الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«صندوق الناجين»... مساعدة ضحايا ضرب «البنتاجون»

14 سبتمبر 2011 22:56
عندما وصلت صباح يوم 12 سبتمبر 2001 إلى مكتبي بمؤسسة"كوميونيتي فاونديشن للخدمة المجتمعية لمناطق العاصمة واشنطن"، كان جرس الهاتف يرن بلا توقف. كان زملائي العاملون في مختلف أنحاء واشنطن يريدون التشاور معي بشأن ما يتعين عمله لتقديم المساعدة. كان العاملون في مكتبي يريدون توجيه نفس السؤال إليّ، بعد أن كانوا قد وجهوه لأنفسهم قبل وصولي. وبحلول نهاية الأسبوع كان قادة المجتمع المحلي، قد عهدوا إلى مؤسستنا بتكوين صندوق يكون هدفه الوحيد هو مساعدة الأفراد والعائلات، التي تأثرت تأثيرًا مباشراً بالهجوم الذي وقع على مقر البنتاجون في ذلك اليوم، وهو ما حدث بالفعل ومنذ ذلك اليوم لا يزال ذلك الصندوق المعروف بـ"صندوق الناجين" من ذلك الهجوم، يعمل بنجاح. ولم يكن إنشاء الصندوق، ولا المهمة التي اضطلعنا بها بعد إنشائه، بالشيء الجديد على مؤسستنا التي دأبت منذ إنشائها عام 1973 على مواجهة كافة التحديات، وحل معظم المشكلات التي كان يتعرض لها هذا المجتمع المحلي، بدءاً من انتشار المخدرات، إلى العنف، إلى عدم المساواة في التعليم، والكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية. وبعد تدشين الصندوق، بدأت الشيكات تصل إلينا بأعداد كبيرة، وكان معظمها مرفقاً بخطابات. وقمنا بفتح كل خطاب من الخطابات الواردة إلينا، والتي بلغ عددها في ذلك الحين 12 ألف خطاب. كان أحد تلك الخطابات يقول" على الرغم من أننا قد فقدنا عدداً كبيراً من الناس في انهيار برجي مركز التجارة، فإنني أود أن أتأكد من خلال مساهمتي المتواضعة هذه، ولم تكن بالمتواضعة بحال، من أننا لن ننسى هؤلاء الذين قضوا في الهجوم على البنتاجون أو عائلاتهم". وكان هناك خطاب آخر يقول:" ما أرسله طي هذا الخطاب ليس بالكثير... ولكنني أود القول إن ابني الذي يعمل في البنتاجون قد نجا، وأريد من هذا التبرع أن يكون ذا معنى للناجين الذين فقدوا أحداً من أحبابهم"، ولم يقتصر الأمر على البالغين حيث قام أطفال بإرسال أكياس تحتوي على مقادير كبيرة من العملات الفضية الصغيرة، ومربوطة بشريط ذات ألوان حمراء وبيضاء وزرقاء. أحد تلك الشيكات كان بمبلغ100 ألف دولار، مقدم من شخصية أميركية مشهورة. وقبل أن ينتهي شهر سبتمبر 2001 كنا قد تمكنا من جمع 600 ألف دولار، وبحلول نهاية العام كان المبلغ الموجود بالصندوق قد وصل إلى 16 مليون دولار، وبعد ذلك وصل إلى 25 مليون دولار. على مدى سبع سنوات، وحتى تاريخ إغلاقه عام 2008 قدم "صندوق الناجين" دعماً مالياً، ودعماً متمثلاً في إيجاد حلول للحالات، التي عرضت عليه خلال تلك الفترة، بالتعاون والشراكة مع مؤسسة "الخدمات العالية لشمال فرجينيا". واستفاد من هذا الدعم 1,051 شخصاً تقدموا للحصول على معونة، تم تقديمها لهم بعد التأكد من انطباق الشروط عليهم. وكان من بين هؤلاء أشخاص أصيبوا بحروق شديدة استدعت خضوعهم للعلاج وبقاءهم في المستشفى لعدة شهور، وأشخاص آخرون كانوا يعانون من توتر، وقلق نفسي، وآخرون من مشكلات زوجية، وآخرون يعانون من حالات تتعلق بإساءة استخدام العقاقير، أو التفكير في الانتحار. وفي بعض الحالات قمنا بمساعدة أشخاص لم تكن تنطبق عليهم شروط الحصول على معونات من جهات أخرى، فلجأوا إلينا وقمنا بمساعدتهم بقدر الإمكان وكان منهم موظفون في شركات طيران تعرضوا أثناء عملهم لمواجهات مع الإرهابيين. بعض الناجين لم يتمكنوا من العودة إلى وظائفهم السابقة. من هؤلاء على سبيل المثال"بول هوليس" الذي قال إنه لم يستطع العودة إلى وظيفته السابقة كجندي إطفاء بعد الأهوال التي شاهدها عند ضرب البنتاجون، فساعده "صندوق الناجين" من خلال دفع تكاليف تعليمه مهنة جديدة يمكنه الاعتماد عليها كمصدر للعيش، حيث قمنا بإرساله لمركز لتعليم مهنة اللحام في كلية "نورث فرجينيا" للخدمات المجتمعية، وقد اتصل بنا عام 2005، أي بعد وقوع تلك الهجمات بأربع سنوات وقال لنا:"لا زلت حتى الآن اشتغل في مجال الإطفاء، ولكنني أصبحت مسيطرًا عليه تماماً". في بعض الحالات كنت أحس بأننا نؤدي وظيفة مقدسة تستدعي العدالة التامة. فلجنة التوزيع التابعة لـ"صندوق الناجين"، كانت تضطر في بعض الحالات لاتخاذ قرارات غاية في الصعوبة، تتعلق بكيفية توزيع الموارد المتناقصة باستمرار للصندوق بالعدل والقسطاس. وقد اضطررنا في سياق ذلك إلى إعادة تنقيح الخطوط الإرشادية، التي كنا نعمل بموجبها كي نضمن أن المبالغ المتبقية في الصندوق سوف تساعد الأشخاص أصحاب الموارد المالية الأقل والحاجات الأكبر في نفس الوقت، وهو ما كان يمثل تحدياً كان يتعين علينا التغلب عليه باستمرار. الحادي عشر من سبتمبر ساهم في توحيد مجتمعنا بطريقة لم يكن بمقدور أي حدث آخر أن يحققها.لقد جسد صندوق الناجين العمل الخيري الأهلي في أفضل مظاهره على الإطلاق. وهذه الروح الخيرية والخيرة في ذات الوقت، ما زالت قائمة حتى الآن في مجتمعنا. لقد علّم صندوق الناجين مجتمعنا العديد من الدروس حول الاستعداد الدائم لمواجهة الطوارئ والطرق الكفيلة بالتغلب عليها، أما بالنسبة لي فإن الكرم الدائم الذي يبديه الجيران في مساعدة أشخاص غرباء تماماً، يمثل أعظم الدروس التي تعلمتها على الإطلاق. تيري لي فريدمان رئيس مؤسسة كوميونيتي فاونديشن للخدمة المجتمعية لمناطق العاصمة واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©