الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصاعب أمام التدخل

6 سبتمبر 2013 23:13
يبدو أن الرئيس الأميركي يواجه أولى الصعوبات برفض مجلس العموم في بريطانيا، الحليف التاريخي للولايات المتحدة، الموافقة على قرار المشاركة في التدخل المسلح في سوريا وتوجيه ضربات صاروخية لأهداف عسكرية محددة بهدف معاقبة النظام السوري على ما تؤكده الولايات المتحدة وفرنسا حسب تقارير أجهزتهما الاستخبارية من أنه قد أمر باستخدام الغاز السام الممنوع دولياً في أطراف دمشق ضد قوات المعارضة. لقد كان رفض مجلس العموم المشاركة مع الولايات المتحدة في «مغامرتها» القادمة في سوريا ضربة معنوية وسياسية شديدة الوقع على الإدارة الأميركية، ليس لأن القوة العظمى في عالمنا اليوم محتاجة لدعم ومساعدة البريطانيين عسكرياً في حملة محدودة كما يكرر أوباما القول دائماً، ولكن لأن واشنطن محتاجة سياسياً لمساعدة ودعم أكبر عدد من حلفائها حتى لا تبدو «الحملة التأديبية» وكأنها «عملية أميركية خاصة» معروفة البداية ولكن قد لا تكون معلومة النهاية. وبالنسبة للبريطانيين -الشعب ونوابه في مجلس العموم- فقد ذاقوا مرارة المشاركة في المغامرات الأميركية مع بوش الابن وحلفه غير المقدس برئيس حكومتهم السابق بلير. ويأتي رفض مجلس العموم مشاركة القوات البريطانية بعد أن كانت حكومته أشد حماساً وأجهر صوتاً في الدعوة للتدخل العسكري في سوريا دفاعاً عن الشعب السوري الذي يتعرض لحرب إبادة ودمار وتصفية طائفية، بل إن كاميرون ومعه الرئيس الفرنسي كانا يحثان أوباما ويدفعانه دفعاً قوياً لتجاوز مجلس الأمن والأمم المتحدة، لأن من غير الممكن أن يصدر مجلس الأمن قراراً بالتدخل وهنالك الفيتو الروسي والصيني. لقد تخلى رئيس الحكومة البريطانية المحافظ عن «حليفه التاريخي» الأميركي وتركه مع الرئيس الفرنسي الاشتراكي، ولذلك رأينا وزير الخارجية الأميركي في مؤتمر صحفي يصف فرنسا بالصديق التاريخي للولايات المتحدة. ولكن الصعوبات التي يواجهها الرئيس الأميركي ليست أيضاً مقتصرة على التراجع الإنجليزي وحده، فهنالك موقف رئيس الحكومة الكندية الذي يبدو «غير أخلاقي» في نظر بعض جماعات من اليسار واليمين الكندي.. لقد بقي هابر صامتاً طوال أيام ارتفاع حمى الدعوة للتدخل الغربي المسلح، وغادر العاصمة في تلك الأيام التي كانت فيها الأصوات عالية بالدعوة للتدخل الإنساني وخاصة أن الأساس القانوني لدعاة التدخل الدولي يستند إلى اقتراح صاغه وقدمه للجمعية العامة وزير خارجية كندا الليبرالي المستنير إبان حكم حزب الأحرار الفيدرالي برئاسة رئيس الوزراء جان كرتيان.. أيامها كانت مآسي وآثار حرب رواندا- بروندي ما تزال ساخنة، وكان المجتمع الدولي متهماً في نظر كثير من الإنسانيين بأنه تخلى عن الشعب الذي كان يتعرض إلى حرب إبادة، وكان قائد قوات الأمم المتحدة الموجودة هناك يصرخ ويناشد الأمين العام ومجلس الأمن بأن يرسلوا له مدداً عسكرياً عاجلاً لأن الموقف لم يعد يهدد فقط السكان المدنيين، بل يهدد أيضاً حتى جنوده المكلفين بحماية المدنيين.. وقد صاغ وقدم المشروع هاكتورث (وزير خارجية كندا) الذي يدعو الأمم المتحدة للتدخل لحماية شعب يتعرض للإبادة والتصفية العرقية من قبل حكومته، ومن هذا الباب دخل مشروع القرار ومؤلفه التاريخ وبات محط الرجاء والأمل لشعوب مقهورة ومنهوبة من قبل حكوماتها. وعندما قرر بوش غزو العراق كانت إحدى حججه ضد النظام العراقي أن صدام استعمل الأسلحة الكيماوية ضد الأكراد إلى جانب حكاية السلاح النووي الذي يخزنه العراق، يومها كان هابر في المعارضة وكان الأحرار في السلطة، واتخذ رئيس الحكومة حينها، قراره بعدم الانضمام إلى «حلف الراغبين» فووجه بهجوم عنيف من قبل هاربر وحزبه المحافظ. والآن عندما اشتد على رئيس الوزراء الكندي هجوم بعض أجهزة الإعلام وأحزاب المعارضة بسبب صمته وعدم إعلانه لموقف رسمي في حملة «حماية الشعب السوري» ويوم الخميس الماضي بعد إعلان قرار مجلس العموم البريطاني قال هاربر إن حكومته ستساند الولايات المتحدة «دبلوماسياً». وأضاف: «إن حكومتنا كان طوال الوقت من رأيها أنه ليست هنالك حاجة لتدخل غربي مسلح»، وذكر «الناخبين» أن «موقفنا منذ بداية الأزمة السورية هو الدعوة لحل سياسي بدون تدخل أجنبي مسلح». وهكذا فإن الصعوبات التي تواجه الرئيس الأميركي ليست قاصرة على الانسحاب من قبل الحلفاء والأصدقاء (ما عدا تركيا) بل إنه سيواجه أيضاً باعتراضات ومطالبات بضمان ألا تمتد «الضربات المحدودة» على سوريا لتصبح عراقاً آخر، وتتورط أميركا في الوحل ويصبح همها الخروج منه وهو أمر أكثر صعوبة من الدخول فيه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©