الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

4 مهندسين مواطنين يطورون نظاماً يولد كهرباء تكفي 24 ساعة

4 مهندسين مواطنين يطورون نظاماً يولد كهرباء تكفي 24 ساعة
13 سبتمبر 2011 01:53
تختلف السنة الدراسية الأخيرة في الحياة الجامعية لطلبة كليات الهندسة عن السنوات السابقة التي أمضوها في غمار تخصصاتهم المختلفة، وذلك لأن فيها تحدياً كبيراً واختباراً عملياً لأفكارهم، وقدراتهم، ومدى تمكنهم من ربط ما تعلموه خلال سني دراستهم بمشاريع حياتية عملية جديدة، تفيد المجتمعات التي يعيشون فيها. ففي كل مشروع تخرج نطلع عليه عبر هذه الزاوية نقترح حلولاً ناجعة لمشكلات نعيشها ونبرز تقنيات حديثة غير مسبوقة على الأقل في الإطار الذي نعيش فيه.. وكم نفرح ونفتخر بأن تلك الحلول وتلك التقنيات وصل إليها شبابنا الواعد ولم تصلنا من الخارج. التقنية الجديدة التي سنتحدث عنها اليوم تتعلق بمصادر الطاقة المتجددة وبالتحديد «طاقتي الشمس والرياح»، والتي يتم الاستفادة منها لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة لإشعال الإنارة وتشغيل أجهزة التكييف، وغيرها، في المخيمات الصحراوية التي تقيمها بعض الشركات للسياح أثناء رحلات البر، وكذلك المخيمات العسكرية، وغيرها. وللحديث أكثر عن هذا النظام التقينا المهندسين القائمين عليه، وهم بطي الشامسي، حمد رجب، وعبد الرحمن كلبت وأحمد الخزرجي، وقد تخرج جميعهم في قسم الهندسة الكهربائية في جامعة الإمارات. هجين الطاقة المتجددة يعرفنا المهندس بطي الشامسي بطبيعة المشروع وفكرته ويقول «مشروعنا عبارة عن نظام هجين من الطاقة المتجددة، وبالتحديد طاقتي الشمس والرياح لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة للمخيمات الصحراوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بمعنى أننا ركزنا على بيئة دولة الإمارات في الدراسة من حيث المناخ ونحوه، ويعود السبب لاختيارنا لهذا المشروع على وجه التحديد إلى أساتذة قسم الهندسة الذين اقترحوا على الطلبة مجموعة من المشاريع، ونحن بدورنا اخترنا هذا المشروع وتحمسنا له بسبب توجهات دولتنا إلى إيجاد استغلال مصادر الطاقة المتجددة بوصفها طاقة نظيفة وصديقة للبيئة وموجودة بصورة مستمرة وغير مهددة بالانقطاع، مثل مصادر الطاقة غير المتجددة التي هي على العكس من ذلك كله، وأود أن ألفت أن مشروعنا ضخم جداً، وأقمناه على مساحة كبيرة من الجامعة، وكنا أول من يطبق هذا النظام أو هذا المشروع في الدولة، وقد أشرف علينا في ذلك عضوا الهيئة التدريسية في قسم الهندسة الكهربائية، وهما الدكتور حسن نورا والدكتور عباس فردون». مصدر صديق للبيئة ويوضح المهندس حمد رجب المراحل التي مر بها المشروع حتى رأى النور، وصار من مجرد فكرة إلى واقع ملموس، بالقول «مر مشروعنا بمراحل عدة بدأناها بالبحث الشامل عن الطاقة المتجددة وآلية الاستفادة منها، وقرأنا الكثير من البحوث السابقة والدراسات المتعلقة بذلك، وقمنا بزيارة ميدانية إلى المخيمات الصحراوية التابعة لشركات خاصة، والتي تبنيها من أجل مكوث السياح فيها أثناء رحلات البر والسفاري، وتعرفنا إلى احتياجاتها من الطاقة الكهربائية، وحسبنا في ضوئها مقدار الطاقة التي نحتاج إلى توليدها من أجل تلك المخيمات، كما لاحظنا أن تلك المخيمات تعتمد بشكل كلي على مولدات الديزل في الحصول على الطاقة الكهربائية، من أجل إنارتها وتشغيل مكيفاتها والأجهزة الصوتية ومضخات الهواء اللازمة لتعبئة إطارات السيارات بالهواء، ويعتبر ذلك كله مكلفاً، ويحتاج إلى ميزانية عالية للديزل، فتضطر تلك الشركات للتخفيف من أعباء تلك التكاليف إلى تحديد ساعات تشغيل تلك المكيفات، وما سواها، ففكرنا في كيفية إيجاد مصدر بديل لطاقة الديزل، ويكون صديقاً للبيئة، وبتكاليف أقل بكثير، مع استخدامه كمصدر يولد طاقة كهربائية دائمة لـ 24 ساعة متواصلة من دون انقطاع». ويضيف: «في ضوء ذلك حددنا القطع المطلوبة لبناء النظام، مستعينين بخبرات سابقة لأنظمة مشابهة في دول أوروبية، حيث أفادتنا في تحديد الخطوط العريضة للنظام، والتعرف إلى القطع الأساسية التي نحتاجها، لكننا لم نطبق تلك الأنظمة بحذافيرها، لأنها بنيت لبيئات وظروف مناخية مختلفة عن بيئتنا سواء من حيث درجة الحرارة أو قوة الرياح أو غير ذلك، كما أن تلك الأنظمة التي اطلعنا عليها كانت مجرد دراسات نظرية لديهم غير مطبقة بعد، أما القطع الأساسية فهي عبارة عن ألواح شمسية ومولدات للرياح وبطاريات لتخزين الطاقة ومولد ديزل ذي سرعات متغيرة». حساب التكلفة اللازمة ذهب المهندسون إلى السوق من أجل معاينة القطع الأساسية التي يحتاجونها في بناء مشروعهم، ومقابلة خبراء مسؤولين عن تركيب وتشغيل الأنظمة الحالية للمخيمات الصحراوية الموجودة في الدولة التابعين لشركات عدة، فأوضحوا لهم أنهم بحاجة إلى قطع أخرى، مثل المحول الثنائي الاتجاه وجهاز التحكم بشحن البطاريات المعروف بالكونترولر ونظام أمان وحماية، وبذلك أصبحت الصورة أوضح أمامهم لكل ما يحتاجون إليه، خصوصاً بعدما اطلعوا على الكتيبات التعريفية بتلك القطع وكيفية تشغيلها. وفي السياق ذاته يخبرنا المهندس أحمد الخزرجي: «زيارتنا للأسواق والشركات فتحت أعيننا على أمور أفادتنا كثيراً في المشروع فقد صار لدينا إحاطة أوسع بطبيعة ونوعية القطع التي نحتاجها، لكنها لم تحدد لنا كم العدد الكافي من تلك القطع يلزمنا لتوليد الطاقة الكهربائية الكافية لمخيم صحراوي واحد، بمعنى كم بطارية وكم مولد رياح وكم لوحاً شمسياً نحتاجها... الخ ، فعدنا لتحديد ذلك إلى قراءة المزيد من البحوث العلمية وإجراء المعادلات الرياضية والحسابات الدقيقة لذلك، واستعنا ببرنامج على الحاسب الآلي للتأكد من أن حساباتنا صحيحة ودقيقة، فخلصنا إلى أننا بحاجة إلى 24 بطارية و21 لوحا شمسيا، وإلى حجم معين من مولد الديزل والمحول الثنائي الاتجاه ومولد الرياح والكونترولر، وهكذا توصلنا إلى حساب التكلفة اللازمة وتقديم دراسة جدوى عنها للجامعة، والتي قامت بشرائها لنا بعد أن قدمت لنا هيئة المياه والكهرباء في أبوظبي الدعم المادي الكافي لذلك». اختيار المكان الأنسب يفيد المهندس عبد الرحمن كلبت بأنه بعد أن قاموا بمعاينة القطع وشرائها من قبل الجامعة بدأوا في تطبيق المشروع على أرض الواقع، مستعينين أثناء ذلك بخبراء مختصين زودتها بهم الشركات الموردة للقطع من أجل مساعدتهم في تركيبها، فكانوا يقومون بعملية التوصيلات سوية بل وكانوا يمدون الخبراء باقتراحات مطورة لطرق التوصيل تلك، ومع بدء تطبيق النظام برزت أول عقبة أمامهم، تمثلت في اختيار المكان الأنسب لذلك في الحرم الجامعي، حيث إنهم يحتاجون إلى مساحة كبيرة وذات شروط محددة يفسرها كلبت قائلاً «فكرنا ودرسنا المكان الذي يجب أن نبني فيه النظام، والذي يتكون من جزأين.. جزء عبارة عن خيمة بداخلها بعض القطع التي تزداد فاعليتها بوجودها تحت أجهزة التكييف في الخيمة، نظرا لحساسيتها لأشعة الشمس مثل المحول الثنائي الاتجاه والبطاريات والكونترولر، وأجزاء أخرى للنظام موجودة خارج الخيمة، مثل مولد الديزل ومولد الرياح والألواح الشمسية، وهذه جميعها تحتاج إلى مساحة كبيرة نوعا ما، بالإضافة إلى ضرورة خلوها من المعيقات، مثل عدم وجود مبانٍ تحجب أشعة الشمس والرياح، فدرسنا لذلك الظل المتكون على المباني المحاطة بالمساحات الفارغة في الحرم الجامعي، واخترنا أقلها ظلاً، أي درسنا أكبر نقطة تسقط عليها أشعة الشمس والاتجاه المطلوب للألواح الشمسية ودرجة ميلها، وكانت هذه الدراسة صعبة جداً، لأنها تتعلق بعلم الفلك، لكننا تغلبنا عليها بفضل أخذ بعضنا مساقاً دراسياً في هذا العلم». لم يواجه المهندسون صعوبات كبيرة في عمل التوصيلات وتركيب القطع، نظرا لانسجام ذلك مع تخصصهم في الهندسة الكهربائية ووجود الاختصاصيين الذين ساندوهم في ذلك، حيث إن الخطأ مرفوض، وقد يكلفهم الكثير، نظراً لارتفاع سعر القطع وأي خطأ في تركيبها سيسبب تلفها. نظام حماية من جهة أخرى يستعرض المهندس بطي الشامسي كيفية عمل النظام بقوله: بعد أن تسقط أشعة الشمس على الألواح الشمسية وتمتصها ويستقبل الرياح مولد الرياح يتم توجيههما إلى الكونترولر أو المتحكم المسؤول عن تنظيم الطاقة الخارجة منهما حتى تصل إلى المحرك الثنائي الاتجاه، والذي يقوم بدوره عبر اتصاله بالبطاريات بتخزين الطاقة فيها، ويتحكم كذلك بمقدار الطاقة الخارجة من البطاريات واللازمة لتشغيل الأجهزة الكهربائية الموجودة في المخيم، وفي حال عدم توافر الطاقة اللازمة في البطاريةت وعادة ما يندر ذلك، يكون هناك نظام احتياطي يعتمد على مولد الديزل الذي يخزن الطاقة المطلوبة لملء البطاريات، ولابد من الإشارة إلى أن عدم ملء البطاريات بالحد الأدنى من الشحن يؤدي إلى تلفها في وقت قصير، ولذلك كان لا بد من وجود مولد الديزل لحمايتها من التلف» ويؤكد الشامسي تكاملية النظام أو المشروع الذي أكملوه بنجاح، حيث يوجد نظام حماية لكل قطعة أو جزء في النظام ليقوم بالحد من انتقال الأعطال الحادثة في إحدى القطع إلى القطع الأخرى، ومن أجل توفير حماية للعاملين على النظام بما يشبه نظام الحماية الموجود في البيوت، كما يوجد نظام إلكتروني لجمع البيانات من جميع أجزاء النظام لمعرفة مدى فاعليتها والتعرف إلى عيوبها ومعالجتها، بالإضافة إلى وجود حساسات للرياح والطاقة الشمسية لمعرفة أن الألواح الشمسية ومولد الرياح يعملان بفعالية. حلم يراودهم يعترف مهندسو المشروع بارتفاع تكاليف النظام والتي وصلت إلى 250 ألف درهم، لكنها تدفع لمرة واحدة، وبمجرد تركيب النظام تصبح مصروفاته قليلة جداً، والتي تدفع في حالة استخدام الديزل الذي هو بالأصل احتياطي، على العكس من المخيمات الحالية التي تحتاج إلى شحنة ديزل كل 3 أيام بـ 210 دراهم، ويتضاعف على مدى السنوات الطويلة. ومن أبرز الصعوبات التي واجهها المهندسون الإماراتيون القائمون على المشروع وفق ما ذكروا، عدم وجود الوقت الكافي للتعامل مع القراءات الناتجة من تشغيل النظام، ومقارنتها والتعرف إلى عيوبها من أجل تطوير النظام على ضوئها، إذ لا يزال حلم تطوير النظام الذي تعبوا عليه لمدة عام كامل يراودهم، ويشمل هذا التطوير التقليل من عدد الألواح الشمسية مثلاً، وزيادة فعالية تخزين الطاقة في البطاريات، وإيجاد آلية لتنظيف الألواح الشمسية بعد تراكم الأتربة عليها.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©