الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنك المركزي المصري بين محاصرة التضخم ودعم النمو

البنك المركزي المصري بين محاصرة التضخم ودعم النمو
12 فبراير 2010 21:04
جاء قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري الأسبوع الماضي بتثبيت أسعار الفائدة ليثير جدلاً حول السياسة النقدية في مصر، ودورها في دعم النمو ومحاصرة التضخم. وكانت هذه المرة الثالثة التي يبقي فيها البنك سعر الفائدة من دون تغيير منذ أن بدأ سلسلة من إجراءات خفض الفائدة قبل 12 شهراً. وتراعي السياسة النقدية في مصر عدداً من الأهداف في مقدمتها التوقعات الخاصة بارتفاع معدل التضخم على خلفية موجة صعود في الأسعار العالمية العام الحالي والرغبة في مساندة توجهات تمويلية جديدة في السوق المصرية تعتمد على التمويل بالسندات من جانب شركات القطاع الخاص ذات الوزن الكبير. وقال البنك المركزي على موقعه على الإنترنت إنه ترك سعر الإقراض لأموال ليلة عند مستوى 9.75 بالمئة وسعر الإيداع لأموال ليلة عند 8.25 بالمئة. وأبقى كذلك على سعر الخصم من دون تغيير عند مستوى 8.5 بالمئة. وتعتزم شركات وفي مقدمتها “أوراسكوم” و”غبور” طرح سندات ذات عائد ثابت يدور حول 12 بالمئة مقابل فائدة مصرفية تتراوح حالياً بين 8.5 و 9 بالمئة وبالتالي فإن تثبيت سعر الفائدة من جانب البنك المركزي من شأنه أن يدفع بأصحاب المدخرات لا سيما من القطاع العائلي وبعض الصناديق الاستثمارية النقدية إلى الاكتتاب في هذه السندات بديلاً عن ودائع طويلة الأجل الأمر الذي يوفر مشترين لهذه الآليات التمويلية الجديدة والتي تحظى بدعم من جانب الحكومة المصرية. وأكد البنك المركزي المصري مراراً رغبته في تعزيز اتجاهات الاستهلاك خلال الربع الأخير من العام المالي الجاري 2009 – 2010 لمساندة معدل النمو الذي تراهن الحكومة على أن يسجل 5 بالمئة في يوليو المقبل. الجهاز المصرفي كما يهدف البنك المركزي إلى مساندة الجهاز المصرفي بتخفيف عبء تكلفة الأموال ومساعدته على البحث عن قنوات توظيف واستثمار لودائع تراكمت لديه تزيد على 800 مليار جنيه واستخدام هذه الأموال في تنشيط قطاعات إنتاجية تحتاج إلى التمويل وفي مقدمتها المشاريع الصغيرة والمتوسطة وكذلك القطاع الزراعي. وتعاملت الدوائر المصرفية في مصر مع قرار تثبيت أسعار الفائدة بمعزل عن الأهداف الاستراتيجية الكبرى واعتبرته مجرد قرار لتخفيف أعباء تمويلية مؤقتة عن كاهل المقترضين لا سيما أصحاب المصانع من القطاع الخاص التي تضررت من تراجع صادراتها. واعتبر المودعون القرار الأخير بتثبيت أسعار العائد على ودائعهم بالبنوك بمثابة دعم وتكلفة يدفعونها للمقترضين على الرغم من ارتفاع مؤشر أسعار السلع الرئيسية في مصر بين شهري أكتوبر ويناير الماضيين بمعدل يفوق 15 نقطة حسب الأرقام المعلنة من المرصد الاقتصادي التابع لوزارة التنمية الاقتصادية وهو تطور كان من الطبيعي أن يدفع باتجاه رفع أسعار الفائدة بالبنوك نصف نقطة على الأقل لمواجهة ارتفاع الأسعار إلا أن قرار البنك المركزي ــ حسب وجهة نظر هؤلاء المودعين ــ إنحاز للمقترضين. وترى الدوائر المصرفية أن القرار جاء متوازناً ومحققاً لمصالح أطراف اللعبة الاقتصادية لا سيما تحت مظلة هدف كبير هو مساندة النمو الاقتصادي وتسجيل 5 بالمئة هذا العام مقابل 4.2 بالمئة العام الماضي. وتؤكد هذه الدوائر أن تحقيق معدل جيد للنمو سوف يفيد الجميع من مودعين ومقترضين ويجب أن تكون عين السياسة النقدية على هذا الهدف بعيداً عن صراع المصالح الفئوية لأن تراجع النمو سوف يتضرر منه الجميع. وترى فاطمة لطفي -النائب الأول لرئيس بنك الإسكندرية سان باولو- أن القرار الأخير للجنة السياسات النقدية كان متوقعاً على ضوء المؤشرات الاقتصادية والتوقعات المستقبلية لا سيما ما يتردد بشأن ارتفاع معدل التضخم فقد احتفظت لجنة السياسات النقدية بقرار رفع الفائدة إلى مرحلة لاحقة تكون فيها توقعات ارتفاع معدل التضخم قد حدثت بالفعل وبالتالي يأتي القرار لمواجهة واقع على الأرض وليس توقعات مستقبلية حتى يشعر أصحاب الودائع بأن القرار جاء لمعالجة أثار يعانون منها بدلاً من أن يتم رفع الفائدة الآن ثم يرتفع التضخم فيطالب المودعون برفع مماثل جديد للعائد وبالتالي تكون حرية الحركة لدى متخذي القرار محدودة لأن متخذ القرار في هذه الحال يضع العديد من المؤشرات في اعتباره وهذه المؤشرات ليست شرطاً أن تصب جميعاً في دائرة واحدة بل أحياناً تكون متعارضة وتعبر عن مصالح متناقضة وبالتالي يكون مطلوباً من صاحب القرار أن يصل إلى نقطة توافق يراعي فيها مصالح جميع الأطراف. عائد الأوعية الادخارية وتضيف أن بنوكاً عديدة سارعت برفع العائد على بعض الأوعية الادخارية في المرحلة الماضية لا سيما الأوعية الطويلة الأجل والشهادات الثلاثية والخماسية مثلما فعل بنك الإسكندرية وسجلت أسعار العائد على هذه الأوعية معدلاً يتراوح بين 9.25 ، 9.5 بالمئة. ويؤكد حسام عثمان -مدير عام الخزانة والمؤسسات المالية في البنك الأهلي المتحد- أن قرارات لجنة السياسات النقدية تحكمها العديد من العوامل نظراً لتأثيرها الكبير على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية بالبلاد وبالتالي فإن هناك حساسية شديدة عند التحرك بأسعار الفائدة إلى أعلى أو إلى أسفل ومع ذلك تراعي اللجنة عدداً من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية العامة التي يجب أخذها في الاعتبار فهناك مصانع تبحث عن تمويل وهناك بضائع تبحث عن تصريف وهناك معدل نمو يجب تحقيقه وهناك مودع ينتظر عائداً مناسباً على مدخراته وفي ظل هذه العوامل المتعددة يأتي القرار مستجيباً لأكثر المتغيرات الاقتصادية إلحاحاً فإذا كان هناك انفلات في التضخم يكون القرار بزيادة العائد وإذا كان هناك ركود شديد وتراجع في النمو وارتفاع لتكلفة التمويل فيكون القرار بخفض العائد أما إذا كانت الأمور مستقرة ومتوازنة يكون القرار بتثبيت أسعار الفائدة وهو ما نعتقد أنه حدث عند اتخاذ القرار الأخير
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©