الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا بين تردد «أوباما» وارتباك «أولاند»

سوريا بين تردد «أوباما» وارتباك «أولاند»
9 سبتمبر 2013 23:24
يشعر الرئيـس الفرنسـي فرانسوا أولانـد بأنه قد اتخذ القرار الصائب عندما أعلن عن مشاركته في توجيه ضربة عسكرية سريعة لسوريا، لمعاقبة نظامها على الهجوم المفترض بالأسلحة الكيماوية. ولكن، عندما اتخذ أوباما قراره المفاجئ بطلب موافقة الكونجرس قبل الشروع في العمل العسكري، وجد أولاند نفسه في ورطة مواجهة المعارضة السياسية الخارجية والداخلية لقراره. وأصبحت الانتقادات الموجهة إليه تقول إن حلفاءه الأميركيين تركوه في حيرة من أمره. ويحدث هذا في وقت أصبحت فيه فكرة توجيه ضربة عسكرية لسوريا تخسر المزيد من مستوى القبول الشعبي لدى الرأي العام الفرنسي. وقد أراد أولاند تصحيح هذا الوضع يوم الجمعة الماضي عندما قال إنه سينتظر تقرير مفتشي الأمم المتحدة حول ما إذا كانت قوات الأسد قد استخدمت الأسلحة الكيماوية، قبل مشاركة فرنسا في العمل العسكري. ويمكن لعملية إعداد التقرير أن تمتد لأسابيع، وقد تعرض العمل المشترك مع الولايات المتحدة للخطر لو أن واشنطن قررت التحرك ضد النظام السوري قبل صدور التقرير. وقد أمضى كل من أولاند وأوباما يومين من العمل المكثف من أجل حشد المزيد من الحلفاء، وذلك لأن تقرير المفتشين لن يحدد ما إذا كانت قوات الأسد قد استخدمت الأسلحة الكيماوية أم لا، بل سيتركز على مجرّد الحكم على ما إذا كانت قد استخدمت أصلاً. وهذه النقطة المهمة دفعت وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى اعتبارها سبباً وجيهاً لعدم انتظار صدور التقرير. وقال أولاند في مؤتمر صحفي عقده بعد انتهاء أشغال قمة العشرين في سان بطرسبرغ: «لا يوجد ثمة شك في أن فرنسا ستتدخل في سوريا. ولعل من المنطقي انتظار قرار الكونجرس وتقرير المفتشين. وحالما يتم الإعلان عن هذه المعلومات، سأوجّه خطاباً إلى الأمة أعلن فيه عن قراري». ويبدو وكأن الوضع الراهن يمثل مشهداً معاكساً لجدل شهدناه قبل عقد من الزمن حول التدخل في العراق، وذلك عندما كانت فرنسا هي الدولة الأكثر اعتراضاً على الغزو العسكري الأميركي، وكانت تتساءل عما إذا كان هناك بالفعل دليل قاطع على وجود برنامج عراقي حقيقي لامتلاك الأسلحة الكيماوية. حدث ذلك عندما كان غضب الأميركيين على الفرنسيين قد بلغ الحدّ الذي دفع بالبعض إلى التفكير حتى في تغيير اسم «البطاطا الفرنسية المقليّة»، وذهب الأميركيون إلى أبعد من ذلك عندما وصفوا الفرنسيين بأنهم «قرود جبناء لا يتوقفون عن التهام الجبن». وحتى يوم الجمعة الماضي، كان الفرنسيون متقدمين على الولايات المتحدة من حيث التدخل في سوريا عندما عمدوا إلى دعم المعارضة السورية المسلحة منذ مطلع العام الجاري فيما كان أوباما يلتزم جانب الحيطة والحذر. وعندما اتخذ مجلس العموم البريطاني قراره بعدم التدخل في الشأن السوري، بدأ الشعور بضرورة الابتعاد عن هذه المهمة يستثير الفرنسيين أيضاً على رغم ظهور مؤشرات تدل على انقسامات حادة داخل صفوف المعارضة فيما يتعلق بتأييد خطة أولاند. وقال فرانسوا هايبورغ الخبير الدفاعي في «مؤسسة البحوث الاستراتيجية» في باريس: «من الناحية العسكرية، يتوافر أمامنا الكثير من المهمات الممكنة. وسيكون في وسعنا مثلاً إطلاق بضع عشرات من الصواريخ باتجاه أهداف مختارة في دمشق، أو أي مكان آخر في سوريا. ولكن القيام بهذا العمل استناداً إلى قرارنا الذاتي، ومن دون تفويض من الاتحاد الأوروبي، أو حلف «الناتو» أو مجلس الأمن، هو أمر يفوق طاقتنا». وسيؤدي الانتظار الطويل لقرار الولايات المتحدة بالتدخل في سوريا إلى الإيحاء بالضعف العسكري الفرنسي بأكثر مما يوحي بالقوة. وقد اعتبر «فيليب مورو ديفارجيس» خبير السياسة الخارجية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس أن: «من الواضح أن أولاند أراد تدخلاً لا تتكفل به فرنسا وحدها. فإذا لم تبادر الولايات المتحدة إلى العمل فإنه سيبدو في موقف مثير للسخرية». وسبق لفرنسا أن شاركت في حملتين عسكريتين كبيرتين خلال السنوات القليلة الماضية، كانت الأولى ضد القذافي عام 2011، والثانية في هذا العام عندما أطلقت هجوماً جوياً وبرياً في مالي، وكُتب لكلتا الحملتين أن تحظيا بالتأييد الشعبي الواسع عند مختلف شرائح الرأي العام الفرنسي. وقال محلل سياسي إن نجاح أولاند في مالي، الذي رفع من معدل شعبيته بعد أن شهدت تراجعاً، هو الذي سيدفعه إلى التحرك في سوريا بأسرع ما يمكن. وقال كريم بيطار خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد الاستراتيجيات الدولية في باريس: «ربما يكون أولاند قد بالغ في فهم الدرس الذي تعلمه من مالي. وذلك لأن الموقف في سوريا مختلف تماماً. وربما يكون قد شعر بالثقة المفرطة لأن الأمور سارت على النحو المطلوب في مالي». ولاشك أن الحملة ضد سوريا تنطوي على صعوبات جمّة بالنسبة لفرنسا بحيث يصعب عليها التكفل بها منفردة. وخلافاً لما حدث في كل من ليبيا ومالي، فإن سوريا تمتلك أنظمة متطورة للدفاع الجوي بما يجعل الحملة الجوية ضدها تنطوي على مخاطرة كبيرة غير محمودة العواقب، وفقاً لما قاله أحد الخبراء العسكريين. وتعاني فرنسا من ضعف في الأسلحة المضادة للرادارات. وهي الأسلحة المتطورة التي ستعتمد عليها الولايات المتحدة لشل قدرة الأنظمة الدفاعية الجوية للنظام السوري. وخلافاً للولايات المتحدة التي تنفرد بقدرة هائلة على إطلاق الصواريخ الباليستية من على متن البوارج الحربية الراسية في مواجهة الشاطئ السوري من البحر الأبيض المتوسط، فإن معظم أنواع الصواريخ الباليستية الفرنسية يجب إطلاقها من الطائرات المقاتلة. ثم إن هذه الصواريخ تحتاج إلى بنية تحتية منفصلة لا تتوافر عند فرنسا مثل إعادة تموين الطائرات بالوقود أثناء تحليقها. وفي هذا السياق يقول «إتيان دو ديوراند» مدير مركز الدراسات الأمنية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية: «إذا عقدنا العزم على العمل انطلاقاً من الأراضي الفرنسية فسينطوي ذلك على صعوبات بالغة. أما إذا كانت الولايات المتحدة طرفاً في هذه المعادلة فإن الأمور ستختلف تماماً». ويضرب ديوراند مثالاً على هذا القصور الفرنسي حين يشير إلى أن فرنسا تمتلك 14 خزان وقود طائراً متخصصاً بتزويد الطائرات المقاتلة بالوقود أثناء تحليقها، ولكن القليل منها فحسب صالح للعمل فيما تمتلك الولايات المتحدة 400 من خزانات الوقود الطائرة الصالحة للعمل في أي زمان ومكان. ‎مايكل بيرنباوم محلل أميركي متخصص بأحداث «الربيع العربي» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©