الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ردة معرفية أم انتكاسة عصرية؟

5 ديسمبر 2010 20:14
هناك من يعتقدون في أمر ما ويدعون الآخرين إلى تصديقهم وتبني معتقداتهم وأفكارهم مهما كانت طبيعة ما يعتقدون به. فهناك من يرى أن تعاسته في هذه الدنيا تأتي من ظروف خارجة عن إرادته، فهو دائماً سيئ الحظ، وأنه لا يستطيع قهر هذه الظروف لأنها أقوى منه، وأن النجاح لا يمكن إدراكه إن لم يكن المرء محظوظاً. وهناك الانهزاميون الذين يتجنبون صعوبات الحياة وضغوطها ومسؤولياته، ويبحثون دائماً عن «راحة الدماغ» قبل أى شيء آخر حتى وإن كانوا مظلومين، وهم عادة أناس يتصفون بضيق الأفق ويمتلكون حلولاً أو قوالب جاهزة للمشكلات التي تواجههم. وإن عجزوا عن الوصول إلى هذا الحل، فستحدث الكارثة حتماً!. وهناك من أصيبوا بالتشاؤم والحزن والخوف دائماً، وكثير منهم سَلّم أمره إلى غيره ليتحكم بمصيره. وهو فقط القادر على إيجاد الحلول الناجحة له ولكل ما يعانيه من مشاكل! مثل هؤلاء يسقطون عادة ضحية للدجالين والمحتالين والمتلاعبين بعقول الناس، وهم بالطبع أسرع من غيرهم استسلاماً للتصيد والابتزاز والاستغلال. والمثير للدهشة أننا نجد كل يوم «مغفلين» جدداً يدْعُون مثل هؤلاء الأشرار إلى التحلي بالشجاعة الكافية للضحك عليهم واستغلالهم من جديد. أما المدعون الجدد ـ وهم كثر ـ فلديهم الآن قنوات فضائية عديدة يطلون منها في كل وقت، ودون سابق إنذار، ويتسابقون فيما بينهم على بث دجلهم وشعوذتهم وسمومهم «المعسولة» في فخاخ ما أنزل الله بها من سلطان على خلق الله. واللافت أننا نجد هؤلاء المغفلين السذج يستسلمون طواعية لتأثيرهم، ولا يترددون في البحث عنهم أوطلب مساعدتهم، ومن ثم يقعون في الفخ الكبير. المصيبة الكبرى أن هناك من يدعي أنه مرسل من السماء، ولا يخجل من التلاعب بعواطف ومشاعر الناس واستغلالهم نفسيا وعقلياً، وأنه مجتبى أو أنه مبارك أو مرسل من السماء لمساعدة البشر، وأنه يبشر أوينذر بالأحداث والساعة وقرب وقوعها وغير ذلك من الخزعبلات! منتهى الغرابة أن نجد في القرن الواحد والعشرين، أن هناك من يصدق هذه الهراءات بكل سهولة ولا يعطي لعقله أي مساحة من التدبر والتفكير، بل ويتبعها بغض النظر عن درجة تعليمه وثقافته ومكانته، وينساق كالفريسة السهلة ويتبع هؤلاء المشعوذين ويقتنع بهم، بل ويروج لهم. لا أميل كثيراً إلى نظرية المؤامرة، وإن صح القول، أتساءل: هل أعطينا عقولنا إجازة مفتوحة واستسلمنا لكل ما يقال؟ هل مازلنا نعيش عصر الجاهلية الأولى؟ هناك من يرى أنه مخطط مدروس ومنظم من أجل هدم البنى المعرفية لشعوبنا وجعلهم ينصرفون إلى ما يشغلهم ويبعدهم عن التفكير الصواب، والأخذ بمنطق العقل والعلم والمعرفة، ليستغرق الناس إلى الأبد في مستنقعات الجهل؟ كل ما أخشاه أن تكون هذه الظاهرة بمثابة «انتكاسة» عصرية للعقل البشري، أو ردة معرفية إلى عصور الجاهلية، تعيد البشر إلى ما قبل أربعة عشر قرناً؟ Khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©