الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«قانون الجاذبية» تقدم رشاقة على الخشبة و «الآنسة جولي» تحرض الحلم

«قانون الجاذبية» تقدم رشاقة على الخشبة و «الآنسة جولي» تحرض الحلم
28 يناير 2014 01:33
السيد حسن (الفجيرة)- شهدت الدورة السادسة لمهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، مساء أمس الأول، عرضين مسرحيين الأول من تونس بعنوان «قانون الجاذبية»، من تأليف وإخراج وتمثيل ماهر دبيش عواشري، والثاني من السويد بعنوان «الآنسة جولي» تأليف أوغست ستريندبرغ، وإخراج وتمثيل آنا بيترسون. ومع هذين العرضين تعود في الظهور إشكالية المخرج المؤلف والممثل في آن واحد، لتطرح نفسها من جديد، لاسيما في العرض التونسي «قانون الجاذبية »، حيث إن النص والرؤية الإخراجية والأداء التمثيلي لشخص واحد فقط دون غيره، كما أن الأمر ينطبق على عرض «الآنسة جولي» الممثلة التي أدت العرض وأخرجته، ما جعل الفرجة في خط واحد ورؤية واحدة غاب عنها التنوع وتلاقح الأفكار بين مؤلف ومخرج وممثل على حدة. قانون الجاذبية نص «قانون الجاذبية» التونسي هو نص إنساني في المقام الأول، وقد اختفت عنه الجاذبية في مواطن كثيرة على خشبة المسرح، حيث ساد الصمت وخيم لمرات عديدة على خشبة المسرح، كما جاء الأداء رتيبا في البعض الآخر، ما كان سببا في انقطاع الجاذبية بين الممثل والمتفرج، ناهيك عن حالة التوتر التي اندست دون وعي من المخرج، فأتى ذلك على إعمال العقل وإصابته بالنفور. والنص يتناول حكاية «خميس» هذا العامل الذي يمتهن أعمال البناء، في ظل جو أسري غير مريح، حيث المشاعر الإنسانية بين زوجته وابنه الوحيد ضحلة وتتصف بالفتور، وقد أصابته مهنته الشاقة بالقسوة والشعور بالغبن والقهر والظلم من المجتمع، فجاءت الحصيلة النهائية عدائية للمجتمع، وعدائية من الأسرة تجاه هذا العامل البائس. وطوال العرض الذي تجاوزت مدته ثمانين دقيقة، ظل خميس حائرا بين حالته النفسية المنهارة، وهو يبث شكواه ويئن، ثم يستخدم رشاقته اللافتة في استقراء بعض من المعاني للمتفرج الذي استمتع بتلك اللياقة البدنية العالية، لاسيما في أكثر من موقع عندما كان يحتضن لوحا كبيرا من الخشب ويراقصه ويداعبه كما لو كان حبيبته. وجاء أداء ماهر دبيش في العرض جيداً وممتعاً، ولكن ربما ظلم نفسه كثيرا في أن يكون ممثلاً ومخرجاً وصاحب النص في آن واحد، ولو تعددت الرؤى في العرض، وبمعنى أدق، لو أن للعرض مخرجاً آخر لاكتملت الصورة وجاءت أكثر وضوحا وإبداعا، ولظهر الممثل بطريقة أفضل وأبدع مما بدا عليها. وتدور أحداث العرض بالكامل في مكان واحد هو موقع بناء، وشكل ذلك الموقع الفضاء المسرحي المكون من السلم ولوح خشبي وبعض من معدات البناء البسيطة، وقطع من الملابس معلقة بشكل متناثر، وقد بدا الفضاء المسرحي في هذا العرض عميقا بعض الشيء، وربما منح ذلك العمق الإضاءة الفرصة الكاملة للشغل على النص. وتظل حالة القلق والتوتر تسيطر على خميس في ليلة كاملة، ولم يهدأ في عرض شكواه ومناجاة الآخر، إلا مع صوت المؤذن لصلاة الفجر، وهنا تهدأ نفسية خميس بعد أن أدى الصلاة، وقام ليستقبل يوماً جديداً بنفس هادئة وصافية ومستقرة. وقدم عرض «قانون الجاذبية» ترجمة كتابية فورية باللغة الفرنسية أعلى فضاء المسرح، وهو أمر جديد يحسب للعرض، ولم يعهد في مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما من قبل. «الآنسة جولي» أما عرض السويد «الآنسة جولي» هو نص ثوري لكاتب عاش في زخم عصر النهضة الصناعية في أوروبا، وعايش أوغست ستريندبرغ الصراع المحتدم والأبدي بين الطبقتين الارستقراطية بعنفوانها، والطبقة الوسطى وما دونها من فقر وبؤس، وجولي تعد واحدة من اللواتي ولدن من أب أرستقراطي وأم فقيرة، وهنا يتجلى النص في فرز حالات الصراع الطبقي المريرة، ويمنح الفرصة للحلم صوب المستقبل، وهذه النظرة المفعمة بالصراع الطبقي والحلم ومحاولة التخلص من السلطة هي من أبرز سمات المدرسة الطبيعية التي كانت لأوغست مساهمات عددية فيها. وفي العرض أخذت آنا بيترسون عقولنا ومشاعرنا نحو الماضي البعيد، حيث الطبقة الثرية في أوروبا، وحيث عاشت في قصورها الفسيحة، وهنا فقط تقوم بيترسون بالفعل في محاولة منها للتمرد على تلك الطبقية المميتة التي تتجاهل وتنكر حقوق الطبقات الأخرى المسماة بالعبيد، إنها محاولة منها للتمرد على السلطة. وجاء أداء الممثلة في العرض جيدا ومقبولا إلى حد كبير، كما كان لاستخدام التقنيات الحديثة دور مهم في إبراز بعض الخلفيات في نص مليء بالتفاصيل والشخصيات المثيرة للجدل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©