السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نحن» و«هم» في باكستان

23 يناير 2011 21:33
تقرع الطبول وتنفخ المزامير بينما تسود موسيقى الحرب عناوين الصحف الإنجليزية والإعلام الإلكتروني في باكستان. وفّر مقتل حاكم البنجاب سلمان تيسير بالطبع فرصة أخرى للتكلم عن الأمور بتعابير "نحن" و"هم"، بالطبع. ولم يمضِ يوم دون إدانة لاغتيال الحاكم، وظهور مناشدة أو اتخاذ موقف، أو تثقيف وتغيير لاتجاه الرياح التي تهب لذوي "العقول الخافتة والذين غُسلت أدمغتهم" في باكستان. وإلا فإننا "نحن" سنؤول إلى الدمار. و"نحن" بالطبع هم الليبراليون والتقدميون الذين يدعون ذلك بأنفسهم. ومن سخريات القدر ولسوء الحظ أن هؤلاء الـ "نحن" هم أقلية صامتة لمدة العقود الستة تقريباً من عمر باكستان. من يشكل الـ"هم"؟ ليس الجواب مباشراً بل يتغير ليلائم الشعور السائد. يمكن للـ"هم" أن يكونوا الناس الذين احتجوا على الحكم بإعدام الرئيس الباكستاني السابق بوتو عام 1979، ويمكن أن يكونوا أعضاء الحزب الذين خرجوا إلى الشوارع عام 2007 و 2008 للإطاحة بمشّرف الذي اعتبره الكثيرون من الـ"نحن" رائداً وبشيراً للاعتدال المتنوّر والليبرالية. كما يمكن للـ"هم" أن يكونوا الـ40,000 شخص الذين خرجوا مؤخراً إلى الشارع للاحتجاج على احتمال إلغاء قانون التجديف. لكن، بطريقة ما، فإن الـ"هم"، ورغم كونهم غالبية ساحقة، لا يمكنهم أبداً وفي أي يوم من الأيام أن يشكّلوا وجه باكستان الحقيقي. ومثالاً على ذلك أن الـ 40,000 شخص في كراتشي الذين احتجوا ضد إلغاء قانون التجديف، تجاهلهم معلق مشيراً إليهم بمجرد تلاميذ مدرسة وعاملين حزبيين. لذا فالتعليقات التي صدرت بأعداد كبيرة كانت متوقعة. "نحن" أفقنا كالعادة من سباتنا العميق ولجأنا إلى اتخاذ الموقف الأخلاقي العالي بشعور ذاتي من التقوى. بالطبع، ومن خلال تحليل نبرة المعلّقين وتعابيرهم، نوشك على تسمية الـ"هم" عصابة المخلوقات التافهة غير المتسامحة. في هذه الأثناء، لم نوفر أية حالات موازية، بغض النظر عن ضعف الإشارة إليها، لوصف مصيبة الليبراليين والتقدميين في هذا البلد لتعابير تتراوح بين "نوعيات معرضة لخطر الانقراض"، وعرضة لـ"سرطان التطرف". لكن حقيقة، كيف يمكن للـ"نحن" أن نكون بهذه السذاجة لنعتقد أن عدم التسامح الذي أظهره قاتل تيسير، لم يكن موجوداً قبل هذا الحدث؟ أو أنه لا ينبع من سياسات "الأسلمة" التي اتبعها ضياء الحق في ثمانينيات القرن الماضي. هل تذكرون غازي علم الدين شهيد عام 1929، ملهِم قادري وأتباعه، الذي قام مع صديقه بإلقاء عملة معدنية في الهواء ليختارا من سيقتل ناشراً هندوسياً لأنه نشر مادة تجديفية؟ هل تذكرون الاضطرابات عام 1950 ضد الطائفة الأحمدية، التي تتعرض شرعيتها للمساءلة من قبل الغالبية؟ قد يصبح موت تيسير، بعد مرور شهرين خبراً قديماً. وإذا كان التاريخ أمراً يحتذى به، ما كان أحد منا سيقف إلى جانب "آسيا نورين"، المسيحية التي ساندها تيسير، والمتهمة بالتجديف والتي صدر حكم بإعدامها. واقع الأمر أنه في خضّم جميع النداءات بالحرب، أتساءل ما إذا كان أحد قد أعرب عن دعمه لها منذ مقتل تيسير. تتمثّل سخرية القدر التي ما فتئ الـ"نحن" يجهلونها في أن المحافظين ليسوا هم من دفعوا باكستان نحو الهاوية، إنما "نحن" الليبراليين الذين تراجعنا وتقلّصنا. نعرف في أعماقنا "نحن" أن احتمالات تحمّل النتائج الوخيمة للسياسات التي نتّبعها، أو حتى تلك التي لا نتبعها، بالغة الصغر وشبه معدومة. نقف اليوم على مفترق طرق، وسوف نصنع السبيل الذي نختاره. ينبغي علينا أولاً أن نكسر الحدود بين الـ"نحن" والـ"هم" لنصبح "واحداً". "هم" أناس ومواطنون من هذا الوطن تماماً مثل الـ"نحن"، ويحق لهم الإعراب عن رأيهم. نستطيع فقط عندما نقبل "نحن" وجودهم أن نبني على ذلك. لا نستطيع أن نبقى بعد الآن في حالة إنكار. وإلا فسنبقى في المربع الأول. لن يكون الأمر سهلاً، لكن، وكما قال الفيلسوف الصيني لاوتجو، إن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، هي في هذه الحالة، القبول. ناديا جاجا محررة في المنشور الشهري "الهيرالد" الصادر في كراتشي ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©