السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرجال أيضاً.. يعيبهم الطلاق! البيوت أسرار

الرجال أيضاً.. يعيبهم الطلاق! البيوت أسرار
25 سبتمبر 2014 20:20
كانت الحياة تسير بنا في هدوء، مثل كل زوجين بالطبع لا تخلو من بعض المنغصات أو المشاكل التي تعترض طريقنا، بين أزمات مالية وخلافات في وجهات النظر، أو حول قضايا حياتية من الدارجة والشائعة بين الناس، أي بمعنى انه لم يكن بيننا خلافات كبيرة ولا هوة متسعة، نحل ما نتعرض له من دون تدخل أحد بيننا، خاصة أنني كنت قد حذرتها من تدخلات الآخرين قبل أن نتزوج، وسرنا على هذا النهج وساعدنا على ذلك أننا نقيم بعيدا عن أهلي وأهلها. خيار خاطئ أنا موظف متوسط الحال، تسير بي الدنيا بين العسر تارة، واليسر تارة أخرى، راض بما قسم الله لي، أستطيع أن أقول إنني لست من الذين يبالغون في أحلامهم أو يعيشون في الخيال، وإنما أتعامل مع الواقع، وقد كنت حريصا على الزواج من فتاة موظفة، كي نستطيع معا أن نواجه أعباء الحياة وغلاء الأسعار، ولذلك وقع اختياري على تلك الفتاة التي تشبهني تقريبا في ظروفي، فكلانا من عامة الشعب، لا نحن من الطبقة الدنيا ولا من الطبقة العليا، لا نهتم بالرفاهية ولا نسعى إلى الترف، وإن كنا نتمنى ذلك، حتى حفل عرسنا كان بسيطا، سرادق صغير أمام منزل العروس يوم الحناء، وسرادق أكبر أمام بيتي في ليلة الزفاف، بالطبع لم يحضره كبار المطربين، ولم يكن به راقصة، ومع ذلك، فقد استطاع الشباب برقصاتهم وأغانيهم أن يشيعوا البهجة في النفوس. زوجتي تشعرني أنها أخطأت الاختيار، لم تقل ذلك بشكل مباشر، وإنما كل لبيب بالإشارة يفهم، حيث تذكر أن صديقتها تزوجت من معلم لغة إنجليزية ويكسب الآلاف يوميا، فأغرق زوجته بالمجوهرات والتنزه هنا وهناك، أما ابنة عمها - فحدث ولا حرج- فقد تزوجت من مقاول معمار وتقيم في شقة تجري فيها الخيل، أما زميلتها في العمل فزوجها موظف كبير، اشترى لها سيارة فاخرة في عيد ميلادها، وهكذا بين الحين والآخر تذكر لي زوجتي واحدا من هذه النماذج، وأعي ما ترمي إليه، لكن لا أريد أن تدخل المشاكل بيننا وأحاول أن أحمي بيتي وأحصن أبنائي الثلاثة من هذه المشاكل ولا احب أن يتعرضوا لها. حياة الرفاهية اثنا عشر عاماً مرت بطولها وعرضها ونحن على هذا المنوال، لكن يبدو أن زوجتي فقدت قدرتها على احتمال هذه الظروف المعيشية - غير القاسية - وتتوق إلى حياة الرفاهية، وقد تأكد لها أنني لن أستطيع أن أحقق لها ذلك، واعتبرته في حكم المستحيل، فكشفت عن وجهها الحقيقي وأصبحت تتحدث عن أمنياتها صراحة، وأنها ترفض أن تدفن نفسها في هذه الظروف، ولماذا لا تعيش مثل الأخريات في نعيم، وهي بالطبع تجهل ما يدور خلف الجدران وأسرار البيوت، ولا تعرف أن كل بيت فيه من المشاكل ما يكفيه ولكن بشكل مختلف، وربما تكون كل أسرة تحسد الأخرى على ما هي فيه من استقرار، فالجميع يرضون بعقولهم لكن لا يرضون بأرزاقهم. أصبحت الحوارات بيننا حادة، وفتحت زوجتي كل الأبواب والنوافذ أمام جميع أنواع المشاكل والخلافات، ولم يعد الحوار يجدي معها، ولم اعد قادرا على فهم مقاصدها، أي ماذا تريد مني الآن، وهي تحاول أن تشعرني بأنني عاجز ولست مثل كل الرجال، وان ظروفي المالية تعتبر في عينيها نقيصة، وفي النهاية لا احتمال لي بما تفعل، ونفد صبري، وليس أمامي إلا المواجهة، فكان جوابها أنها طلبت الطلاق وقد رأيت أن الانفصال عنها افضل بكثير من هذا النكد المستمر، ولم تكن مثل كل الأمهات في الدنيا، فقد فوجئت بها تطلب أن احتفظ بالأبناء وأن أتولى مسؤوليتهم، ورغم أنها مهمة ثقيلة، وتناسب طبيعة النساء إلا أنني تقبلتها ووافقت بلا جدال. دعوى قضائية لملمت كل أشيائها، وما تريد أن تحمله وغادرت منزل الزوجية غير مأسوف عليها، وشعرت بثقل الأوضاع وأنا مشتت بين عملي وبين أبنائي، فأصبحت أماً وأباً في نفس الوقت إلى أن اعتدت على ذلك خلال عدة شهور وتأقلمت معه، لكن ما لم أجد له تفسيرا أن زوجتي فاجأتني بلا مقدمات بإقامة دعوى قضائية تطالب فيها بنفقة لها وللصغار رغم أنهم معي وأتولى كل شؤونهم، وفي أول جلسة وقفت أمام القاضي وقلت إنني مستعد لكل مطالبها، وكل ما تريده سأنفذه حفاظا على مصلحة الصغار الذين يجب ألا يكونوا ضحايا هذا الخلاف، وهم لا ذنب لهم فيه، وتم الانتهاء من هذه القضية، وأخذت الأبناء ليقيموا معها في منزل والدتها، ولا أراهم إلا مرة كل يوم جمعة في إجازتي الأسبوعية، وارتضيت بذلك، والتزمت بتحمل كل نفقات ومصروفات الصغار. عامان مرا على هذه الأوضاع الجديدة، وجدت نفسي وحيدا، ولم أتجاوز الثلاثين من عمري، فكان يجب أن أفكر في الزواج، ولأول مرة اكتشف أن الطلاق ليس عيبا في النساء عند تقاليد مجتمعنا، ولكنه أيضا يعيب الرجال، فلم يكن من اليسير الارتباط للمرة الثانية، فما أن تسمع أي امرأة ظروفي حتى تفر مني ولا أرى وجهها مرة ثانية، حتى الأرامل والمطلقات تفعلن ذلك، وتعتبرن أن بي عيوبا، وتخشين أن اكررها معهن، حتى لو شرحت ما حدث معي بالتفصيل الممل، فيعتبرنني كذابا، أكذب ولا أتجمل وبحساباتهن لو لم تكن بي عيوب ما طلقتني زوجتي، فهن يعتبرن أيضا أنها هي التي اتخذت القرار، وإن كان هذا صحيحا في ظاهره فهو لا يعيبني. رمز الحنان عندما اقتربت من اليأس، وجدتها امرأة مطلقة ولديها طفل، رمز للحنان والمودة، أشعرتني بالفارق الكبير بينها وبين مطلقتي، نموذج للإيثار، تعيش للناس لا لنفسها، بل إن آخر شيء تفكر فيه هو احتياجاتها، تحب أن تعطي ولا تأخذ، تقدم الخير والمعروف ولا تنتظر الرد، لم تكن لها شرط إلا أن يكون صغيرها معها، ولم أتردد في قبوله خاصة بعدما لمست كل هذه الصفات في شخصيتها والتي يندر مثلها في هذا الزمان، حياتي معها كانت مختلفة بشكل حقيقي، نعم المرأة هي، وتفانيت في تحقيق السعادة لها ولولدها، ومن فطنة المرأة أنها لم تذكر مطلقها أمامي ولا مرة، لا بالخير ولا بالشر، لا تذمه ولا تمدحه، بل أغلقت باب تلك التجربة، وقد علمت بعيدا عنها أن مطلقها كان رجلا غير مستقيم وتحملته بعيوبه كلها حتى تجبر وطغى عليها بلا ذنب وطلقها بلا سبب، فاعتبرت أن ذلك كله حدث لتكون هدية الله لي، وشعرت بالسعادة الحقيقية التي يعجز قلمي عن وصفها ولا تسعفني الكلمات المناسبة لتسطيرها، فهي اكبر من أن تكتب وتختزل في كلمات محدودة. واستشعرت مطلقتي هذا كله وهي تتلصص من قريب ومن بعيد على أحوالي واشتعلت النيران في صدرها، ولم يعجبها أن تكون حياتي مستقرة، مع أنها هي التي رفضتها وتبطرت عليها، والأهم أنها حتى الآن لم تجد من يطرق بابها ليطلب يدها، وقد توهمت أنها ستكون عروسا فور انتهاء عدة الطلاق، وكان كيد النساء عظيما حقيقة، فقد تفتق ذهنها وتفكيرها على طرق لا يعرفها إبليس نفسه لتحاول أن تكدر صفو حياتي ومرة أخرى تفاجئني وترسل لي الأبناء وقد ادعت أنها غير قادرة على تربيتهم ومطالبهم، أما زوجتي فقد رحبت بهم أيما ترحيب وقامت على رعايتهم وخدمتهم اكثر من أمهم، وهم أنفسهم شعروا بذلك، لكنهم كانوا أسرى لخطة أمهم الشيطانية، فقد حرضتهم على سرقة مجوهرات زوجتي، وكل ما تقع ايديهم عليه من نقود، وتأكدنا من انهم وراء هذه التصرفات المشينة. تحريض على التمرد كي لا يكون هؤلاء الصغار عرضة للضياع، نصحتهم ولم أعاقبهم على أفعالهم رغم بشاعتها، ولكنهم تمادوا في تصرفات أخرى ظننت أنها من باب «شقاوة» الصبية، فإذا بهم يحطمون الأطباق والأواني ويخربون الأدوات والأجهزة الكهربائية، يكتبون على جدران الغرف حتى تشوهت تماما، يلقون بالمخلفات في أي مكان، يتعمدون عدم النظام، كل هذا وزوجتي لم تتبرم أو تشكو منهم، بل إذا حاولت تعنيفهم تهدئ من عصبيتي وتعلل ما يفعلونه وتختلق لهم الأعذار، وتردد أن كل الصغار يتصرفون كذلك. أنا أبوهم لم أتحمل ذلك واعتبرته انحرافا، ولابد من تقويمهم ولئن استمروا على ذلك سوف يؤدي إلى إفسادهم بشكل حقيقي، فجمعتهم وهددتهم بالضرب المبرح وصرخت فيهم غاضبا كما لم افعل من قبل، ففوجئت بهم جميعا يبكون ويبدون الندم، ويلقون بالمفاجأة التي لم تخطر لي علي بال بأن أمهم هي التي تحرضهم على هذا كله، حتى تمل زوجتي وإما أن تطالب بطردهم فأكون في مشكلة، وإما أن تترك لي البيت فأكون في مشكلة اخرى، واعترف الصغار ببراءة بحسن تعامل زوجتي معهم وأنهم لا يستطيعون رفض مطالب أمهم لأنها تهددهم إذا لم يفعلوا ما تأمرهم به، وأخيراً فإن حجتها لهم أنها تريد أن اطلق زوجتي لتعود هي إليّ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©