الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موعد في القطب الشمالي!

4 سبتمبر 2015 22:26
بينما يهدد ذوبان الكتل الجليدية بإغراق الشواطئ، تراهن دول كروسيا والولايات المتحدة على أن ارتفاع درجات الحرارة سيفتح الباب لثروة جديدة تقدر بتريليونات الدولارات. وفي هذا الصدد، قال «سكوت بورجيرسون»، وهو ضابط سابق في قوات خفر السواحل الأميركية ويعمل حالياً مستشاراً في اتحاد «كاتاليست ماريتايم» إن: «من المحتمل أن تكون هناك فرصة استراتيجية هي الأكبر في أميركا منذ شراء لويزيانا في عام 1803». وقد ذهب الرئيس أوباما هذا الأسبوع في رحلة لمدة ثلاثة أيام إلى آلاسكا للتأكيد على الحاجة الملحة لمكافحة التغير المناخي. وأتت زيارته فيما تضع قدرة القطب الشمالي على إنتاج النفط والغاز، وتقصير طرق التجارة عندما يذوب الجليد، هذا الأمر في مفترق طرق جديد بالنسبة للاقتصاد والجغرافيا السياسية. وبالفعل، فإن فجر الاقتصاد القطبي يشمل مزارع الخوادم لشركات مثل «فيسبوك» و«جوجل»، التي تستمتع بتكاليف التبريد المنخفضة في الشمال. وتشمل المكافآت المستقبلية المحتملة ما يقدر بـ90 مليار برميل من النفط و1,7 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي تنتظر اكتشافها في منطقة القطب الشمالي، وتقع أغلبيتها قبالة الشواطئ، وفقا لتقرير المسح الجيولوجي الأميركي لعام 2008. وعلى رغم ذلك، فإن أي مردود مالي كبير ما زالت أمامه عقود. فانخفاض أسعار السلع يثبط جهود التنقيب عن النفط والغاز في القطب الشمالي، في حين أن الطرق التجارية الجديدة عبر الجزء العلوي من العالم لم ترقَ بعد إلى مستوى التطلعات الافتراضية. وفي هذا السياق يقول «مالتي هامبرت»، المدير التنفيذي لمعهد القطب الشمالي بواشنطن: «إن مشروعات تنمية القطب الشمالي أبطأ كثيراً مما يعتقد الناس. والدعاية تتضاءل، ولن نرى الناس يتحدثون عن التنمية هناك قبل مرور سنوات مديدة». ولكن هذا لم يثن عزيمة روسيا، التي كانت أكثر جرأة في طرح مطالبها هناك. ففي 2007، هبطت غواصتان روسيتان صغيرتان تحت الغطاء الجليدي القطبي لزرع سارية علم من التيتانيوم في قاع البحر في القطب الشمالي، وهي لفتة رمزية بحتة. وروسيا التي تفخر بأنها تضم نصف ساحل القطب الشمالي، وتعتمد على المنطقة في نحو خمس الناتج الاقتصادي القومي تقريباً، تنهمك في توسيع أسطولها الشمالي، وتحديث المرافق الإقليمية هناك وتنظيم مناورات عسكرية مفاجئة. ويؤكد «هيزر كونلي»، وهو مسؤول بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن أن: «القطب الشمالي يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، فهي تستند في تنميتها الاقتصادية المستقبلية عليه». ولا يقتصر هذا على روسيا، فكندا والنرويج تعدان جيشيهما للدفاع عن مطالبهما الإقليمية هناك أيضاً. أما البحرية الأميركية التي تعاني ضائقة مالية فهي تركز الآن على تطوير قدرتها على العمل في الشمال القاسي. وتتقاعس الولايات المتحدة، المشغولة بتحدي «داعش»، وصعود الصين، في اهتمامها بالقطب الشمالي. وعلى رغم ذلك، ففي 24 أبريل تولت الولايات المتحدة الرئاسة الدورية لمجلس القطب الشمالي لمدة عامين. ويضم المجلس ثماني دول، وهو مسؤول عن سياسات التأهب في مجالات البيئة والبحرية والطوارئ. والمجلس، الذي يعمل بتوافق الآراء، وافق على إجراءات للتعامل مع بقع النفط وسبل إجراء الأبحاث البحرية والإنقاذ على رغم تصاعد التوتر بين روسيا وغيرها من الأعضاء في المجلس مثل أوكرانيا. ورحلة أوباما تضمنت إلقاء خطاب أمام مؤتمر القطب الشمالي الدولي يوم الاثنين. ويهدف المؤتمر إلى لفت الانتباه إلى التحديات المناخية التي تواجه القطب الشمالي، وبيانه الختامي يأمل المسؤولون الأميركيون أن يضيف زخماً لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي المقرر عقده في ديسمبر في باريس، وفقاً لمسؤول أميركي لم يكشف عن هويته. إن التغير المناخي الذي يضع القطب الشمالي في عين عاصفة سياسية جديدة هو أمر واضح. فدرجات الحرارة فوق الدائرة القطبية ترتفع بسرعة مضاعفة مقارنة بأماكن أخرى، وفقاً لمجلس القطب الشمالي. ومن ناحية أخرى، فإن انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل يثبط جهود الاستكشاف التي تتكبد تكاليف مرتفعة في ظل برد القطب الشمالي القارس. يذكر أن شركة «رويال داتش شل» تنفق أكثر من مليار دولار سنوياً للتنقيب في القطب الشمالي. وفي 18 أغسطس، حصلت الشركة على موافقة الولايات المتحدة على التنقيب في مياه القطب الشمالي لأول مرة منذ عام 2012. أما الشركات الأخرى، فهي تتخذ نهجاً أكثر حذراً نظراً لأسباب تتعلق بالبيئة والتكلفة، وهذا الحذر سيتم التأكيد عليه في ظل انخفاض أسعار النفط، بحسب ما يرى «جيمس هاندرسون»، وهو باحث بارز بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة. ديفيد لينش* * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©