الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جولة هيلاري و الخطوط الحمراء الإسرائيلية

جولة هيلاري و الخطوط الحمراء الإسرائيلية
4 مارس 2009 22:54
في زيارتها الأولى إلى المنطقة كوزيرة لخارجية أميركا، تعهدت هيلاري كلينتون بأن إدارة أوباما ستدعم أمن إسرائيل بلا تردد، وستسعى بقوة من أجل إنشاء دولة فلسطينية· وقد لا يختلف ما قالته''كلينتون'' من حيث الجوهر عن سياسة أميركا الشرق أوسطية المعلنة خلال السنوات الأخيرة، لكن هناك احتمال أن تجد نفسها، وسياسة الولايات المتحدة معاً، على طرفي نقيض مع الحكومة الجديدة في إسرائيل، التي سيرأسها عما قريب زعيم ''الليكود'' اليميني المحافظ ''بنيامين نتانياهو''· وقد اعترفت كلينتون للمرة الأولى أن بلادها قد أوفدت اثنين من مسؤولي وزارتها إلى سوريا على الرغم من أن الأخيرة مدرجة على القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب· وكان نص ما قالته كلينتون في هذا الصدد هو :''نحن نحاول التواصل مع الدول لمعرفة مجالات التعاون والانخراط المنتجة - إذا ما وجدت - وهذه الدول تشمل سوريا''· في مقاربته للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ولموضوع الحوار مع سوريا، ومحاولته البحث عن مسار مختلف للتعامل مع إيران بشأن برنامجها النووي، يبدو فريق السياسة الخارجية في إدارة أوباما مختلفاً بصورة ملحوظة عن فريق نتانياهو· والكيفية التي ستقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية بالتعامل مع تلك الثغرات، أو الاختلافات بين الفريقين، هي التي ستحدد في النهاية مدى فعالية الدور الذي يمكن لها أن تلعبه في عملية السلام المعقدة في الشرق الأوسط· وعقب الاجتماع الذي عقدته يوم الاثنين مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية ''تسيبي ليفني''، قالت كلينتون إن الولايات المتحدة وإسرائيل باعتبارهما دولتين صديقتين يمكن أن تتحملا اختلاف الآراء بينهما· وأضافت مازحة:'' ثم أن إسرائيل لا تخجل من إبداء آرائها حول السياسة الأميركية''· وقالت كلينتون أيضاً: ''وقد تصادف أننا نؤمن في الوقت الراهن بأن التحرك نحو حل الدولتين هو أمر في مصلحة إسرائيل علاوة على أنه استحقاق لا مهرب منه، كما سيتضح في نهاية المطاف''· ولكن المشكلة أن نتانياهو، وهو بالمناسبة من المنتقدين الدائمين لاتفاقيات أوسلو التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية غير ملتزم بحل الدولتين، كما أن رفضه إدراج وعد مكتوب بالسعي من أجل التوصل إلى صفقة سلام في الخطوط العامة لبرنامج حكومته، كان هو السبب الأساسي الذي جعل السيدة''ليفني'' زعيمة حزب كاديما تستهين بالعرض الذي قدمه لها للانضمام للائتلاف الحكومي الذي ينوي تشكيله· وفي معرض ردها على سؤال وجه إليها أثناء المؤتمر الصحفي، الذي عقد يوم الاثنين غمزت ليفني من قناة نتانياهو بصورة مباشرة عندما قالت:''إنني أنظر إلى سعيي من أجل حل الدولتين على أنه موقف ذو معنى وليس مجرد شعار''· وقالت ليفني أيضاً:''إن إي سياسي إسرائيلي يهمه المحافظة على بقاء إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية لا يمكن أن يصل إلى أي استنتاج آخر، وهذا هو الطريق الوحيد المتاح لاسترداد الأمل ليس للفلسطينيين فحسب وإنما لنا نحن أيضاً''· لكن المشكلة هي أن ليفني لن تبقى وزيرة للخارجية طويلاً حيث ستغادر منصبها بمجرد انتهاء نتانياهو من تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وهو ما يتوقع على نطاق واسع حدوثه خلال الأسبوعين المقبلين· وهذا الوضع المؤقت لوزارة الخارجية الإسرائيلية، التي استضافت كلينتون على حفل غداء أضفى على زيارة وزيرة الخارجية الأميركية طابعاً غريباً وجعل الوزيرة تشعر كما لو كانت زائرة يتم استضافتها في بيت شخص ما يعد العدة لإخلائه في أقرب فرصة· وهذا الحال لا ينطبق علــــى المشهــد الإسرائيلي فحسب، وإنما أيضاً على المشهد الفلسطيني الذي يمر بحالة من السيولة هو الآخر، حيث تناقش حركتا ''فتح'' و''حماس'' في الوقت الراهن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية· والواقع إن مؤتمر المانحين الذي عقد في منتجع شرم الشيخ المصري، والذي تم فيه جمع مبلغ 4,4 مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة بعد الخراب الذي طاله أثناء الحرب المدمرة التي شنتها عليه إسرائيل، هو الذي جاء بكلينتون إلى المنطقة على الرغم من الالتباسات السياسية السائدة فيها· وقد لوحظ أن معظم الاجتماعات التي عقدتها كلينتون مع القادة الإسرائيليين، تركزت على الموضوعات التي يتبنى الإسرائيليون عبر الطيف السياسي آراء متماثلة حولها ومنها على سبيل المثال، موضوع إيران وخطط إدارة أوباما لاتباع نهج ينحو أكثر نحو الدبلوماسية في التعامل مع البرنامج النووي النامي لهذه الدولة· وقالت صحيفة ''هآرتس'' الإسرائيلية إنه كان مخططاً أن تقدم ليفني إلى كلينتون ما يعتبر في نظر إسرائيل خطوطاً حمراء، ترغب تل آبيب أن تضعها إدارة أوباما نصب أعينها، وهي ترتب لإجراء حوار مع إيران· ويُشار في هذا الصدد إلى أن نتانياهو قد أدلى بتصريح للصحفيين عقب اجتماعه بوزيرة الخارجية الأميركية قال فيه إنه قد شدد أثناء مباحثاته معها على ''وجوب وضع حد زمنى لعرض الحوار مع إيران''· أما وزير الدفاع إيهود باراك، فقال إنه قد أخبر كلينتون أن عرض الحوار مع إيران يجب أن يترافق مع تهديد بفرض عقوبات اقتصادية أممية أقسى عليها·كما تشير التقارير الواردة من إسرائيل أن المسؤولين في هذه الدولة قد ناقشوا وجاهة الرأي القائل بأنه من الأنسب تأجيل الحوار مع إيران إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الإيرانية القادمة· لكن سعي كلينتون إلى إعادة فتح قنوات الحوار مع سوريا، يُعتبر أكثر الأمثلة وضوحاً على وجود تغير في أسلوب المقاربة الأميركية، وتعاملها مع تعقيدات الشرق الأوسط· وقد علقت كلينتون على إرسال موفدين أميركيين إلى سوريــــا بقولها: ''إن الغرض مــــن إرسالهمـــا هـــو إطلاق مناقشات أوليــــة، ولكـــن ذلــــك لا يعني أننا ندخل في مناقشات لمجرد تبادل الأحاديث، فحسب وإنما يجب أن يكون هناك هدف من وراء تلك المحادثات، وأن تترتب فوائد للولايات المتحدة من جرائها''· ويعتقد ''جوناثان سباير'' المحلل السياسي في مركز التكامـــل المنهجي الأكاديمي بـ''هرتزليا''-إسرائيل إنه على الرغــــم مــــن أن نتانياهــــو كــــان لا يؤيد خيار المحادثات مع سوريا، وهو خـــــارج الحكــــم، إلا أنـــه ''سيتصـــرف بقـــدر أكبر من المسؤولية عندما يتولى السلطة، وأن الخلافات بين واشنطن وتل أبيب بشأن هذا الموضوع قـــد لا تكون كبيــــرة إلى الدرجـــة التي يظنها كثيرون''· لكنه أضاف أن هناك افتراقا ظاهرا في الآراء بشأن قياس قدرات صنع السلام لدى السلطة الفلسطينية، بيد أنه من غير المرجح مع ذلك أن يسير موقف كلينتون ونتانياهو بشــــأن هــــذا الموضـــوع نحو التصادم، وهو ما يرجع لسبـــب بسيط، هو أن احتمــالات حــــل الصراع العربي- الإسرائيلي منخفضة أساساً· واختتم ''سباير''حديثه بالقول: ''قد نشهد لحظـــات من التوتر، وقد نشهد لحظـــات يرفع فيها طرف إصبعه في وجه الآخر، ولكنني لا أتوقع مـــع ذلك إمكانيــة حدوث انفجار كبير''· إلين·آر· بروشر- القدس ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©