الاستشراق قد يكون آلية للتفكير، في حين أن ''التمركز حول الذات''، و''رؤية الأصالة بثبات'' هما نوع من الاستشراق؛ أي قد يكون الإنسان أصولياً واستشراقياً في نفس الوقت، وآلية التفكير بين الاستشراق والأصولية تتفق بينهما وإن اختلفت المنطلقات والأهداف· أضاف بهادي أن كتابه يطرح إشكالية أخرى وهي: كيف أصبحت أصول الثقافة العربية كالتصوف والفقه هي الإضافة العربية الوحيدة للفكر الإنساني بينما عجز الفكر العربي الفلسفي عن ذلك؟· إدوارد سعيد وفُسح المجال بعدها للنقاشات والتعقيبات، فقال الكاتب أحميدة العياشي إن ماركس عندما زار الجزائر والهند تحدث عن النمط الآسيوي للإنتاج، لكنه لم يُحدث قطيعة مع الفكر الغربي، حيث قال عن الاستعمار إنه ''ضرورة للشعوب للانتقال إلى الحداثة'' برغم وصفه للأمير عبد القادر الجزائري بالشجاع في مقاومته للمستعمر الفرنسي، وقال إن فضاء تفكير إدوارد سعيد وأركون أوروبي· ورد متدخل آخر على فكرة عقم الفلسفة العربية، وقال ''إن مؤلفات مالك بن نبي تدرس في آسيا وأميركا وهذا دليل على أن الغربيين يأخذون أيضاً من الفلسفة الشرقية· بينما تحسر ثالث على ''استقالة الفكر العربي''، وتحدث بمرارة عن وصف الجابري بـ''حصان طروادة الاستشراق'' لمجرد نقده العقل العربي· أما الدكتور عبد العزيز بوباكير فقال إن علاقتنا بالاستشراق ''مرضية'' لأننا نرد على خطابه بالايدولوجيا، وقد حاولنا إنتاج خطاب استغرابي ولم ننجح· ونبه إلى أن الاستشراق تحول على وسائل الإعلام العالمية بوسائل ذكية جدا وأصبح الغرب يعرفنا من خلال إعلامه وهذا ما يجب أن نركز عليه الآن بالدراسة· ونبه بوباكير إلى أن الغرب نجح في دراستنا بينما فشلنا نحن في ذلك، لأننا ندرسه بمنطق النبذ والإقصاء والمقولات المتراكمة لدينا تاريخياً· وتدخل آخر ليتساءل مستغرباً: إذا كان الغرب قد تحلى بشجاعة دراستنا من خلال الاستشراق، أفليس الأدعى أن تكون لدينا نحن الشجاعة لإعادة دراسة أنفسنا وتراثنا؟ ورد بهادي بالقول إن الفكر العربي الآن يحاول إعادة قراءة التراث، لكن المشكلة: كيف ننظر إليه؟ فهناك تعامل مرضي ولا وعي فيه مع التراث· ونبه إلى أن مهمة الاستشراق هي إعادة تشكيل المخيال الشرقي ووصفه؛ أي كيفية صنع الصورة في المخيلة، ووافق ما قاله بوباكير حول استناد الإعلام الغربي إلى الاستشراق وقال إن الرسوم المسيئة للرسول الكريم كانت تندرج في هذا الإطار بغرض إسقاطنا في الفخ وإظهارنا في صورة الهمج والتقاط صور تثبت ما أراده منا·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©