الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«نورد ستريم»... تعزيز للنفوذ الروسي في أوروبا

13 سبتمبر 2011 01:15
باتت موسكو تمتلك اليوم ورقة جديدة في نزاعها المستمر مع أوكرانيا حول أسعار الغاز ورسوم نقله عبر أنابيب النقل الأوكرانية، وهو النزاع الذي تسبب سابقاً في وقف إمدادات الغاز الروسي إلى عملائها في أوروبا الغربية مرتين خلال العقد الأخير. والورقة التي تتباهى بها روسيا حالياً هي الخط الجديد المسمى "نورد ستريم" الذي كلف حوالي 12 مليار دولار، فقد شرع الخط الذي يمر تحت بحر البلطيق في إيصال إمداداته من الغاز مباشرة إلى ألمانيا التي تعد المستهلك الأول للغاز الروسي في أوروبا، ويهدد الممر الجديد الشبكة القديمة لنقل الغاز الروسي التي تعود إلى الحقبة السوفييتية والخاضعة لمجموعة من الدول المستعصية على النفوذ الروسي مثل أوكرانيا وبيلاروسيا، كما يعزز الخط فرص روسيا في بسط شروطها في المعاملات المستقبلية مع تلك الدول. وأثناء تدشينه لمحطة الضخ الجديدة في منطقة "فيبورج" يوم الثلاثاء الماضي لتزيد أول دفعة من الغاز للمحطة حرص الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على الغمز لناحية أوكرانيا التي تنازع روسيا عقداً يعود تاريخ توقيعه إلى عام 2009 مع الشركة الروسية العملاقة "جازبروم"، والذي يفرض على أوكرانيا أسعاراً أوروبية للاستفادة من الغاز الروسي، فضلاً عن بيلاروسيا التي سبق أن استخدمت خط نقل الغاز الذي يمر بأراضيها لإقناع روسيا بخفض إمدادات الطاقة، بحيث قال بوتين أثناء التدشين "إن بلداً يمر في أراضيه الخط يقع تحت إغراء استغلال هذا الوضع، لكن ذلك سينتهي اليوم"، وكان بوتين قد انتقد في اجتماع سابق "إملاءات دول العبور". وترتكز الخطط الروسية على إرسال غازها الطبيعي إلى أوروبا عبر أنبوب نقل ثلاثي يعرف باسم "نورد ستريم"، الذي لم تنته كامل أشغاله بعد، بالإضافة إلى أنبوب ثانٍ يمر تحت البحر الأسود يسمى "ساوث ستريم"، الذي مازال على الورق. وحتى يستكمل إنجاز تلك الأنابيب، ستظل روسيا معتمدة على خطوط النقل القديمة للحفاظ على عقودها المربحة مع البلدان الأوروبية. تلك العقود التي تزود أوروبا بحوالي ربع استهلاكها من الغاز الطبيعي، وهو الأمر الذي يوضحه "ميخائيل كروتخين"، الخبير في شؤون الطاقة بإحدى المجلات الروسية قائلاً: "رغم الخطاب السياسي السائد لا تستطيع "جازبروم" الاستغناء عن بيلاروسيا وأوكرانيا في الوقت الراهن، لذا فالوضع ليس بالخطورة التي يبدو بها، كما أن الأوكرانيين ليسوا في وارد الدخول في صراع حول الغاز مع روسيا رغم أنهم مستاؤون جداً من الأسعار المرتفعة التي يتعين عليهم دفعها للشركة الروسية مقابل حصولهم على الطاقة. وهم على غرار العديد من العملاء يريدون إعادة التفاوض حول العقود السابقة"، وتنقل أوكرانيا حالياً 80 في المئة من صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا وعندما يتم الانتهاء من خط "نورد ستريم" بحلول العام المقبل لن يساهم الخط في تقليص تلك النسبة إلا بحوالي الثلث. وفي المقابل تعتمد أوكرانيا على روسيا لتأمين ثلثي احتياجاتها من الغاز الطبيعي، وبموجب اتفاق مثير للجدل وُقِع عام 2009 بين بوتين، ورئيسة الوزراء الأوكرانية وقتها، "يوليا تيموشينكو"، تدفع أوكرانيا أسعاراً يرى المسؤولون في البلاد بأنها أعلى من تلك التي تدفعها ألمانيا، وهم مضطرون للاستمرار على هذه الحال لعقد كامل من الزمن، وبسبب هذه الصفقة التي يعتقد الأوكرانيون أنها غير منصفة تواجه رئيسة الوزراء السابقة، تيموشينكو، ملاحقة قضائية بتهم التواطؤ مع بوتين لعقد صفقة لا تخدم مصالح البلاد. وقد تعهد الرئيس الأوكراني، فيكتور يانوكوفيتش، بإعادة التفاوض حول الصفقة، لكن الكريملن يصر على أنه لن يقوم بذلك ما لا تقدم أوكرانيا تنازلات مهمة مثل الانضمام إلى اتحاد جمركي تقوده روسيا، أو بيع شركة الغاز التابعة للدولة، "نافتوجاز"، إلى نظيرتها الروسية "جازبروم". وفي هذا الإطار يقول "أندري بلويشوك"، المحلل بإحدى الشركات الروسية "يحتدم التوتر في العلاقات الروسية الأوكرانية بسبب الغاز الطبيعي، والآن بعد تدشين خط "نورد ستريم" أصبحت روسيا في موقف أقوى، ففي المرحلة الأولى قد تفقد أوكرانيا ربع الغاز الذي كانت تضخه عبر أراضيها إلى أوروبا، وهو ما يعني خسارة مهمة لرسوم النقل". لكن المحلل يضيف إن الشروط الروسية لخفض أسعار الغاز لن تكون مقبولة في كييف "فلو سُمح لشركة جازبروم السيطرة على نظام خطوط النقل في أوكرانيا عبر شراء شركتها الرئيسية سيتعاظم النفوذ السياسي والاقتصادي لروسيا، وإذا انضمت أوكرانيا إلى اتحاد جمركي روسي، فإن ذلك سيلغي اندماجها في الاتحاد الأوروبي، الذي يعد الهدف الاستراتيجي لأوكرانيا، وفي حال ظل النزاع قائماً لن يكون أمام "كييف" سوى رفع القضية إلى المحاكم الدولية للبت فيها". ففي حوار أجرته معه يومية "كومرسانت" الأوكرانية يوم الإثنين الماضي اشتكى الرئيس "يانوكوفيتش" من ارتفاع أسعار الغاز الروسي الذي بات يهدد بإفلاس البلاد، قائلاً :"نود فقط أن نعرف ما الذي قمنا به حتى نستحق هذا العقاب، فنحن ندفع أكثر من غيرنا بحوالي خمسة إلى ستة مليارات دولار في العام، أي ما يناهز 20 في المئة من الموازنة العامة، ونحن نعتقد أن ذاك غير عادل ولا يستطيع اقتصادنا الاستمرار على هذا النهج". بيد أن مدير شركة جازبروم، "أليكسي ميلر" نفى ما جاء على لسان الرئيس الأوكراني، حيث أوضح في حوار أجراه معه التلفزيون الروسي أن "شركاءنا في أوكرانيا لا يريدون إدراك أن مرحلة الغاز الرخيص انتهت، وأن ما نص عليه العقد الموقع بين البلدين عليه أن يحترم حتى نهاية العمل به في العام 2019" . فريد وير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©