الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أصعب مهنة في العالم

أصعب مهنة في العالم
10 ديسمبر 2010 19:46
شخص غامض يظهر في الصور إلى جانب رؤساء الدول، يجلس معهم ويميل برأسه نحوهم كأنه يناجيهم، وبرغم قربه وموقعه إلا أنه لا يستطيع إصدار أصغر القرارات، هل عرفتموه؟ أعتقد أن مهنة مترجم الرؤساء هي أصعب مهنة على الإطلاق، فعليه قبل كل شيء أن يتحمل رائحة أفواههم، خصوصاً الرؤساء الذين يعقدون الاجتماع تلو الآخر، ويثرثرون بالساعات مثل فيدل كاسترو. وعليه أن يتقمص شخصية الرئيس الذي يترجم عنه، لأنه يتحدث بالنيابة عنه، وأن يشعر بمشاعره وينقلها للطرف الآخر ليكون الأخير على بيّنة من الأمر. وهو مطالب بأن يترجم بشكل فوري، وليست هناك ثانية من التفكير، لئلا يصاب الطرفان بالملل ويبدآن في التثاؤب. وأن يكون أستاذاً في اللغة المترجم عنها وإليها، يعرف وقع الكلمات في كل لغة والمعنى القريب والبعيد لكل كلمة. وعليه أن يكون دقيقاً مثل الكمبيوتر أو أكثر دقة، فالكمبيوتر مثلاً لا يفكر مطلقاً حين تكتب كلمة (أحمر) باللون الأزرق، لكن الدماغ البشري يحتاج إلى لحظات من التفكير ليفصل بينهما، فكلمة أحمر إذا كُتبت بالأزرق تحدث خللاً في الفهم وتأخراً في الاستيعاب، وهذا ما يحدث للمترجم الذي يعرف أن الرئيس الفلاني ديكتاتور مع شعبه، لكنه يقول لضيفه إنه يتعامل مع شعبه بديمقراطية. وتكون مصيبته عظيمة إذا قال الرئيس كلمة ليس لها مرادف في اللغة الأخرى، مثل كلمة «الرحمة» التي سمعت أنه ليس لها مرادف دقيق باللغة الإنجليزية. أو إذا ألقى الرئيس نكتة أو مزحة لا تعني شيئاً في لغة وثقافة الطرف الآخر، خصوصاً النكات التي تعتمد على التلاعب في الألفاظ واللعب على الكلمات، أو ضرب مثلاً بأن قال: أخشى يا سيادة الرئيس البولندي أن تعود من ذلك المؤتمر بخفي حنين. ففي بولندا لا يعرفون حنين هذا، ولا أحد يرتدي الخف في الأماكن العامة إلا إذا كان مجنوناً. ولا تتوقف مصائب المترجم عند هذا، فهو يواجه أحياناً معضلة ترجمة التهديدات، كما فعل الرئيس السوفييتي خروشوف مع دبلوماسيين من دول رأسمالية بأن هددهم قائلاً: سندفنكم. ولا أعرف ماذا يفعل المترجم حين يحتدم النقاش بين رئيسين، فيقول أحدهما للآخر: لم أرَ في حياتي رئيساً حماراً مثلك. هل يترجم تلك الجملة حرفياً أم يستبدلها بجملة أخرى؟ إذا بدلها يكون خائناً للأمانة، وإذا ترجمها كما هي، خصوصاً إذا كان هو من مواطني دولة الرئيس الحمار، فقد يفقد رأسه بعد اللقاء. لكن أعظم مصائب المترجم هو إذا كان يعمل لدى رئيس ثرثار لا يتوقف فمه، كالفنزويلي هوغو شافيز الذي نصحه طبيبه في إحدى المرات بالتوقف عن الكلام لمدة ثلاثة أيام ليتمكن من علاج التهاب بلاعيمه، فالرجل لا يرتاح إلا إذا خطب ما بين 4 إلى 7 ساعات متواصلة، حتى خرج الملك الإسباني خوان كارلوس مرة عن طوره وقال له: لماذا لا تصمت؟ ومؤخراً أصيب مترجم خطاب رئيس من دول العالم الثالث بالانهيار من شدة التعب أثناء ترجمته لكلامه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالـ15 دقيقة التي يفترض ألا يتجاوزها الرؤساء، أصبحت 75 دقيقة، تحدث خلالها الرئيس في كل شيء: أنفلونزا الخنازير، اتهام اليهود باغتيال جون كنيدي، اقتراح بنقل مقر المنظمة الدولية إلى الهند، وطلب بإجراء تحقيق لكشف مخططي اغتيال ابراهام لينكولن عام 1865 ميلادية. ألقى بعدها المترجم السماعتين وهو يزبد من الغضب وتدخلت المسؤولة عن قسم المترجمين في الأمم المتحدة وواصلت ترجمة الخطاب الذي استمر 20 دقيقة أخرى. Ahmedamiri74@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©