الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

"دو" تدخل مرحلة التشغيل المشروط

4 ديسمبر 2006 22:21
حسن القمحاوي: وصل قطار المنافسة في قطاع الاتصالات بإعلان شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة ''دو'' عن بعض ملامح خطتها التشغيلية وبدء حملة حجز الأرقام الأسبوع الماضي، إلى مشارف مرحلة المخاض الفعلي، وحسب ما يبدو من المعطيات المطروحة في هذه المرحلة فإن المخاض الحقيقي ربما يستغرق وقتاً أكثر مما يتوقعه أو يتخيله البعض في ظل ''التقطير'' الشديد فيما يعلن من معلومات، وحرص الأطراف اللاعبة في السوق على عدم الإفصاح عن حقيقة الوضع والاكتفاء بإشارات محدودة يمكن الاستناد إليها كدليل على الشفافية في حالة الاضطرار إلى ذلك· وإذا كانت شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة ''دو'' قد أعلنت خلال الأسابيع الماضية عن بعض ملامح خطتها التشغيلية قبيل معرض ''جيتكس'' فإن ردود الأفعال قد تباينت بين جمهور المشتركين في الهواتف المتحركة والمراقبين والمحللين المهتمين بقطاع الاتصالات واللاعبين فيه· وإذا كان التفاؤل قد ساد الفئة الأولى أي الجمهور، فإن الشك في أن تقدم الشركة الثانية جديداً عما هو قائم قد سيطر على الفئة الثانية، ودعم هذا الشك الشح الشديد من المعلومات والبخل المتعمد في الإفصاح عن تفاصيل الخطة التشغيلية لشركة ''دو''· ويرى العديد من المحللين في الحملة الدعائية التي أطلقتها شركة ''دو'' خلال الأيام الماضية مادة أدبية جيدة تصلح لكتابة التاريخ أكثر مما تصلح لجذب مشتركين من منطلق أن الجمهور لا يلتفت إلى الشعارات، بل يشغله فحوى الإجابة عن التساؤل الأساسي: كم سأدفع مقابل الخدمة؟ وما الجديد الذي يمكن أن تقدمه ''دو'' عما هو قائم الآن؟ ورغم هذا يرى المحللون في حملة ''دو'' الدعائية ضرورة عملية لتقريب المفاهيم بينها وبين المشتركين المرتقبين· انطلاقا من التساؤل الجوهري للمشتركين وبنظرة تحليلية متعمقة لملامح الحملة الدعائية لشركة ''دو'' وما تلاها من خطوات عملية تمثلت في بدء حملة حجز الأرقام، يتبين أن الشركة اعتمدت في حملتها الدعائية على محورين أساسيين في إقناع المشتركين بدرجة تباينها عما هو قائم أو على الأقل بأهميتها المستقبلية في سوق الاتصالات· يتمثل المحور الأول في طريقة احتساب قيمة المكالمات حيث أعلنت أن الحساب سيتم بالثانية وليس بكسر من الدقيقة كما هو معمول به حالياً من قبل ''اتصالات''، في حين تمثل المحور الثاني في الإعلان عن إطلاق نوعية من الخدمات يمكن تسميتها مجازاً بخدمات ''الرفاه'' التي تتمثل في تقنيات الجيل الجديد من الاتصالات التي تضم مكالمات الفيديو عالية الجودة وبريد الفيديو والتلفزيون عبر الهاتف المتحرك ومراقبة المنزل ومواقع العمل والانترنت السريع عبر الهاتف، فضلاً عن خدمة دفع الفواتير عبر الهاتف المتحرك· الحساب بالثانية عدالة وفيما يتعلق بالمحور الأول لعل الجميع من مشغلين ومحللين يتفقون على أن تطبيق مبدأ الحساب بالثانية يحقق مبدأ العدالة الأمر الذي يمنح الشركة الجديدة انطباعاً جيداً لدى المستهلك من منطلق القناعة بالقول ''لماذا أدفع أكثر على كلام أقل؟'' إلا أنهم وفي ذات الوقت يتفقون كذلك على أن التفاؤل بهذه الطريقة في احتساب قيمة المكالمات متسرع فالمستهلك على الأقل محكوم بمعرفة قيمة الثانية فربما يفاجأ المستهلك بأن القيمة النهائية لمكالماته تزيد عن قيمة ما هو معلوم به في شركة ''اتصالات'' حيث يتم الحساب بجزء من الدقيقة· ومن ناحية أخرى فإن التفاؤل محكوم أيضا بجودة الخدمة ومدى انتشار التغطية ونوعية الخدمات التي تقدم ·· ولا يخفى في هذا الصدد أن شركة ''دو'' لم تعلن حتى الآن تسعيرة المكالمات ما يجعل من هذا التفاؤل تفاؤلا مؤجلا إلى حين إعلان تلك التسعيرة· يضاف إلى ذلك ما أعلنه سعادة محمد القمزي، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للاتصالات ''اتصالات'' أمس الأول من أن المؤسسة ستقوم باحتساب قيمة المكالمات بالثانية في حالة تطبيق شركة ''دو'' لهذا النظام، الأمر الذي يفسد -حال تنفيذه - على شركة ''دو'' ميزتها التنافسية الأساسية· أما التفاؤل بالمحور الثاني في الحملة الدعائية لشركة ''دو'' المتعلق بإطلاق نوعية جديدة من خدمات الرفاهية فهو مشروط أيضاً بمعرفة الواقع الذي تعيشه بعض هذه الخدمات في الوقت الحالي مثل خدمات الجيل الثالث ومدى الإقبال على هذه النوعية من الخدمات في ظل ارتفاع معدلات التضخم، إضافة إلى معرفة طبيعة التركيبة السكانية وتأثيرها على نمط الاستهلاك في مجال الهواتف المتحركة ·· وحسب المعلومات المتوفرة فإن الإقبال ما زال محدوداً على خدمات الجيل الثالث، فضلاً عن عدم انتشار الأجهزة المؤهلة لاستعمالها بين غالبية المشتركين حالياً، وفوق هذا وذاك فإن التركيبة السكانية تميل إلى الوافدين بنسبة أكبر ومعظم هذه الفئة لا ترى في الهاتف المتحرك سوى وسيلة للاتصال وليس وسيلة للتعبير عن المركز الاجتماعي أو التسلية والاستمتاع بالخدمات المتطورة، هذا مع التسليم بوجود فئة من المواطنين تسعى وراء هذه النوعية من الخدمات لكنها بلاشك فئة محدودة لا تشكل القاعدة العريضة من المشتركين وبخلاف المحورين السابقين ''الحساب بالثانية وخدمات الرفاه'' فإن الحملة الدعائية لشركة ''دو'' تضمنت التأكيد علىَ أن إطلاقها يعني تكريس حق الاختيار للمشتركين بين أكثر من مشغل مما يخلصهم من ممارسات المحتكر الواحد للخدمات وهذا أمر في منتهى الأهمية في ظل آليات السوق والاقتصاد الحر، لكن التفاؤل بتوفير هذا الحق من عدمه· يضاف إلى ذلك أن هيئة تنظيم الاتصالات حسمت الأمر فيما يتعلق بخدمة البث التلفزيوني عبر الهاتف المتحرك، بإعلانها عن نيتها منح الخدمة لشركة متخصصة في هذا المجال، إضافة إلى إعلان مؤسسة ''اتصالات'' عن تقديمها للخدمة وقيامها في السابق بعمل تجارب عليها خلال معرض جايتكس قبل الماضي، ومن ثم فإن هذه الخدمات تكاد تفقد أهميتها كميزة تنافسية للشركة الجديدة، الأمر الذي يتأكد من أن باقات الاشتراك وتسعيرة المكالمات وجودة الخدمات هي الفيصل في المنافسة· تكريس الاختيار مشروط وبخلاف المحورين السابقين ''الحساب بالثانية وخدمات الرفاه'' فإن الحملة الدعائية لشركة ''دو'' تضمنت التأكيد على أن إطلاقها يعني تكريس حق الاختيار للمشتركين بين أكثر من مشغل مما يخلص المشتركين من الآثار السلبية للاحتكار، وهذا أمر في غاية الأهمية في ظل انتهاج آليات السوق والاقتصاد الحر ·· لكن يظل التفاؤل بتوفير هذا الحق من عدمه مشروطاً كذلك في نوعيته ومداه بما سبق الإشارة إليه في المحاور السابقة من الإعلان عن تسعيرة الخدمات وباقات الاشتراك والتأكد من وجود اختلاف جوهري وليس شكلياً بين ما هو قائم بالفعل والجديد الوافد عليه، إضافة إلى الاختلاف في جودة ونوعية الخدمات المقدمة، ولا شك أن وجود اختلاف حقيقي في السعر والجودة هو الكفيل وحده بتحويل ''تكريس حق الاختبار'' من شعار نظري إلى واقع ملموس· من واقع ما سبق يتبين أن التفاؤل بالآثار الايجابية لدخول شركة ''دو'' لسوق الاتصالات - من زاوية المستهلك - هو في الحقيقة تفاؤل مؤجل لحين إعلان الشركة عن باقات الاشتراك الأساسية لديها وتسعيرة المكالمات والخدمات وحقيقة الجديد الذي يمكن أن تقدمه عما هو قائم لأن السؤال الذي سيشغل بال الشريحة العريضة من المشتركين حينذاك: هل يستحق الأمر عناء الانتقال إلى الشركة الجديدة؟
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©