الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«قيثارة الإنشاد» هرب من قيود الوظيفة إلى عالم الطرب

«قيثارة الإنشاد» هرب من قيود الوظيفة إلى عالم الطرب
13 سبتمبر 2011 01:56
استطاع المنشد الديني جودة هيكل في فترة وجيزة أن يفرض نفسه على الساحة بموهبته وأدائه المميز، الذي اكسبه شهرة واسعة، حتى لقب بـ«قيثارة الإنشاد»، سائراً على خطى سلطان الإنشاد الديني في مصر والعالم العربي الشهير ياسين التهامي.في عام 1975 شد جودة هيكل رحاله إلى القاهرة، قادماً من محافظة الشرقية، بحثاً عن الشهرة والنجومية، وأخذ يتنقل بين أضرحة أولياء الله الصالحين، منشداً أعذب وأجمل الكلمات والقصائد الصوفية. جودة لا يفوته التواجد في مولد السيدة زينب بالقاهرة كل عام، ويعتبر حضوره حتمياً إن لم يكن منشدا فإنه يحضر مستمعا. يقول جودة «أنا من مواليد 1957 في قرية «صنافين» بمركز منيا القمح في محافظة الشرقية، وحاصل على دبلوم تجارة، وأقيم منذ عام 1975 في القاهرة مع أسرتي بعد استقراري بها والتحقت منذ صغري بكتاب القرية فحفظت عدة أجزاء من القرآن الكريم ولأن قريتي تضم عدداً من مقامات أولياء الله الصالحين الذين يقام لكل منهم مولد منفصل يحضر المنشدون والمداحون لإحياء هذه الموالد التي تستمر على مدار العام لذا انجذبت وتعلقت بهذا الفن. حسن الأداء ويضيف «اشتهرت قريتي بكثرة الأضرحة ومقامات الصالحين، والتي كانت تشهد طوال العام احتفالات دينية، وأدت كثرة الأضرحة في القرية إلى تنامي أعداد الطرق الصوفية بها مثل الرفاعية والأحمدية والبراهيمية والشاذلية والبيومية وغيرها، وشدني هذا الأمر وبدأت أتردد على مشايخ هذه الطرق مثل الشيخ الشاذلي أحمد الشاذلي، وحرصت على متابعة «الحضرات» التي كان يحييها خلال الموالد والمناسبات الدينية، كما بدأت أتقرب إلى المنشدين في قريتنا للتعلم منهم، وإنشاد ما أحفظه فأشاد الجميع بموهبتي وحسن أدائي وجمال صوتي». ويوضح «في عام 1975 وكان عمري وقتها 19 عاماً، شددت الرحال من محافظة الشرقية للعيش في القاهرة لأبدأ رحلة الانطلاق في رحاب الصوفية؛ فأقمت بجوار مسجد السيدة زينب لأنس بقدرها ومقامها الجليلين وبدأت أتعرف على بعض الموسيقيين، وأتردد على الموالد الشهيرة الأخرى التي تقام في القاهرة مثل الحسين والسيدة نفيسة والرفاعي، تارة كمستمع وتارة أخرى كمنشد إلى أن تعرفت على أحد مشايخ الطريقة الرفاعية ويدعى الشيخ سيد علي عمر الذي ينتمي لقرية «شبلنجة» وهي قريبة من بلدتي، وكان هذا الشيخ ينشد الشعر الصوفي من دون استخدام آلات أو إيقاعات موسيقية. وبدأت أعجب بأدائه واحتضنني وشملني برعايته وطلب مني إحياء الاحتفال السنوي بالمولد النبوي الشريف، الذي كان يقام قي «شبلنجة» وكذلك الحفلات الخاصة بمريديه وأحبابه في مختلف القرى في محافظة الشرقية». مشوار الشهرة يؤكد جودة، الملقب بـ»قيثارة الإنشاد»، «كان عشقي للإنشاد الديني وراء تأثر دراستي حيث تراجع مستواي التعليمي وانتهى بي الأمر بالحصول على دبلوم التجارة، وعينت موظفاً في الشركة المصرية لتجارة الكيماويات ومكثت بها نحو 15 عاماً وبعدها قررت الخروج للمعاش المبكر لأتخلص من قيود الوظيفة حتى أتفرغ للإنشاد الديني». ويقول «في عام 2003 انضممت إلى فرقة النيل للموسيقى والغناء شعبة الإنشاد الديني تحت قيادة المخرج المسرحي عبدالرحمن الشافعي، وكانت هذه الخطوة نقلة نوعية في مشواري مع الإنشاد فأصبح لي جمهور يختلف عن جمهور الموالد من حيث المستوى الثقافي ما دفعني إلى تأسيس فرقة الحضرة المصرية للإنشاد الديني، ومعها بدأت أحيي العديد من الحفلات التي تقيمها المراكز الثقافية بالقاهرة مثل ساقية الصاوي وبيت الهراوي ما أدى إلى انتشار وشهرة الفرقة. وفي عام 2005 تم ترشيحي للعمل مع فرقة المصريين التي يديرها الموسيقار هاني شنودة، وبالرغم من قصر الفترة التي قضيتها مع الفرقة فقد كانت مثمرة وشهدت فترات إبداع كبير لي». وعن الشخصيات التي تأثر بها في مجال الإنشاد الديني، يقول «أدين بالفضل للشيخ الشاذلي أحمد الشاذلي الذي لم يبخل عليَّ بالتوجيهات والنصائح في بداية مشواري مع الإنشاد، وقال لي «أنت صغير السن والمستقبل أمامك ويجب عليك استثمار هذا الوقت في حفظ الأشعار الصوفية إذا أردت الاستمرار والنجاح في هذا المجال»، وكانت هذه النصائح نقطة تحول في حياتي وحافزاً لي على تحمل كل الصعاب التي واجهتني خصوصاً في بداية مشواري». وعن الشعراء الصوفيين المفضلين لديه، يقول «لا يوجد شاعر معين أؤدي من كلماته ولكن أنتقي من قصائد الشعراء الصوفيين مثل ابن الفارض وأبي بكر الشبلي والجنيدي والرفاعي وإبراهيم الدسوقي وغيرهم ولكني أفضل أشعار أبي مدين الغوصي والرفاعي لأن كلماتهم بها عمق ولها تأثير خاص». اللغة الفصحى عن أسباب عدم اتجاهه للإنشاد باللهجة العامية، يوضح «اتجاهي للإنشاد بالفصحى ليس تقليلاً من العامية أو مستخدميها ولكن نظراً لحفظي القرآن الكريم في الصغر وعشقي للغة العربية واستماعي للشعر الصوفي، لم أستطع التخلص من ذلك كما أن معظم المنشدين في بلدتي كانوا يؤدون باللهجة العامية نظرا لصعوبة الشعر الصوفي فأردت أن أكون مختلفا عن الآخرين فاتجهت للأداء بالفصحى. كما أن الشعر الصوفي الفصيح منظم وأدق في التعبيرات من الإنشاد بالعامية الذي يفقدنا الإحساس برصانة اللغة العربية». وعما إذا كان هناك اختلاف في طقوس الإنشاد في الموالد عنه على المسرح، يؤكد أن المنشد على المسرح محدد بوقت معين، أما في الموالد فالوقت مفتوح ما يسمح للمنشد بإخراج ما لديه من أشعار كما يحلو له. وعن أبرز محطاته الخارجية، يقول «في عام 2001 سافرت بفرقة الحضرة المصرية إلى فرنسا، وقمت بإحياء 5 ليالي إنشاد ديني على مسرح معهد العالم العربي في باريس نالت إعجاب واستحسان الجمهور العربي والفرنسي على حد سواء. كما سافرت إلى إندونيسيا بصحبة فرقة الإنشاد الديني، ولقيت الحفلات إعجاب الجمهور الإسلامي والأجنبي بشكل منقطع النظير، وأحياناً كنت اضطر إلى الاعتذار عن عدم السفر لبعض الدول العربية والأجنبية لارتباطي بحفلات أخرى في مصر». ويضيف «أنا فنان شامل في 2009 خضت تجربة جديدة من نوعها مع فرقة «يوركا» للموسيقي الكلاسيكية بقيادة الفنان عبد المنعم سعيد، وكانت تقدم قطعا موسيقية فقط من دون مصاحبة أي مطرب أو مؤد، وطلب مني أداء الأناشيد الدينية بمصاحبة الموسيقى، ونجحت التجربة بشكل منقطع النظير»، مشيراً إلى أنه خاض أيضا للمرة الأولى تجربة العمل السينمائي. حيث شارك كمنشد في بعض مشاهد فيلم «كف القمر» للمخرج خالد يوسف وسيناريو وحوار ناصر عبد الرحمن، وبطولة غادة عبد الرازق ووفاء عامر وخالد يوسف وهيثم أحمد زكي ومن المنتظر عرض الفيلم خلال أسابيع قليلة. الغناء الديني عن رأيه في اتجاه بعض المطربين للغناء الديني، يؤكد «ليست هناك مقارنة بين المنشد والمطرب والغناء الديني يترك بصمة للمطرب أكثر من أغانيه التي تنتهي مع الوقت ولا يتذكرها أحد، وهذا الاتجاه يعتبر موجة أو ظاهرة سرعان ما تنتهي وتختفي ويبقى المنشد هو فارس هذا الميدان». وحول مواصفات المنشد الجيد، يقول «يجب أن يكون صادقاً مع الله أولاً ومحباً للإنشاد، وأن يتمتع بحلاوة الصوت، وينتقي الكلمات والألحان الجيدة حتى يكون قريباً من القلب، ويجب أن يكون المنشد مدركاً لمعاني شعره حتى تحدث حالة الوجد وتنتقل تلقائياً إلى المستمعين»، مؤكداً ضرورة تعلم المنشد المقامات الموسيقية عن طريق السماع، وليس بالضرورة أن يعتمد على الآلات الموسيقية إذ يمكنه الإنشاد اعتماداً على الكف فقط لأن الإنشاد في الأساس يعتمد على الروح والوجدان وطريقة المنشد في الأداء. ويشير جودة إلى علاقته بياسين التهامي، قائلاً «الشيخ ياسين التهامي فلته من فلتات الزمن لن تتكرر، وأنه خارج المنافسة وعلاقتي به علاقة تلميذ بأستاذه فهو مدرسة يتعلم منها من يريد التعلم». وعن تقييمه للإنشاد الديني الآن، يقول «الإنشاد الديني في تطور مستمر من حيث الشكل والمضمون، وفي الماضي كان المنشد يعتمد على صوته وأدائه من دون مصاحبة الآلات والإيقاعات الموسيقية، وقديماً كنا نرى المنشد يمسك عصا نحاسية ويضرب عليها بالسبحة لإحداث نغم وضبط الإيقاع، ومنهم من كان يمسك كوبا من الزجاج وبيده مسبحة يضرب عليها أيضا لنفس الغرض، ولكن الآن تغير الأمر وأصبحنا نرى المنشد يؤدي بمصاحبة الإيقاعات والآلات الموسيقية الشرقية مثل الكوله والكمان والعود والطبلة والرق والدف».
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©