الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات وراء أبواب الساسة والمشهورين

حكايات وراء أبواب الساسة والمشهورين
11 سبتمبر 2013 20:43
مع بداية كل فصل خريف تبدأ في فرنسا ما يسمى بـ”العودة الأدبيّة”، قياساً على العودة المدرسية، وسيصدر في ظرف أسابيع قليلة 555 رواية جديدة أكثرها لروائيين فرنسيين والبعض منها مترجم عن لغات أخرى، علماً بأن عدد الروايات الصادرة كان أكبر في بداية الموسم الثقافي العام الماضي، إذ بلغ 646 رواية، ولكن اللافت هذا العام هو ازدياد الكتّاب الذين ينشرون أولى رواياتهم، كما ازداد عدد الروائيات من النساء ومنهن من صنعت الحدث على غرار كارين طويل التي نقدم روايتها الجديدة: “اختراع حياتنا”. وإلى جانب الروايات، فإن المطابع الفرنسية تخرج كل يوم العدد الكبير من كتب السير الذاتية، وكتب التاريخ، والفلسفة، والنقد، والكتب السياسية طبعاً. ونقدم في هذا العرض بعض هذه الكتب، التي تحمل إشارات لافتة في عناوينها ومضامينها. «الديكتاتور الأحمر»: لا يجب أن تنام! أحدث الكتب التي صدرت في باريس، كتاب جديد عن جوزيف فيساريو نوفيتش، الشهير باسم ستالين، Staline، وذهب مؤلفه الإنجليزي روبير سرفيس Robert Service إلى حد نعته بـ”الوحش الكاسر”، فقد أعدم جل أصدقائه رميا بالرصاص، وجرّ زوجته إلى الانتحار، ووقّع شهادة وفاة ابنه الأكبر لاكوف الذي وقع أثناء الحرب العالمية الثانية في قبضة الألمان ورفض صفقة باستبداله مع جنود ألمان أسرى لديه. وعندما تولى الحكم عام 1929، فإنه كان حاكماً مستبداً قمع شعبه ومعارضيه واستعمل أبشع أساليب الاستبداد والطغيان والتصفية الجسدية، ويجزم المؤلف بأن ستالين يستمتع بالانتقام من أعدائه وخصومه ومنافسيه وحتى من رفاقه، وبعد التخلص منهم يعود إلى مقر سكناه هادئا وينام وكأن شيئا لم يحصل. إنه من خلال وصف المؤلف له في هذا الكتاب رجل لا يرحم أبداً. وقد عاد المؤرخ الإنجليزي إلى أرشيف الاتحاد السوفييتي، الذي أصبح اليوم من الممكن الاطلاع على بعض ملفاته التي كانت في الماضي مصنفة كسر دولة مطلق. وجاء في الكتاب أن ستالين سعى لتثقيف نفسه بمطالعة الكتب، إلا أن تصرفه كان دائما تصرف قطاع الطرق والصعاليك، حتى أنه في شبابه كوّن عصابة كان هو زعيمها. وقامت عصابته يوم 13 يونيو1907 بعملية سطو مسلح على بنك، ونجحت في الاستيلاء على مبلغ مالي ضخم بدعوى تمويل الحركة الثورية السرية التي كانت تخطط وتعد نفسها للثورة البلشفية التي ستسقط نظام القياصرة في روسيا عام 1917، وقد نالت عملية السطو المسلح على البنك استحسان لينين المنظّر والمنظّم الرئيس للثورة البلشفية، فقرب ستالين منه. وقد قضى ستالين 10 أعوام في العمل السري قبل قيام ثورة 1917، وصفى ـ بعد وصوله إلى الحكم ـ أكثر من 40 ألفاً من رفاقه القدامى في صفوف البلشيفيين بتهمة الخيانة، حتى أنه سمي “الدكتاتور الأحمر”. والمطالع للكتاب يتبين له أن تصرف جوزيف ستالين عندما تسلم السلطة يشبه تصرف زعيم عصابة! لقد ارتكب ستالين، الذي كان يتمتع بثقة لينين، المجازر في أوكرانيا ومحقها محقا في السنوات الفاصلة بين1917، ومن المؤكد ـ وفق ما جاء في الكتاب ـ ان منافسه الأكبر تروتسكي كان يحسب نفسه أكثر جدارة من ستالين وأرقى تعليماً منه وأوسع ثقافة، وبالتالي لم يكن يخشاه سياسياً، ولم يحسب له حساباً، بل لم يكن يظن أنه قادر على أن يصبح يوماً رئيساً، ولكن ستالين كان نهماً في مطالعة كتب التاريخ والأدب الروسي والأجنبي، وكان معجباً مثلاً بالأديبين الفرنسيين فيكتور هيغو وبلزاك، وأظهر أنه مناور وسياسي داهية. وقد سعى جوزيف ستالين، بما له من سلطات خلال فترة حكمه، لإخفاء ماضيه محاولاً أن يضفي هالة من المجد على كامل مسيرته، ولكن الثابت أنه كان أيضاً رجل دولة ولكنه مستبد. كتب ستالين يوماً إلى أحد مساعديه قائلاً: “يجب ألا تتثاءب أو تنام عندما تكون في السلطة!”، وهي القاعدة التي طبقها طيلة الفترة التي حكم فيها الاتحاد السوفييتي بالحديد والنار. وزيرة المرأة تهاجم.. المرأة مؤلفة هذا الكتاب هي كرسيتينا شرويدر Kristina Schr?der وزيرة المرأة والأسرة في ألمانيا منذ 2009.. وهي عضو بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وألفت هذا الكتاب الذي يحمل عنوان “شكراً، فقد حررنا أنفسنا بأنفسنا” Danke, emanzipiert sind wir selber! Abschied vom Diktat der Rollenbilder بالاشتراك مع مساعدتها في الوزارة كارولين والديك Caroline Waldeck. ويتناول الكتاب بالدرس والتحليل نظرة الوزيرة لكيفية معالجة قضايا المرأة العاملة ومسألة المساواة بين المرأة والرجل في العمل، وكل ما له علاقة بالمرأة والأسرة في ألمانيا. والغريب أن الكتاب بعد صدوره قد أثار جانباً من الرأي العام ضدّ مؤلفته الوزيرة، فهي ترمي بكل المسؤولية في مشاكل النساء على عاتق النساء أنفسهن، وهذا الذي أثار عليها جانباً من الرأي العام، فالمفروض ـ وهي وزيرة المرأة والأسرة ـ أن تقدم الحلول وتستنبط الطرق الكفيلة بمعالجة كل الإشكالات، ولكنها في كتابها تلقي بالملامة على النساء وعلى الأسر فيما تعانيه من متاعب، فهي كوزيرة حاولت في هذا الكتاب أن ترفع عن نفسها أي مسؤولية. والوزيرة الشابة التي لا تتجاوز السادسة والثلاثين من العمر تبدو صادمة ومستفزة في هذا الكتاب، وهي معروفة بأنها امرأة متدينة وملتزمة، وهي تؤكد بأن مسألة المساواة بين المرأة والرجل مسألة مغلوطة، وتدعو المرأة العاملة إلى التحكم في جدول أعمالها ووقتها، كما تطالب النساء أن يأخذنّ بأيديهنّ مصيرهنّ الشخصي والمهني والاجتماعي. وأن لا ينتظرن هدية من أحد. تتساءل المؤلفة: لماذا لا نحطم القاعدة التي تجزم بأن التقدم في الوظيفة أو العمل، وأن إثبات الذات في ممارسة الشغل وتأسيس عائلة لا يكون إلا في الفترة الممتدة بين الثلاثين والأربعين من العمر؟ إنها تدعو إلى تكسير هذه القاعدة.. هذا الكتاب وعنوانه: “الكتاب الصغير للمغرورين الكبار” Le petit livre des gros égos لمؤلفه ادوارد لونيي Edouard Launet يقدم أهم الشخصيات الفرنسية “المريضة” بداء الغرور والإعجاب المفرط بالنفس، و”الأنا” عندها منتفخة بشكل كبير جدا، ومن هؤلاء الأديبين الشهيرين فيكتور هيغو وشاتوبريان، ومن بينهم أيضاً الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، والممثل الشهير جيرار دي برديو. وقد انتقى المؤلف 44 من أشهر الشخصيات الفرنسية في عالم السياسة والإعلام والأدب والصحافة والفن والموضة والدعاية والإعلان والرياضة، ومن مجالات ومهن أخرى، محللا شخصياتهم ومبرزا غرورهم ونرجسيتهم، ومن بينهم الممثل الشهيرآلان دولون الذي يعده الفرنسيون “أسطورة” في عالم السينما، وهو الممثل الأكثر وسامة في تاريخ السينما الفرنسية، ولا يستثني المؤلف أشهر العلماء والأطباء والمهندسين. والكاتب ـ وهو كاتب وصحفي بجريدة “ليبيراسيون” اليومية ذائعة الصيت في فرنسا وعمل أيضا بالتلفزيون ـ يجزم بأن بعض أشهر مقدمي برامج المنوعات هم من أكثر الناس إعجاباً بالنفس واستعلاء على الآخرين، فـ”الأنا” عندهم منتفخة بشكل مرضي. ويؤكد المؤلف أن كل هؤلاء لو كانوا من سكان أوروبا الشمالية لكانوا محل سخرية الناس أجمعين لاختلاف الطباع. والغريب إن الفرنسيين ـ كما جاء في الكتاب ـ يشعرون في البداية وهم يشاهدون بعض هؤلاء المغرورين بالكراهية والرفض، ولكنهم ومع مرور الوقت ينتهون بالإعجاب بهم بل وبتنمية مشاعر الحب نوعهم! ويعترف المؤلف أنه لا بد أن يكون لأي واحد من هؤلاء موهبة فريدة ومقدرة عجيبة لتحويل كره الناس لهم إلى إعجاب ومحبة، وهو يعلق ساخراً على ذلك بقوله إنها “صناعة فرنسية!”. ويظهر الأديب والشاعر الشهير فيكتور هيغو من خلال تحليل الكاتب لشخصيته أنه كان يرى نفسه أقرب إلى الأنبياء منه إلى البشر، وانه في كتاب “تأملات” يكاد يصبح مجنونا لفرط إعجابه بنفسه. والطريف أن هذا الشعور بالعظمة ساعده على تحمل 20 عــــاماً من العزلة عندما تــــم نفيه، فعاش وحيدا وليس أمامه إلا المحيط! ولاحــظ المؤلف ان كل هؤلاء المعجبين بأنفسهم والمغرورين يسعون لتخليد أسمائهـــم من خلال تأليف كتاب أو أكثر لرغبتهم في دخول التاريخ عبر المكتوب، ومن بين الـ44 شخصـــاً نجـــد نابليون بونابــــرت الذي أورد المؤلف قوله: “إن أكثر الناس تسلحاً ليس هو الأقـــوى”. سلام الدول بزواج الأبناء “تبادل الأميرات” L’échange des princesses هو عنوان الرواية الجديدة لشانتال توماس Chantal Thomas. ففي عام 1721م قررت الأسرة الملكية الحاكمة في فرنسا الإعلان أن ابنها لويس الخامس عشر، والذي لم يتجاوز الحادية عشره من عمره، سيتزوج ماريا آنا فيكتوريا الأميرة المنتمية الى الأسرة الملكية الإسبانية، والتي لم يكن يتجاوز عمرها الأربع سنوات، وحصل اتفاق بين الأسرتين الحاكمتين تفاديا للحرب بين المملكتين المتجاورتين، على أن يتم الزواج فعليا عندما تكبر الفتاة. وفي الوقت نفسه تم الاتفاق على تزويج فتاة من الأسرة الملكية الفرنسية إلى ابن فيليب الخامس ملك إسبانيا في تلك الفترة، وتم الإعلان عن هذه الزيجات الملكية وقرار مصاهرة الأسرتين كتعبير عن حسن نية ومعاهدة سلم بين البلدين. وعلى خلفية هذه المعلومات التاريخية نسجت شانتال توماس قصتها التي طرزتها بوثائق حقيقية ومعلومات دقيقة. والفكرة الأساسية التي بنت عليها الكاتبة كل الأحداث هي أن الأسرة الحاكمة في تلك الفترة كانت تستعمل الأبناء ـ إناثاً أو ذكوراً ـ كقطع الشطرنج تستعملها في لعبة الحرب والسلم بين البلدان المتنافسة والمتنازعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©