الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفرق الغنائية ظاهرة قديمة متجددة تقتلها النرجسية والخلافات

الفرق الغنائية ظاهرة قديمة متجددة تقتلها النرجسية والخلافات
13 سبتمبر 2011 01:56
التاريخ يعيد نفسه في الساحة الغنائية، فالحالة الغنائية التي أفرزت في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات فرقا غنائية مثل «النهار والمصريين والأصدقاء والجيتس والفور إم وطيبة والحب والسلام»، هي نفس الحالة الغنائية التي أفرزت الان فرقا أخرى مثل «بلاك تيما وسنين وواما ووسط البلد ومسار إجباري وكاريزما وتاكسي ويوركا وسيتي باند وكاريوكي وقص ولزق وافتكاسات وسلالم وصحرا وجميزة وبساطة وأنا مصري» و»المصريين» التي عادت إلى الساحة وفي العالم العربي «الفور كاتس وجيتارا وميامي». هذه الفرق التي تنوعت طرقها الغنائية سواء باستلهام أغاني التراث أو تقليد الأغاني الأجنبية، أو تقديم أغان خاصة تعبر عن مشاكل الجيل يصل عددها الى 30 ‏ فريقاً‏ً، وليس غريباً أن يصبح ظهور هذه الفرق ظاهرة خاصة بعد ثورة 25 يناير‏، ‏فمناخ السبعينيات الذي كان يرفض سماع أصوات بديلة لأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش‏،‏ واختار أن يستمع الى الألبومات الأجنبية واللبنانية، ثم الاستماع إلى فرق مثل المصريين والأصدقاء والفور أم وغيرها، هو نفس المناخ الذي تعيشه الأغنية الآن‏،‏ فالجميع لم يرفض هذه المرة الاستماع الى أصوات بديلة بل إنه تشبع من الأصوات الموجودة حاليا‏ وسوء اختياراتها التي تدور في فلك الحب والمحبوب وبدأ يستأنف من جديد البحث عن المشروعات الغنائية الجماعية‏، وأطلت علينا هذه الفرق تحاول تقديم محاولات جادة في الأغنية المصرية، التي كان يحكم الغناء فيها مشروعات فردية، ويبدو أن ظهور الفرق في هذه الفترة بات أمرا حتميا لدي المنتجين وصناع الأغنية والمستمعين والجماهير أيضا‏، بدليل أن سوق الغناء الحالي استقبلت مؤخرا ثلاثة ألبومات لفرق غنائية هي «بحار» لبلاك تيما و»رايحة جاية « لواما و»سن ين لايف» لفريق سنين.‏ الثلاثي المرح يعود تاريخ الفرق الغنائية الى منتصف الخمسينيات‏،‏ حيث تكون فريق نسائي عام ‏1954، يسمى الثلاثي المرح هن وفاء محمد مصطفى وصفاء يوسف وثناء الباروني اللاتي جمعهن برنامج الهواة الذي كان يقدمه بالإذاعة المصرية ديمتري لوقا‏، وظل الثلاثي يقدم أغنياته على مدى ‏20‏ سنة في الإذاعة والتلفزيون‏، وكتب للفرقة صلاح جاهين‏ ومرسي جميل عزيز وصالح جودت‏ وعبدالفتاح مصطفى‏، ولحن لها محمد عبدالوهاب‏ ومنير مراد‏ وأحمد صدقي وسيد مكاوي‏ ومحمد الموجي‏، وتوقف نشاط الفرقة عندما أصبحت وفاء معيدة بجامعة الأزهر‏، ثم سافرت كأستاذ الى الكويت‏، وتزوجت ثناء من المخرج حسن الإمام‏، ومن أشهر أغاني الفرقة «حلاوة شمسنا‏، وحدوتة السقا وبيت الحبيبة والتليفون وغيرها‏»‏ وبعد نجاح الثلاثي المرح تكررت التجربة مع أكثر من ثلاثي‏،‏ فكان ثلاثي النغم الذي غنى مع شادية أغنية «خلاص مسافر» ثم ثلاثي الطروب، كما تكون أيضا ثلاثي النجوم من‏ 3‏ أعضاء رجال لكنه لم يستمر طويلا‏.‏ الثلاثي الديني أما الثلاثي الديني فكان يتكون من المطربة زينب يونس وشقيقتيها جنات وسامية‏،‏ وبعد انتشار هذا الفريق خاصة في المناسبات الدينية اعتزلت جنات وتوفيت سامية واتجهت زينب الى الأغاني الدينية والوطنية‏ حتى رحيلها. وفي الستينيات انتشرت ظاهرة الفرق الغنائية العالمية، وكانت أشهر هذه الفرق الغنائية على الاطلاق هي فرقة «البيتلز»، التي قلدها عدد كبير من الفرق، وقلدها بشكل كوميدي من خلال الأفلام ثلاثي أضواء المسرح وعندما أدرك شباب الموسيقيين المصريين النجاح الذي حققته هذه الفرق، بدأ مجموعة من الموسيقيين المصريين في الستينيات من القرن الماضي تأسيس فرق موسيقية واقتصر عملها على الفنادق والملاهي الليلية، ومنها فرقة «القطط الصغيرة» التي اقتصر عملها على تقديم الأغاني الغربية ومن أعضاء هذا الفريق عمر خيرت الذي كان يعمل حينذاك عازف درامز وليس عازف بيانو والراحل عمر خورشيد، وهاني شنوده، وعزت أبوعوف. وفي منتصف الستينيات ظهرت فرقة «البلاك كوست» التي كونها الراحل إسماعيل الحكيم‏، الابن الوحيد للأديب توفيق الحكيم‏، ولاقت شهرة كبيرة طوال ‏13‏ عاما هي عمر الفرقة‏، وماتت هذه الفرقة بالسكتة القلبية مع وفاة مؤسسها إسماعيل‏، في أكتوبر ‏1978. «المصريون» و«الجيتس» وفي السبعينيات كون الموسيقار هاني شنوده فرقة «المصريين» وكانت تعمل في الكازينوهات والفنادق وحققت نجاحاً بين الشباب واقتصر الغناء لها على الأغاني الغربية وعندما شاهدهم الأديب الراحل نجيب محفوظ، أعجب بهم وسألهم عن سبب عدم تقديم أغان عربية فكان ردهم هو انهم لا يحتملون التطويل والإعادات كما هي عادة الأغاني العربية، فاقترح عليهم تقديم أغان عربية على طريقتهم، وان يتحرروا من القوالب الجامدة للأغاني العربية، وفي ‏8 ‏ديسمبر ‏1977‏ وبعد صعوبات إنتاجية كثيرة اقتنع المنتج عاطف منتصر بهم وقدموا ألبومهم الأول «بحبك لا» وتوالت الألبومات. ‏وفى نفس التوقيت تأسست فرقة «طيبة» التي تكونت من الأخوين مودي وحسين الإمام وكان عازف الدرامز في هذه الفرقة أحمد عز رجل الأعمال الشهير المحبوس حالياً، وبعد ابتعاده عن العزف حل مكانه كعازف درامز شريف منير. أما فرقة «الجيتس» فقد أسسها في السبعينيات الملحن والموزع سمير حبيب ولحن معظم أغانيها، وبدأت مشوارها القصير من خلال إعادة توزيع بعض الأغنيات القديمة ذات الشهرة الواسعة قبل أن تكون لها أعمالها الخاصة. «الفور إم» و«الأصدقاء» ومع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وبعد عمله في فرقتي «القطط الصغيرة» و»البلاك كوست»، أسس عزت أبوعوف فرقة غنائية باسم «الفور إم»، بمشاركة أخواته البنات مها ومنى وميرفت ومنال بالإضافة لأعضاء آخرين مثل الراحل طلعت زين، وقدموا مجموعة من الألبومات الناجحة منها «ولا عجبوا كده ولا كده وأرخى الستارة ومغنواتي ودبدوبة التخينة ومتغربين وجنون الديسكو وغيرها». ومن الفرق التي حققت نجاحا مدويا في بداية الثمانينيات فريق «الأصدقاء» الذي كونه عمار الشريعي وكان يتكون من منى عبدالغني وعلاء عبد الخالق وحنان، وصدر لهذا الفريق ثلاث ألبومات هي «حنغني ومطلوب موظف وقول يا باسط» ومع نهاية الثمانينيات اتجه كل مطرب للعمل بمفرده. وبعد اندثار كل الفرق الغنائية السابقة ظهرت في نهاية الثمانينيات فرقة «أمريكانا شو» التي أسسها المنتج طارق الكاشف وكان من أبرز أعضائها هشام عباس الذي كان يعمل مهندساً للصوت قبل تأسيس هذه الفرقة وفي منتصف التسعينيات كون حميد الشاعري فرقة «جيليانا» التي كانت مكونة من يحيى وجمال عراقي وراندا وأحمد وسماح، وقدموا أكثر من ألبوم ناجح مثل «مش عارف وعاتبني ولو اللوم وعوالي». وبداية من عام 2000 وحتى الان تكونت فرق غنائية عديدة لكنها اختفت ومن أبرز هذه الفرق mtm وترانزيت والأحلام وبنات بحري والحب والسلام وسوا وفيروس وماديوس وإسكندريللا وأيامنا الحلوة وواف وكونسبيرياتس ورسالة وفرقة عمرو سليم أغان جريئة وعن رأيه في ظاهرة عودة الفرق الغنائية مرة أخرى يقول الشاعر عنتر هلال الذي كتب العديد من الأغنيات لفريقي المصريين والجيتس‏:‏ إنها ظاهرة صحية لأنها البيئة الصحيحة للتجريب في الأغنية حيث تمتلك مساحة من الحرية أكبر من المساحة التي يملكها المطرب‏،‏ ومازالت الفرق لديها الشجاعة والجرأة على ابتكار أشكال موسيقية جديدة وطرح موضوعات مختلفة وجريئة في الغناء لا يستطيع المطرب المفرد التصدي لها‏،‏ بالإضافة الى أنها تعتبر مفرخة لأصوات جديدة‏ وعيبها الوحيد أنها لا تطور أداءها فتصاب بالفشل‏،‏ ودائما يصاب أصحابها بالنرجسية والأنانية وسرعان ما تدب الخلافات بينهم‏.‏ ويؤكد الملحن محمد سلطان أهمية الفرق الغنائية‏،‏ ويضيف: أهم شيء أن تبتعد عن تقليد الفرق الغربية‏،‏ وأن تحمل كلمات أغانيها مضمونا‏،‏ وسبب عودتها الآن انتشار السطحية والتفاهة في معظم الأغنيات التي تطاردنا عبر الفضائيات‏،‏ وتملأ بضجيجها سوق الكاسيت. ويرحب محمد نوح‏ مؤسس فرقة «النهار» بكل التجارب الشبابية ويقول‏:‏ «هذه التجارب هي القادمة غصبا عن أي أحد طبقا لمبدأ الحياة نفسه». وعن أسباب إنشائه لفرقة «النهار» يقول‏:‏ كنا نريد عمل ثورة في طريقة الغناء من حيث الكلمة واللحن والأداء‏،‏ وأن نغير شكل المطرب‏،‏ بحيث يصبح واحداً من الناس يغني لهم ويغنون معه بعيداً عن الرومانسية الزائدة‏، وإضافة العلم الموسيقي الى الغناء‏،‏ وحدث هذا من خلال الأغاني التي قدمناها مثل «احميني ومن صغر السن‏ ومدد وأديني قلت وغيرها‏». وفي البداية تعرضنا لهجوم شديد ونقد لاذع ورفض تام على كل المستويات‏، الى أن تم تقييم التجربة بعد سنوات طويلة بشكل صحيح‏، وأخذت حقي وحصلت على جائزتي الدولة التشجيعية والتقديرية، بالإضافة الى جوائز من فرنسا والصين وجنوب إفريقيا وإنجلترا‏. للفشل أسباب وأرجع عزت أبوعوف مؤسس «الفور إم» عدم استمرار فرقته التي كونها مع شقيقاته لطبيعة الحياة واختلاف الظروف الشخصية لكل عضو في الفرقة وانشغال الشقيقات بحياتهن الأسرية‏،‏ وهذه حال معظم الفرق الموسيقية وأفضل مثال على ذلك «البتلز» أعظم فرقة أجنبية ظهرت في الستينيات. وعن اختفاء كثير من الفرق يقول المنتج ريتشارد الحاج الذي يتبنى فريق «سنين»: هذا يرجع إلى عدم الانسجام بين أعضاء الفريق، وأيضا لوجود طموح شخصي لدى كل واحد منهم في الانفراد بنجوميته، كما أن العنصر التجاري عامل مهم في تفكك الفريق، وأقصد عدم إقبال منظمي الحفلات، ومتعهدي الأفراح على تقديم فرق غنائية، ويفضلون المطرب المنفرد. ويقول حميد الشاعري الذي كون فريق «جيليانا»: عندما تدخل كلمة «أنا» في عمل جماعي فلابد أن يكون الفشل حليفه فكل عضو في الفريق يريد إظهار موهبته ويخوض تجارب منفردة، وهذا كان وراء فشل كثير من الفرق المصرية. أما أدهم السعيد أحد أعضاء فريق «وسط البلد» فقد أكد أن فريقهم سيستمر ولن ينفصلوا، لوجود شرط أساسي في العقد مع المنتج طارق العريان ينص على إتاحة الفرصة لكل عضو في إصدار ألبوم خاص به، ويرى أن الرغبة في السيطرة وفرض الشخصية الأحادية هي السبب في تفكك الفرق الغنائية. روح الفريق يقول هاني شنودة، الذي أعاد مؤخراً فريق «المصريين»، إن فرقته استطاعت التعبير بأغنيات قصيرة لا تتجاوز مدتها ثلاث دقائق عن العديد من القضايا والمشكلات التي كان يعيشها المجتمع المصري عندما ظهرت، واستمرار الفرق مرهون بإيمان أعضائها بروح الفريق، ويجب إعطاء كل فرد في الفرقة فرصته ليعبر عن نفسه إلى جانب وجود المصلحة المشتركة بين جميع الأعضاء.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©