الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الشارقة الدولي للكتاب.. تأصيل للوهج الثقافي وتعميم التنوير

5 ديسمبر 2006 01:11
الشارقة ـ إبراهيم الملا: برعاية كريمة وحضور كبير يجسد الاحتضان الرسمي والشعبي للثقافة المتجددة والواعية لدورها، يفتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة اليوم الثلاثاء فعاليات الدورة الخامسة والعشرين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، من خلال ثيمة محورية تعنى بالطفل وتجسد رسالة المعرض في تكوين مجتمع قارئ، وخلق جيل متفتح ومطلع على أسئلة المستقبل ورهاناته· وقد وجهت دائرة الثقافة والإعلام الدعوة إلى أصحاب السمو الشيوخ وأصحاب المعالي الوزراء وكبار الشخصيات، ورؤساء وأعضاء مجالس إدارت جمعيات النفع العام بالدولة، إضافة للمثقفين والإعلاميين · هذا ويشهد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حفل تكريم الشخصية الثقافية لهذا العام، سعادة الأستاذ بلال البدور وتكريم مكتب تطوير قناة القصباء (مؤسسة فاعلة في الحراك الثقافي في الدولة ) إضافة إلى تكريم دور نشر عربية وذلك في تمام الساعة الثامنة مساءً اليوم الثلاثاء بقناة القصباء · فمعرض الشارقة للكتاب ومنذ الدورة الأولى لتأسيسه في العام 1982 سعى وبقوة لتأصيل الوهج الثقافي في الشارقة وتعميم التجربة التنويرية لدور الكتاب على كامل الخريطة المعرفية في الإمارات وفي الدول الخليجية والعربية المجاورة، ساهم المعرض منذ بداياته في إشاعة نوع من التلاقي المثمر بين القارئ الباحث والمتعطش وبين المؤسسة الحاضنة لهذا القارئ والملبية لرغبته في فتح نوافذ وفضاءات جديدة أمام الكتاب الغائب والبعيد، فالمكتبات الشخصية والأشكال الأولى للمكتبات العامة والخاصة كانت تفتقر قبل ولادة معرض الشارقة للتواصل مع الحواضر الكبرى المعنية بالنشر وبالحراك النشط للإصدارات في العالم العربي والغربي على السواء، وكانت هذه المكتبات الصغيرة معزولة بشكل وبآخر عن مواكبة التطورات المتسارعة لصناعة الكتاب وترويجه وما تشتمل عليه هذه الصناعة من تصنيفات ومناهج وأسس علمية وفكرية وإحصائية تعمل وبشكل مباشر في خلق مناخات متعددة وخيارات مختلفة لقطاعات واسعة من القراء· إن المزج الجميل الذي صاغه معرض الشارقة الدولي للكتاب بين القارئ الهاوي والقارئ المتخصص أو المحترف هو مزج يناور في المنطقة المثلى لبعث وإشاعة الطيف الواسع والمتلون لأفق القراءة وإرهاصاتها في عالم لم يعد يعترف سوى بالحوار الإنساني والجدل الخلاق، ذلك أن الخطابات المغلقة والمتعصبة لم تورث سوى الحروب والدمارات البشرية المقرونة بالقطيعة والنبذ والعماء· أسماء مؤسسة إن معرض ''الكتاب'' في سنته الفضية هذه وبعد مرور خمسة وعشرين عاماً على ولادته، سيتذكر دون شك أولئك الرجال الذين ساهموا في تكوين لبناته وملامحه الأولى التي ظلت وفية لطموح حاكم الشارقة في عمارة البشر قبل عمارة البنيان وفي هندسة الروح قبل هندسة المادة، يتذكر المعرض الآن أسماء أبت إلا أن تشارك في تشييد هذا المحفل الإبداعي وهذا العرس المعرفي الذي يزداد تألقاً وتطوراً واتساعاً عاماً بعد آخر، أسماء مثل: الشيخ أحمد بن محمد القاسمي أول رئيس لدائرة الثقافة والإعلام، والمغفور له الشيخ محمد بن خالد القاسمي، والشيخ عصام بن محمد القاسمي، و محمد دياب الموسى وعبيد بن عيسى وعبدالرحمن حسن وماجد بوشليبي وعبيد الهاجري وفيصل الحجي ومحمد عبدالله وغيرهم من الذين بذلوا جهداً مقدراً في تحويل المعرض من مجرد صورة ثابتة لكتب مكدسة على الأرفف إلى طقس حضاري يمور ويتعانق ويتوازى مع الأمسيات والندوات والبرامج المصاحبة التي تطبع المواعيد السنوية للمعرض بطابع كرنفالي ورصين في الوقت ذاته، إن الضيوف الكبار الذين مروا بالمعرض وأثروا ذاكرته ساهموا أيضاً في تحويل هذا الحدث إلى ملتقى للأفكار والإبداعات قبل أن يكون مجرد لقاء خاص مع النص المكتوب ومع الكلمة المنشورة، فالأسماء اللامعة في مجال الشعر والقصة والرواية والدراسات والتي حلت على أرض المعرض في دوراته السابقة عززت من قيمة التواصل المباشر والحي بين جمهور المعرض وبين قامات إبداعية فاعلة ومؤثرة ومنطلقة من الذات إلى الآخر في متوالية ذهنية لا تعترف بالإقصاء والحوارات الأحادية والمنعزلة· تحدي التقنية وعندما يتكلم المرء عن إنجازات المعرض طوال الأعوام السابقة فإن الحديث عن الطموح والتجديد مطلوب أيضاً للخروج بصيغة متوازنة بين بهجة اللقاء الذاتي مع الكتاب وبين دقة وصرامة الخطاب الأكاديمي الذي ينظر للكتاب كوسيلة تعليمية بحتة، فالتطورات التقنية الجديدة التي لامست النص المكتوب حولته إلى مزيج سمعي وبصري وجرافيتي في آن واحد، وهي بذلك حولت الشكل التقليدي للكتاب إلى شكل منسجم مع ثورة ''الميديا'' والوسائط المتعددة والقادرة على التهام وتغييب الشكل الورقي للكتاب وتحويله إلى شكل هلامي محكوم بشاشة الحاسوب وسرعة الأثير وشروطه العملية القائمة على المنفعة وتحييد الخيال الأدبي والابتكار اللغوي، إن الثورة الرقمية الهائجة والمتوغلة في الجسد الأكاديمي تعمل من دون قصد على خلق جيل من الطلبة المشوهين لغوياً والمغيبين ثقافياً، وعلى معرض مثل معرض الشارقة للكتاب أن يلجأ لوسائل بصرية وتقنية مضادة لإملاءات العولمة الاقتصادية وقادرة في الوقت نفسه على مخاطبة هذا الجيل بالوسائل التي يجيد التعامل والتواصل معها· أمنيات يتحدث المرء عن معرض الكتاب ويتمنى أن تتضاءل المسافة الكبيرة بيننا وبين الثقافات الأخرى في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية التي مازالت عوالمها الثقافية المتجذرة والعميقة بحاجة لمن يتناولها بالترجمة وبفتح قنوات للتبادل المعرفي مع زخمها الإنساني وتجربتها النابعة من أرض أمينة لفنونها وتراثها ولنصها المتآلف والمتناغم مع المكان· نتمنى أخيراً لهذه الدورة في عيدها الخامس والعشرين أن توفر البدائل المرنة للقراء وبمختلف توجهاتهم وميولهم، وأن تتحول البرامج والفعاليات المصاحبة إلى منصات مهيأة للتجويد والخروج بأفكار ورؤى مبتكرة في الدورات القادمة، ونؤكد كما يؤكد الكتيب الإحصائي للمعرض على أن معارض الكتب هي : ''احتياج حقيقي يقابل التغيرات المعرفية والتربوية والتقنية في مجتمعات متحولة وبالغة التعقيد للأخذ بوسائل المعرفة البشرية وبناء واقع جديد لمستقبل مغاير''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©