الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبدالله إبراهيم يقدم جهداً تثقيفياً بدون رؤية نقدية جديدة

5 ديسمبر 2010 23:00
يمثل عمل الكاتب والباحث العراقي المعروف الدكتور عبدالله إبراهيم والذي حمل عنوانا “المركزية الغربية” جهدا كبيرا بذله الباحث الذي عرف بأعمال عديدة واسعة النطاق منها مثلا “موسوعة السرد العربي” وغيرها. وقد صدر الكتاب عن “الدار العربية للعلوم ناشرون” في بيروت وعن “دار الأمان” في الرباط في المغرب وجاء في 477 صفحة كبيرة القطع وتوزع على ثلاثة أبواب في كل منها فصول مختلفة فضلا عن مدخل استغرق 61 صفحة. وأتى كتابه الجديد “المركزية الغربية” سجلا مكثفا لأفكار وآراء فلسفية منذ القدم حتى أيامنا وهو في هذا المجال ـوإذا اعتبر ان غايته هي “تعريفية” أي تعريف القارىء بهذه الأفكار او تقديم سجل مهم لا أفكار فلسفية- حقق غايته دون شك. اما حين نعتبر ان الطرح الرئيسي في الكتاب هو إظهار الشك او فلنقل رفض ما سمي “المركزية الغربية” فيبدو ان المجلد الضخم لم يأتنا بكثير من الجديد، حيث كثير من النتائج التي توصل اليها الدكتور عبد الله ابراهيم -على عمق تفكيره وغزارة علمه- لم تكن جديدة في صلبها وان اختلفت الآراء في تفاصيلها احيانا. اما أهمية الكتاب الحقيقية فتبقى كما جاء سابقا في انه جاء مجلدا تثقيفيا مفيدا على عدة مستويات. وهو هنا في بعض المجالات يشبه تلك الكتب التي تتناول تاريخ الفلسفة مثلا وان كان المؤلف يتدخل فيه داعما اتجاها او رأيا او رافضا اخر. وتشمل بعض محتويات الكتاب باب بعنوان “مدخل” وفيه معظم وجهات النظر التي طرحها ابراهيم الناقد والباحث والاستاذ الجامعي المتخصص في الدراسات الثقافية والسردية، وبعض عناوين هذا الباب تشير الى ما فيه. فالعنوان الرئيسي “المركزية الغربية - حيثيات المفهوم وإشكالاته” فيه ستة اقسام هي “تمخضات تاريخية.. كشف الاخر وهواجس الانتليجنسيا الغربية” و”تفرد الرؤى وخرافات الاصل.. قضية النقاء” و”الغرب الكوني وتعارض الأنساق الثقافية” و”منهج الوحدة والاستمرارية وإعادة انتاج الماضي” و”نهاية التاريخ.. خلاصة فوكوياما” و”نقض مبدأ الاطراد.. بوبر ونقض قانون الحتمية”. اما العناوين الرئيسية للأبواب الاخرى دون فصولها المختلفة فهي “الركائز الفلسفية لنزعة التمركز الغربي” و”فلسفة الروح وبناء التمركز” و”التأصيل الفكري واصطناع المعجزة الاغريقية” و”نقد المركزية الغربية - استشعارات داخلية”. وعلى أهمية ما ورد في هذا الباب إلى أنه إجمالا لم يحمل جديدا سواء في التحليل او عرض المعلومات فكثير من ذلك هو من المعروف تماما لدى من يهتم بهذه النواحي الفكرية. المقصود بهذا انه لم يخرج برأي خاص يشكل إضافة الى ما سبق. اما فضله التثقيفي بالنسبة الى القراء عامة فأمر لا يمكن إنكاره. وقد يقول قائل -وربما عن حق- ان الباحث لم يدع انه يقدم فهما جديدا او تحليلا جديدا للمسائل التي عرضها ولذا فلا يمكن محاسبته في هذا المجال. قد يكون هذا صحيحا لكن نهج عرض الموضوعات وايحاءات ما رافق ذلك يوحيان بنقد يسعى الى تقديم قراءة خاصة لكنه اكتفى بتقديم ما هو معروف سابقا. هنا يعود الكتاب ككل ليحسب توثيقا فكريا تاريخيا وعرضا لوجهات نظر مختلفة وان بدا انه يميل الى ترجيح بعضها. وهذا في حد ذاته عمل قيم. يبدأ الدكتور ابراهيم كلامه في “المركزية الغربية - حيثيات المفهوم وإشكالياته” بالقول “يتعذر على وجه الدقة تحديد اللحظة التي ولد فيها مفهومان متلازمان هما: “اوروبا” و”الغرب” والواقع انهما من تمخضات تلك الحقبة الطويلة والمتقلبة التي يصطلح عليها “العصر الوسيط”. الحقبة التي طورت جملة من العناصر الاجتماعية والدينية والسياسية والثقافية فاندمجت لتشكل هوية اوروبا. وبانتهاء تلك الحقبة ظهر الى العيان مفهوم “الغرب” بأبعاده الدلالية الاولية وسرعان ما ركب من المفهومين المذكورين مفهوم جديد هو “اوروبا الغربية” هذا المفهوم ذو الدلالات المتموجة لم يمتثل ابدا للمعنى الجغرافي الذي يوحي به فقد راهن منذ البدء على المقاصد الثقافية والسياسية والدينية. ومن ثم ثبت مجموعة من الصفات والخصائص العرقية والحضارية والدينية على انها ركائز قارة تشكل أسس هويتها وغذى هذا الاختزال ولادة مفهوم حديث بطبيعة إشكالية هو “المركزية الغربية”.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©