الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المصارعة الرومانية القديمة جديد مشروع «كلمة»

المصارعة الرومانية القديمة جديد مشروع «كلمة»
23 يناير 2011 21:33
صدر عن مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث ترجمة كتاب جديد بعنوان “المصارعة الرومانية القديمة.. التاريخ الدامي لرياضة الموت”، لمؤلفه فك مايير وترجمه إلى اللغة العربية الدكتور صديق محمد جوهر. ويفتح هذا الكتاب آفاقاً جديدة في مجال الدراسات الثقافية والحضارات المقارنة، فلم يقتصر تناول المؤلف لنشأة المصارعة الرومانية القديمة وتطورها في المنظور التاريخي المعتاد، بل سعى إلى دمج التاريخ مع النظريات السياسية والدراسات النفسية المعاصرة من أجل رصد العديد من المقاربات الفكرية ذات الصلة. وفي هذا الكتاب يغوص المؤلف في أعماق الحضارات القديمة ليرصد عن كثب تاريخ المصارعة الرومانية القديمة بكل ما فيها من وسائل ترفيهية بربرية وطقوس دموية متوحشة تحلل ذبح البشر وتقديمهم قرابين في ساحات المسارح الرومانية الممتدة عبر الأقاليم الشرقية والغربية للإمبراطورية. وجاء في مقدمة الكتاب أن بعض المؤرخين رأوا أن المعارك والمنافسات الدامية التي كانت تدور في باحة المسرح الروماني كانت بمثابة صمام الأمان الذي يقوم بتنفيس ما يختلج في نفوس عامة الشعب والغوغاء من مشاعر مكبوتة، ولذلك فإن الإثارة التي تصاحب مشاهد الذبح تخفف من إحساس الجماهير بالبؤس الذي يعانونه في حياتهم اليومية، كما تخفف من مشاعر الكبت التي تنكد عليهم حياتهم، أمّا الأباطرة والطغاة فكانوا يستغلون أي فرصة للتأكيد على شرعية سلطاتهم، ولذلك كانوا يسارعون لتنظيم هذه العروض المكلفة باعتبارها تجسيداً رمزياً لقوتهم وطغيانهم. كما ويصور المؤلف عروض الإعدام الجماعية العلنية وشلالات الدماء المسفوكة التي تلطخت بها حلبات وجدران المسارح الرومانية منذ الأزل وحتى إغلاقه في أواسط القرن الخامس الميلادي ويرى أنها تجسد أبشع وأشنع وسائل التعبير عن الطغيان والجبروت والقوة التي كان الأباطرة الرومان مولعين بها، فقد انساق الأباطرة من أمثال قيصر ونيرون وتيتوس وكومودوس وكلوديوس وغيرهم وراء غرائز العنف، وأنفقوا الملايين على عروض المصارعة وأفرغوا غابات إفريقيا من الحيوانات البرية التي جيء بها لتذبح في ساحات الموت بهدف إلهاء شعوبهم والترفيه عنهم، كما شق هؤلاء الأباطرة القنوات البحرية داخل تخوم روما لإقامة العروض القتالية التي تحاكي الغزوات الرومانية البحرية لشواطئ وبلدان الدول المجاورة. ويحكي الكتاب تاريخ نشأة ألعاب المصارعة الرومانية التي دامت على مدار القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، حيث كانت هذه العروض جزءاً لا يتجزأ من طقوس الحياة الرومانية، وكانت المسارح والمدرجات الرومانية منتشرة في جميع المدن الكبرى وذات الحجم المتوسط حيث دأب الناس من جميع الطبقات على الذهاب لمشاهدة عروض المصارعة التي كانت تعتبر جزءاً من الترفيه آنذاك، كما أن الأباطرة كانوا يروجون لهذه العروض من أجل استغلالها في الدعاية السياسية تعبيراً عن تضامنهم مع الشعب وتقاربهم من الجماهير، إلى جانب تأكيد بسط سيطرتهم على البشر والحيوانات معاً. كما تناول المصارعة النسائية والأسباب السياسية والاجتماعية وراء بناء المدرجات والمسارح الرومانية، بالإضافة إلى دراسة الآثار والمخطوطات والجداريات التي تخلد تاريخ المصارعة في شتى العصور، كما عرج المؤلف على اقتصادات المصارعة ومصادر الأموال الباهظة التي أنفقت طوال التاريخ الروماني على إقامة عروض الموت إلى أن انهارت دعائم الاقتصاد الروماني بسبب البذخ وسوء التخطيط وتفشي الأوبئة والمجاعات وتعرض البلاد لغزوات البرابرة والقبائل القوطية والوندالية المتوحشة التي نهبت آثار روما ومسارحها بما في ذلك مبنى “الكولوسيوم” أشهر المدرجات الرومانية القديمة. ويشير الكاتب في كتابه إلى أنه وعلى الرغم من الشعبية الكاسحة التي كانت تحظى بها عروض المصارعين إلاّ أن الكتابات الرومانية خاصة في أواخر عهد الأباطرة لم تذكر الأصول التي نشأت منها هذه الألعاب سوى ثلاث مرات، ويعود سبب ذلك الامتناع عن الحديث المطول عن جذور المصارعة الرومانية لأنها لم تكن في الأساس من أصل روماني وهو ما لا يحب الرومان المتعصبون لثقافتهم أن يسمعوه. كما يذكر الكاتب أنه ومع بدايات القرن السادس عشر بدأت هذه المسابقات تتلاشى ولكنها استبدلت بمسابقات مبارزة أخرى يشترك فيها الفرسان تسمى بالمبارزة الرسمية، حيث كان المشاركون فيها يعتبرونها شكلاً من أشكال العنف المسموح به رسمياً والذي يعد نوعاً من الطقوس القتالية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©