الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسبانيا... حاجة الاقتصاد لتعليم جيد

11 سبتمبر 2013 23:20
أندريه كالا مدريد مع عودة الطلاب الإسبان إلى المدارس في عام دراسي جديد، يدور جدل على مستوى البلاد بشأن إذا ما كان تعليمهم سيساعدهم على العثور على مكان في الاقتصاد الإسباني الذي أضر به الكساد الاقتصادي والبطالة المتفشية. لكن هل يجري تدريبهم على الأقل على الوظائف التي يحتاجها الاقتصاد الإسباني ليتعافى؟ ويجيب كثير من الاقتصاديين بالنفي ويحذرون من أن إسبانيا لديها فائض من المواهب رفيعة التعليم، ومن العمالة غير المتعلمة وعدد غير كاف من العمال المهرة متوسطي المستوى. ويقول «جوزيف أوليفر»، أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة برشلونة المستقلة والخبير في العمالة وسياسات التعليم إن تقسيمات السكان في إسبانيا وتزايد الفشل الأكاديمي «كارثي، مع الأخذ في الاعتبار المنظورين الاقتصادي والديموغرافي». ويقول خبراء إنه لضبط توازن أثقال قوة العمل هذه، يكمن الحل في تحسين التعليم الابتدائي والثانوي بشكل كبير. ويرى «أوليفر» إن عدم فعل هذا «هو أكثر الأمور حماقة التي يمكن أن نفعلها من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية». وأضاف «إسبانيا لا تحتاج إلى تجديد التعليم بل إلى إصلاح. لا مفر من إننا سنحتاج لقوة عمل مؤهلة وإلا سنلجأ إلى استيرادها». وأثناء عقد الازدهار الذي بدأ في منتصف التسعينيات، تعزز الاقتصاد الإسباني أساساً من البناء، وعلى الأغلب من بناء المنازل التي اشتراها الإسبان في تصاعد في أسعار العقارات كان يبدو أنه بلا توقف. وأثناء هذا ارتفعت معدلات التسرب من المدرسة، حيث اجتذبت الأجور الكبيرة في قطاع الإنشاء الطلاب. لكن عندما انفجرت فقاعة الإسكان عام 2008، فقد مئات الآلاف وظائفهم وغاب الأمل في استعادة هذه الوظائف. واقترح بعض السياسيين والاقتصاديين نموذجاً للبحث العلمي والتطوير في التكنولوجيا المتقدمة مثل قطاع التكنولوجيا المتقدمة في ألمانيا. لكن خبراء اقتصاديين يقولون إن أفضل طريقة لإسبانيا في التغلب على الأزمة الاقتصادية هو تطبيق نموذج أكثر شبهاً بالمنتجات الألمانية الصناعية متوسطة المستوى مثل السيارات والمعدات الصناعية وقطع الغيار، بل والمنتجات الغذائية المتقدمة والأحذية. وتشير إحصاءات إلى أن الصادرات الصناعية متوسطة المستوى مثل السيارات تقود قاطرة التعافي الاقتصادي الإسباني. وقال «جايل آلارد، الأستاذ الجامعي بمدرسة اقتصاد تتخذ من مدريد مقراً لها «إذا نظرت إلى ما يصدرونه، فستجد أن قطاعات التكنولوجيا المتوسطة مثل السيارات والسلع الرأسمالية تبلى بلاء حسنا.» لكن الصناعة متوسطة المستوى صغيرة الحجم، وإذا كان التوسع هو الهدف، فهناك مشكلة تغذيتها بالتعليم والعمال المهرة التي يحتاجها القطاع. ولا يشكك كثيرون في أن قوة العمل غير متوازنة: فهذا ما يقوله خبراء وإحصاءات عن العمل ودراسات قام بها عدد من الدول. لكن الأزمة فاقمت المشكلات الهيكلية ليس فقط بالقضاء على الوظائف وتقليص الرواتب، لكن بصناعة الجيل التالي من فئات العمال. فهناك الكثير من العمال بغير مهارات كافية وكثير من العمال مؤهلاتهم تفوق الوظائف المتوافرة، وعدد قليل جداً بين الفئتين. ومن أكثر العوامل المعرقلة في البلاد هي أن 46 في المئة السكان الذين في عمر العمل لم يحصلوا إلا على تعليم ابتدائي بحسب ما قالت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في تقريرها السنوي بشأن التعليم في إسبانيا الذي نشر في يونيو الماضي. والنسبة هي ثاني أسوأ نسبة في أوروبا بعد البرتغال، وهي مثل النسبة في تشيلي في أميركا اللاتينية. وقال أوليفر إن الأسوأ من ذلك، هو أن نحو ربع الإسبان ليس لديهم مهارات كافية للحصول على مصدر للدخل في سوق العمل الحالي والمستقبلي في البلاد، مما يعني أنهم أميون تقريبا. وعلى الطرف الآخر، فعدد الإسبان الذين يمكن اعتبار أن مؤهلاتهم أعلى من الوظائف المتاحة، هم أكبر على الأرجح من معظم نظرائهم في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. وتشير دراسات مختلفة إلى أن مؤهلات 30 في المئة من قوة العمل الإسبانية أعلى من الوظائف المتاحة لهم. ويرى أوليفر «أن هذا لن يكون مشكلة إذا تحسن اقتصادنا». لكن هناك نقصاً شديداً في خريجي المدارس العليا غير الحاصلين على درجة جامعية. فنسبة قوة العمل متوسطة المستوى التي حصلت على تدريب فني في إسبانيا أقل من نصف المتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ونحو ثلث النسبة في ألمانيا وأقل من النسبة في البرازيل أو تشيلي، وهي أكثر قرباً بالنسبة الموجودة في المكسيك. ويقول الخبراء إن الأمر لا يتعلق بمجرد الافتقار إلى الموارد لكن بإهدارها. فإسبانيا بين أكثر الدول إنفاقا على التعليم للفرد في دول منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية»، لكن نتائج الاختبارات فيها دائماً هي الأدنى في أوروبا. وتنفذ الحكومة الإسبانية عملية إصلاح دقيقة لتعليمها وعمالتها وسياساتها البحثية حتى تعزز صفوف طبقة أصحاب الياقات الزرق من متوسطي التعليم- بما في ذلك توفير المتطلبات الأكاديمية للسماح للمزيد من الطلاب بأن يتابعوا تعليمهم الفني بدلا من الالتحاق بالجامعة. ويقول أوليفر: «نحتاج إلى مزيد من الموارد لتدريب عمال متوسطي المستوى بما يوافق متطلبات الاقتصاد، لكن من الصعب تغيير هذا في المدى القصير». وأشار إلى عدم كفاية الإصلاحات في المدارس الابتدائية والثانوية التي لا تخرج ما يكفي من الطلاب لملء الفراغ في صفوف أصحاب الياقات الزرق. لكن ثمة خبراء ينوهون إلى أن عمليات التقشف التي تفرضها أوروبا على البلاد في الإنفاق على التعليم تقوض الإصلاحات. وأدى تقليص الميزانية إلى زيادة رسوم التعليم، وقلل المنح الجامعية وتمويل الأبحاث وإلى تدهور نوعية التعليم في المدارس العليا. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©