الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الشيخ زايد دشن عصراً جديداً في الصيد المستدام وحماية البيئة

الشيخ زايد دشن عصراً جديداً في الصيد المستدام وحماية البيئة
3 سبتمبر 2012
أبوظبي (الاتحاد) - يعد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرائد الأول للصقارين وحماة البيئة، ولد وعاش نصيراً للطبيعة، وكان اشتهار مبادئه وذيوع صيته في هذا المجال، إيذاناً ببداية عصر جديد في حماية البيئة وتأصيل رياضة الصيد بالصقور ، حيث استشرف في وقت مبكر من حياته، الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على تراث الصقارة وبقاء الصقور وطرائدها في البرية. وأدخل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - جانباً إنسانياً في مفاهيم رياضة الصيد بالصقور التي اعتبرها تراثاً لا يقدر بثمن، وبمواصلة شغفه بالصقارة، نمت مهارات الشيخ زايد الفائقة ومنقطعة النظير، كما وصفها بذلك المستكشف البريطاني السير ولفيريد ذيسجير الذي شاركه الصيد قبل خمسين عاماً ماضية. وجاء في كتيب أصدره نادي صقاري الإمارات عام 2005 بعنوان “زايد .. الصقار الأول”، أنه على الرغم من ولادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - في بيئة صحراوية قاسية فقيرة من شبه الجزيرة العربية، حيث يستعين البدو على معيشتهم بالصيد، إلا أنه - رحمه الله - ومنذ مقبل أيامه وحداثة سنه، استشرف الحاجة إلى إحداث توازن بين الحفاظ على التراث العريق للصقارة والصيد بالصقور، وبين التأكد من بقاء الصقور وطرائدها في البرية على المدى البعيد. رؤيته حول الصيد المستدام وقد توصلت رؤيته المتفردة إلى ما عرفه حماة الطبيعة المعاصرون لاحقاً الصيد المستدام، وبذلك فإن الشيخ زايد لم يسبق جيله فقط، لكنه تفوق بمراحل بعيدة على دعاة حماية الطبيعية العالميين. وفي منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، أصبح الشيخ زايد الصقار صاحب الفضل الأول في المحافظة على الطبيعة من منطلق رؤية شاملة تهدف لبناء المجتمعات الصديقة والحياة الفطرية. وعلى المستوى الاجتماعي جسد زايد بلا منازع الصورة المثالية للصقار العربي، وذلك لصدق حدسه ومعرفته الواسعة بالطبيعة، ما مكنه من الفوز بإعجاب أفراد مجتمعه وحبهم. وذكر الكتيب أن العالم قد نُكب بفقد صاحب بصيرة نافذة ورؤية ثاقبة لن تستشرف أبعادها الحركات الداعية للمحافظة على الطبيعة إلا بعد فترة طويلة، حيث أدخل الشيخ زايد جانباً إنسانياً في مفاهيم رياضة الصيد بالصقور التي اعتبرها تراثاً لا يقدر بثمن. وبمواصلة شغفه بالصقارة، نمت مهارات الشيخ زايد الفائقة ومنقطعة النظير، كما وصفها بذلك المستكشف البريطاني السير ولفيريد ذيسجير الذي شاركه الصيد قبل خمسين عاماً ماضية. حبه للطبيعة والحياة البرية واعتبر الكتيب أن الشيخ زايد قد مثل لدعاة حماية الطبيعة قيماً خالدة من منطلق قناعاته وتجاربه. لقد أحب الطبيعة والحياة البرية على نحو غير مسبوق، عبر عنه الصحافي البريطاني المشهور باتريك سيل الذي قابله في عام 1965م في مدينة العين حينما كان حاكماً لها، فقال: (إن الشيخ زايد يعرف كل حجر وكل شجرة وكل طائر يصل إلى منطقته. وفوق كل ذلك، فهو يدرك أهمية المحافظة على كل نقطة ماء ويحسن استثمارها، وهو شغوف بزراعة الأشجار. وفيما يتعلق بوسطه الاجتماعي، فإنه لا ينظر للصقارة كرياضة فردية مجردة، وإنما يعتبرها فرصة للرفقة والأنس. وعلى غير ما جرت عليه العادة في بلدان العالم الأخرى، فإن الصقارة العربية ممارسة اجتماعية. ولمهارته في الصقارة على طريقته الخاصة، أصبح قريباً من قلوب مواطنيه وعقولهم. لقد كانت صلة المودة التي ربطته بشعبه أحد أسباب تلك المحبة والشهرة التي لم يحظ بها قائد آخر في المنطقة بأسرها). والأمر الفريد والمدهش في الشيخ زايد -الرجل والمناصر للطبيعة- أنه ذو مقدرة على المحافظة على قيمه ومعتقداته، وبعد أن أصبح رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن تحقق على يديه وبجهوده اتحاد دولة الإمارات، فإنه لم يركن إلى بريق الحياة الحديثة ولم ينحنِ تحت وطأة المسؤوليات الجسيمة التي ألقيت على عاتقه. ومثل قيام دولة الاتحاد علي يده، علامة على عصر جديد، حيث تمكن الشيخ زايد رحمه الله من توسيع نطاق اهتمامه بالطبيعة والبيئة على المستوى الوطني والتشريعي بإقامة المؤسسات البيئية المختصة، ومستشفيات الصقور، ونادي صقاري الإمارات، وبرنامج زايد لإطلاق الصقور، ومراكز إكثار الحبارى في أبوظبي والمغرب. وقبل الاتحاد كان زايد - طيب الله ثراه - قد شحذ رؤاه المتقدمة حول المحافظة على الطبيعة، منذ أوائل الستينيات، وعلى سبيل المثال، فقد أعد في الوقت المناسب تماماً لعملية تم فيها أسر زوجين من المها العربي لتكون تلك الحيوانات نواة لإنشاء قطيع محمٍ ومتكاثر في الأسر من هذا النوع المنقرض من البرية. والآن وبعد 40 عاماً من ذلك التاريخ وصل العدد إلى ما يزيد على 4000 من المها العربية في مناطق محمية من دولة الإمارات، وتوجد العديد من تلك الحيوانات في المحمية الطبيعية التي أقامها في جزيرة صير بني ياس، والتي تضم إلى جانب المها العربي، المئات من الأنواع الأخرى المهددة بالانقراض، مثل الغزلان العربية والمها معقوفة القرون. وفي عام 1966، حينما أصبح الشيخ زايد حاكماً لإمارة أبوظبي التي بدأت نهضتها السريعة عقب إنتاج النفط، أنشأ زايد هيئة للرفق بالحيوان ضمت مجموعة من الجوالين الذين تولوا حراسة الصحراء للإشراف على تطبيق الحظر المفروض على صيد الحيوانات البرية. وقد استفادت الغزلان العربية والطيور والأرانب، وغيرها من الحيوانات البرية، من ذلك بصورة مباشرة. وذكر كتيب “زايد .. الصقار الأول”، أن جهود الشيخ زايد قد استمرت في مجال الصقارة، والمحافظة على الطبيعة، دون تعارض، ليس فقط بفضل جهوده ومشاريعه وتوجيهاته المباشرة، وإنما أيضاً كونه مصدر إلهام ورعاية لمبادرات عديدة آتت أكلها وساهمت بقدر كبير من العطاء على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية. ومن أهم مبادراته في هذا المجال، تنظيم المؤتمر العالمي الأول للصقارة والمحافظة على الطبيعة في مدينة أبوظبي في آواخر عام 1976، والذي جمع للمرة الأولى بين صقاري الخليج ونظرائهم في أميركا الشمالية وأوروبا والشرق الأقصى. مستشفى الصقور وفي مستهل الثمانينيات، قام الشيخ زايد بإنشاء مستشفى الصقور بالخزنة خارج مدينة أبوظبي، ثم تم فيما بعد إنشاء مستشفى أبوظبي للصقور في عام 1999، والذي كان جزءاً من هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها. وفي مجال حماية الأنواع، كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول من أدرك المخاطر التي تواجه أنواع الطيور والحيوانات، فقام بإنشاء مشروعات عدة لحماية الأنواع. وبتوجيهاته، بدأ برنامج إكثار الحبارى الآسيوية في الأسر في حديقة حيوان العين بدولة الإمارات في عام 1977، حيث أعلن في عام 1982 عن تفقيس أول فرخ في الأسر في دولة الإمارات. وفي المملكة المغربية، أنشأ الشيخ زايد في عام 1995 مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية لإكثار الحبارى وإطلاقها في البرية. وفي باكستان دعم - رحمه الله- إنشاء الهيئة العالمية للحبارى. وقد ساعد ذلك على توثيق العلاقات مع الحكومة الباكستانية لمكافحة الصيد غير المشروع لطيور الحبارى وإعادة تأهيل الطيور المصادرة لإطلاقها في البرية. وبحلول عام 1995، عمل الشيخ زايد على التحول من استخدام الصقور البرية إلى الصقور المكاثرة في الأسر، وبحلول عام 2002 أصبح صقارو الإمارات يعتمدون بنسبة 90% على الصقور المكاثرة في الأسر، ما جعل الإمارات البلد العربي الأول الذي أصبح يعتمد على استخدام الصقور التي يتم إكثارها في الأسر في رياضة الصيد بالصقور. وإحياء لتقليد عربي اندثر، أرسى زايد تقليد إعادة إطلاق العديد من صقوره إلى البرية في نهاية موسم الصيد. فقد بدأ برنامج زايد لإطلاق الصقور في عام 1995، وبحلول عام 2004 وصل مجموع الصقور التي تم إطلاقها إلى ما يقارب الألف من صقور الحر والشاهين التي نجحت في العودة إلى حياتها البرية الطبيعية بعد إطلاقها على مسار هجراتها الأصلية في باكستان وأواسط آسيا. الاستثمار الأمثل للطيور وشجع زايد بصورة فعالة زملاءه الصقارين على الاستثمار الأمثل للطيور المنتجة في الأسر، واعتمد، رحمه الله، نظاماً مشدداً للترخيص باستخدام الطيور البرية في دولة الإمارات. ورافق ذلك إصدار (جواز سفر الصقر) الذي تم اعتماده بوساطة الاتفاقية العالمية للنباتات والحيوانات المهددة بالانقراض (سايتس)، ما كان له أثر بالغ في التقليل من أنشطة الصيد غير المشروع في الأقطار المجاورة. وحظيت جهوده في هذا المجال بالتقدير العالمي الذي تجسد في جوائز عدة حصل عليها، رحمه الله، منها جائزة رجل البيئة والتنمية في عام 1993، والجائزة التقديرية والميدالية الذهبية لمنظمة الزراعة والأغذية العالمية (الفاو) في عام 1995، وشهادة الباندا الذهبية من الصندوق العالمي للطبيعة في عام 1997. .
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©