الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسيحيو سوريا... وشبح «الهجرة الجماعية»

مسيحيو سوريا... وشبح «الهجرة الجماعية»
10 سبتمبر 2013 23:31
ذكرت تقارير أن المقاتلين الذين تربطهم صلة بتنظيم «القاعدة» استولوا على مدينة معلولة المسيحية التاريخية، مما عزز المخاوف من أنه في ظل عدم توافر الحماية من نظام بشار الأسد، فإن المسيحيين السوريين الذين يشكلون نحو عشرة في المئة من سكان البلاد، قد يصبحون عرضة لهجرة جماعية أو الاضطهاد. وقالت إسراء، وهي أم سورية شابة فرت في الآونة الأخيرة من قريتها على الحدود السورية العراقية إلى الأردن مع زوجها وابنيها: «أريد أن يبقى بشار في السلطة لأنه كان جيداً جداً مع المسيحيين». وقالت في شقتها السكنية المتواضعة في العاصمة الأردنية عمّان بعد بضعة أيام من سقوط معلولة في أيدي الإسلاميين: «كانت هناك حرية دينية للمسيحيين في عهد بشار، ولم يكن ينقصنا أي شيء... نحن نتوقع أن يتكرر في سوريا ما حدث في العراق». وينتاب القلق الكثير من المسيحيين من مصر إلى لبنان وسوريا من أن يكون لصعود الإسلام السياسي والحركات المسلحة تأثير غير متناسب على الأقليات المسيحية المتضررة بالفعل كما حدث للمسيحيين في العراق على مدار العقد الماضي. فقد غادر العراق نحو نصف المسيحيين العراقيين الذين بلغ عددهم مليون مسيحي ليمثلوا في بعض الأحيان 20 في المئة من اللاجئين العراقيين، رغم أنهم لا يمثلون إلا خمسة في المئة من إجمالي السكان. وفي مؤتمر بشأن التحديات التي تواجه المسيحيين العرب استضافه الأردن الأسبوع الماضي، سعى أكثر من 50 زعيماً مسيحياً بارزاً ومجموعة من علماء الدين المسلمين إلى فتح حوار بين الأديان للمساعدة في كبح الطائفية المتصاعدة. وأكدوا على الدور المحوري الذي لعبه المسيحيون في المجتمعات العربية لأكثر من ألفي عام حتى قبل ظهور الإسلام. وقال البطريرك الأرمني نورهان مانوجيان من القدس «هذا الوجود المسيحي على امتداد هذه العصور يواجه الكثير من التحديات التي تهز أعمدة وقواعد الثقافة العربية والمكون المسيحي فيها، خاصة مع صعود الهجرة التي تضر سلبياً بالمسيحيين العرب». وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي دعا المشاركين في المؤتمر إلى غداء في القصر الملكي: إن الأردن مثال للتعايش السلمي والأخوة بين المسلمين والمسيحيين ليس من باب حب الخير، لكن بسبب ضرورة التعايش. وأضاف: «نعتقد أيضاً أن حماية حقوق المسيحيين واجب وليس جميلاً.... لعب المسيحيون دوراً محورياً في بناء مجتمعاتنا والدفاع عن أمتنا». وفي منطقة أقيمت على التلال في عمّان ترددت الترانيم الأخيرة من نافذة رقيقة الإضاءة في كنيسة «الآباء الجيزويت»، بينما كانت نسائم المساء تزداد عذوبة. وبعد القداس وقف عشرات اللاجئين العراقيين بين المقاعد الزرقاء المتواضعة ليلمسوا الصليب أو يطبعوا قبلة عليه قبل خروجهم. وكان بينهم مفيد الذي كان يمتلك متجراً للتصوير الفوتوغرافي في بغداد. وقال: إنه في أحد الأيام جاءه بعض الأشخاص وقالوا له: إما أن يدخل الإسلام أو يدفع جزية قدرها 70 ألف دولار أو يُقتل مع أسرته. ولذا فر هو وزوجته قبل تسعة شهور إلى الأردن ووجد ملجأ في هذه الكنيسة التي يديرها الأب «ريمون موصلي» من كنيسة الكلدان الكاثوليكية. وقال اللاجئ أندريوس من مدينة الموصل العراقية: إنه تلقى تهديدات مشابهة بالهاتف حين سمع صوتاً يقول: «لأنكم من الكفار عليكم أن تدفعوا الجزية، وإذا لم تدفعوها فسوف نقتلك أنت أو ابنك». وينتظر «مفيد وأندريوس»، كل مع أسرته، الحصول على تأشيرات سفر أملًا في أن يبدؤوا حياة جديدة في الغرب. وفي حي مجاور ينتظر رضا وشقيقه الوقت الذي يعودان فيه إلى سوريا. وقال ابنهما أنس: إنه تلقى رسائل تهديد جاء فيها «أموالكم ونساؤكم وأطفالكم حل لنا». وفر «أنس» إلى الأردن مع زوجته وأطفاله بعد أن أحرق المتجر الذي كان يعمل فيه. وأسرة رضا في عمّان منذ عام، وهم يأملون في أن يعودوا في أقرب وقت مع استتباب الأمن بصرف النظر عن من الموجود في السلطة. لكنهم قلقون بشكل واضح من الأمثلة السابقة في الدول الأخرى التي حصلت فيها القوى الإسلامية على السلطة بعد الإطاحة بالأنظمة العلمانية. وقال رضا: «نحن ننظر إلى الدول التي أمامنا مثل العراق وليبيا ومصر. استولى الإخوان على السلطة في مصر، وانظر ماذا حدث في عام واحد». وقد واجه مسيحيو مصر الذين يشكلون عشرة في المئة تقريباً من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 90 مليوناً عمليات قتل وخطف متزايدة، كما حرقت كنائس منذ الانتفاضة التي أطاحت بمبارك عام 2011. وأكد الزعماء المسيحيون في مؤتمر الأسبوع الماضي مراراً على الحاجة إلى التساوي في حقوق المواطنة وعبروا عن مخاوفهم من أن تقف بعض التفسيرات الإسلامية المتشددة للشريعة ضد تحقيق مفهوم المواطنة بصرف النظر عن الدين. وشجع منيب يونان، مطران الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأرض المقدسة والأردن، المسيحيين على «التصدي للإسلام السياسي وعدم الخوف منه»، وأكد على الحاجة إلى التواصل مع كل المسلمين ليس فقط من أجل الفهم الديني، لكن لمناقشة «العلاقة الملائمة بين الدين والدولة». وقال الشيخ علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية وأحد المشاركين في المؤتمر: إن حرق الكنائس وإهانة المسيحيين ليس «انتهاكاً كبيراً على المستوى الإنساني فحسب، بل على المستوى الإسلامي» وتحسر على الأيام التي كان يلعب فيها كرة القدم مع أقرانه المسيحيين ويتقاسمون الطعام سوياً. كريستا كيس براينت محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©