الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الطاقة النظيفة.. هل تحتاج إلى ولادة قيصرية للخروج إلى الحياة؟

8 ديسمبر 2006 00:34
ملف من إعداد - محمد عبدالرحيم: حتى وقت قريب كان المستثمرون مثل شارلي جاي الذي أمضى عمره كمستثمر في الأعمال التجارية للطاقة الشمسية يحاول إقناع أقرانه من العمالقة في صناعة تكنولوجيا المعلومات أن يخصصوا ولو جزءاً من أموالهم في الطاقة الخضراء كما يفعل هو، أما الآن فإن الطاقة الخضراء قد ارتقت إلى مقدمة اهتمامات المستثمرين بينما انهمك بارونات صناعة المعلومات في الاستثمار بكثافة في تكنولوجيا الطاقة النظيفة، ومن بين هؤلاء ''فينود خوسلا'' أحد أشهر الممولين في وادي السيليكون والذي يؤمن بأن الايثانول هو المادة التي ستهيمن على العالم في المستقبل القريب، أما المواد التطبيقية في المجال الذي يعمل فيه جاى فقد تم استنساخها بنجاح من الشاشات المسطحة ورقائق الكمبيوتر في داخل خلايا الطاقة الشمسية، والآن فإن شركة ''صن باورش المتخصصة في الطاقة الشمسية والمتابعة لشركة سايبريس لاشباه الموصلات أصبحت أكبر بكثير من الشركة الأم نفسها من ناحية القيمة· وذكرت مجلة ''ايكونوميست'' ان المستثمرين أصبحوا يتدافعون بالمناكب من أجل الاستثمار في الشركات الناشئة في التكنولوجيا النظيفة وبخاصة في مجال الطاقة، ويقدر مكتب فينشر بيزينس للبحوث أن الاستثمارات في هذا المجال من قبل أصحاب رؤوس الأموال وشركات الاستثمار الخاصة قد تضاعفت إلى أربعة أمثالها في فترة العامين الأخيرين من 500 مليون دولار في عام 2004 إلى ما يقارب ملياري دولار حتى الآن في هذا العام، وهي تمضي إلى ازدياد· أما شركة نيو اينرجى فاينانس المتخصصة في مجال البحوث فتعتقد أن الاستثمار في جميع أنواع الأعمال التجارية في هذا المجال سيصل إلى 63 مليار دولار خلال العام الجاري، مقارنة بنحو 30 مليار دولار عام ،2004 لذا فإن تدفق هذه الأموال الهائلة جعل البنوك الاستثمارية تعكف على دراسة وتحليل هذه الصناعة التي أصبحت تكتسب آخر ازدهار في الساحة المالية، ولكن حمى الطاقة النظيفة ظلت تشعلها ثلاثة عوامل رئيسية أولها ارتفاع أسعار النفط لمستويات قياسية والمخاوف المتنامية على أمن الطاقة ثم القلق المستمر بشأن الاحتباس الحراري العالمي· ويشير الزعماء في الصناعة إلى أن مفهوم توفير الطاقة سوف يشهد تغيراً جذرياً في العقود القليلة القادمة حيث ستفسح محطات الطاقة التي تعمل بالغاز والفحم المحروق الملوث الطريق أمام البدائل الأكثر نظافة مثل طاقة الرياح والشمس، أي أن أنواع الوقود المشتقة من النباتات والنفايات سوف تحل مكان البترول والديزل، كما أن الهياكل المحلية لتوليد الكهرباء سوف يتم استبدالها بمحطات الطاقة العملاقة التي ستغذي شبكات واسعة الانتشار، وفي نهاية المطاف فإن الصناعة تأمل أيضاً أن تحل خلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين محل محركات الاحتراق الداخلي التي تهيمن على الساحة الآن، وهي رواية طموحة بلا شك ولكنها في حال أن تحققت ببطء شديد أو حتى إلى مستوى محدود فإن المدافعين عنها راحوا يدعون بأنها سوف تجلب معها النمو الهائل للشركات التي تمارس هذه الأعمال التجارية· مسيرة شوارزينجر يتنبأ المحللون بثقة متزايدة أن الأعمال التجارية في الطاقة النظيفة ستشهد نمواً بمعدل يتراوح بين 20 إلى 30 في المائة سنويا طوال العقد المقبل، وكذلك فإن مصرف جيفريز للاستثمارات عندما نظم مؤتمراً في الفترة الأخيرة عن الصناعة في لندن كان قد توجه بسؤال للمشاركين عن الموعد الذي ستصبح فيه الطاقة الشمسية منافسة لتكنولوجيات التوليد القديمة التي عفى عليها الزمن هل هو العام 2010 أم 2015 أم العام 2020؟·· ولم يتم التطرق إلى موعد أبعد من ذلك، إلا أن أحد الحضور تحدث قائلاً ''هذه الخطوة ربما تصبح المهمة الأكبر من نوعها في القرن الحادي والعشرين لتحقيق الفرص في اكتناز الثروات''· وفي مناسبة مماثلة كرست لموضوع الطاقة الشمسية في سان جوز في قلب وادي السيلكون، حيث تضاعفت أعداد المسجلين في هذا العام إلى خمسة أمثالها لتصل إلى أكثر من 6500 مشارك في مقدمتهم أرنولد شوارزينجر حاكم ولاية كاليفورنيا المهموم بالثروة الخضراء الذي وقف يقول أمام الحضور ''إنني أشعر بالطاقة·· إنني أشعر بالكهرباء لأن الطاقة النظيفة هي المستقبل''· وقد يبدو هذا الغلو أحد بقايا ''فقاعة الدوت كوم'' إلا أن المدافعين عن الطاقة النظيفة يصرون على أن النمو في هذه الصناعة سوف يصبح مستداماً بفضل وجود أشخاص مثل شوازينجر، وهو الحاكم الذي أصبح بطلاً يشار إليه بالبنان في الأوساط الخضراء لأنه ركز اهتمامه على مسألة الاحتباس الحراري العالمي كأحد الهموم التي تحظى بالأولوية في فترته الانتخابية الثانية كما وقع على قانون لمشروع هو الأول من نوعه لمكافحة انبعاثات الغازات من الدفيئة، بل أن كاليفورنيا أصبحت تقود أكثر المبادرات طموحاً في أميركا من أجل الترويج للطاقة الشمسية وهي المبادرة التي تحمل شعار ''مليون سقف شمسي''· وبموجب هذه المبادرة سوف تدفع الولاية مبلغ 2,9 مليار دولار في شكل قروض وضمانات خلال فترة السنوات العشر القادمة لتركيب ألواح الطاقة الشمسية، وقد ساهمت الحكومة الفيدرالية أيضا بإعفاءات ضريبية تصل إلى 30 في المائة من تكاليف التركيب، وبذلك فإن جميع أنواع الأعمال التجارية في الولاية ابتداء من شركة فيديكس لنقل البريد ونهاية بمزارع العنب المترامية الأطراف اندفعت بكلياتها لتركيب ألواح الطاقة الشمسية المدعومة من الحكومة· الولايات المتجددة بحلول العام 2010 فإن ولاية كاليفورنيا تستهدف توليد 20 في المائة من طاقتها من المصادر المتجددة، وهنالك عدد لا يقل عن 21 من ولايات أميركا الخمسين أصبحت لديها ''المعايير الخاصة بالطاقة المتجددة'' والتي تلزم شركات الخدمات المحلية بضرورة تلبية هذه المعايير في فترة محددة· وفي ولاية واشنطن صادق الناخبون على أحد هذه المعايير في الانتخابات النصفية الأخيرة· أما ولاية مين فقد باتت تتمتع بالقدح المغلى فيما يختص بتطبيق هذه المعايير وبنسبة هي الأعلى بمقدار 30 في المائة على الرغم من أن شركاتها الخدمية قد لبت أصلاً هذه المتطلبات بفضل وجود العديد من السدود الايدوكهربائية في الولاية· أما في ولاية نيوجيرسي التي ستحتاج إلى 22,5 في المائة من طاقتها من المصادر المتجددة بحلول العام 2021 فقد أصبحت أصلاً ثاني أكبر سوق للطاقة الشمسية في أميركا· تكلفة الايثانول وقد برهنت بعض السياسات الحكومية الأخرى على أن انتاج الايثانول من الذرة عمل تجاري مربح على الرغم من المخاوف العالقة من أن عملية الانتاج نفسها تستهلك تقريباً كميات من الطاقة تماثل في حجمها حجم ذلك الوقود الناتج· لذا فإن الجهود المبذولة في هذا المجال لم تسفر عن تحسن في البيئة أو لمسألة استقلال الطاقة، فقد ظل المزارعون يتلقون الدعم المالي من أجل زراعة الحبوب وكذلك المصافي من أجل استخراج الوقود من هذه الحبوب وتتلقى محطات الخدمة أيضاً المساعدات المالية من أجل تركيب المضخات لبيع هذه الوقود لجموع المستهلكين، وبالإضافة إلى ذلك فإن العديد من الولايات أصبحت لديها قوانين تلزم بضرورة مزج كميات محددة من الايثانول مع البترول بهدف المساعدة على مقابلة وتهدئة الطلب· وتقدر دراسة أجرتها مجموعة ''مبادرة المساعدات المالية العالمية'' التي تعتبر أحد تجمعات الضغط أن جميع مشاريع الطاقة النظيفة سوف تكلف دافع الضريبة الأميركي 5 مليارات دولار على الأقل هذا العام، ومازالت المجموعات الأميركية المنحازة للطاقة النظيفة متواضعة نسبياً مقارنة بما تقدمه القارة الأوروبية، فالاتحاد الأوروبي على سبيل المثال يرغب في أن يأتي 5,75 في المائة من وقود قطاع النقل من المصادر غير الاحفورية بحلول عام ·2010 وذكرت كبريات المصافي أن هذا المقدار سوف يضمن لها سوق يعادل ما يمكنهم انتاجه من كميات الديزل الحيوي (أي المشتق من الزيوت النباتية)، ويستهدف الاتحاد الأوروبي أيضاً أن يحصل على 18 في المائة من احتياجاته للطاقة من المصادر البديلة بحلول العام ،2010 ويقدر أحد المحللين في بنك جولدمان ساشز الاستثماري أن انتاج الطاقة الشمسية سوف يحتاج إلى نمو يفوق معدل 30 في المائة سنويا حتى يلبي الطلب المتنامي· ووفقاً لحساباتها فإن 49 دولة أصبحت لديها سياسات تتعلق بمصادرالطاقة المتجددة في أراضيها، بحيث تحقق نمواً مضطرداً في شركات الطاقة النظيفة بمن في ذلك كبار دول الأسواق الناشئية مثل البرازيل والصين· السوق الألمانية وتبقى ألمانيا هي الدولة الأكثر سخاءً فيما يبدو حيث تمكنت من تثبيت سعر الطاقة المتجددة لفترة العشرين عاماً المقبلة على نحو متراجع بمرور الوقت، وهنالك مشاريع خاصة للطاقة الشمسية سوف تتلقى دعماً يصل إلى 0,57 يورو (73 سنتاً أميركياً) على كل كيلووات في الساعة من الكهرباء المولدة من تقنية الطاقة الشمسية، مقارنة بالسعر الحالي للطاقة ''القذرة'' بحوالي 0,05 يورو، ولكن وفي الظروف العادية فإن ألمانيا ربما لن تصبح المكان المناسب لتركيب ألواح الطاقة الشمسية نسبة لافتقادها لقدر كافٍ من الأجواء المشمسة، بالإضافة الى أن لديها شبكة توزيع جيدة لا تحتاجها الطاقة الشمسي إلا أنها وبفضل رخص التعريفة أصبحت السوق الأكبر في العالم للطاقة الشمسية، وفي جميع أنحاء العالم هنالك حكومات مثل ألمانيا تعهدت بانفاق المليارات وفي بعض الأحيان أموال غير محدودة لتطوير الطاقة النظيفة لدرجة أن بعض المتحمسين باتوا يدعون بأنهم قد تمكنوا من الحجز في قاطرة النمو مسبقاً، ويدعي المناصرون أيضا أن هذا الدعم معقول إلى حد كبير طالما أنه يشجع على مكافحة الاحتباس الحراري وهي القضية التي لا تحظى باهتمام كافٍ من الأسواق المالية· وبالإضافة لذلك فإن هذا الدعم ليس من المفترض أن يصبح دائماً، حيث يشير جاي المتخصص في مجال المواد التطبيقية الى أن تكلفة توليد الطاقة الشمسية استمرت في التراجع بمرور الوقت حيث إن الخلايا الأولى في الأقمار الاصطناعية كلفت حوالي 200 دولار لكل وات في طاقة توليد·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©