الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قبل رجم الضحايا

25 سبتمبر 2014 00:20
سأل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابنته حفصه: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر أو أربعة، فقال: لا أحبس أحداً من الجيوش أكثر من ذلك، وأمر قادتها بألا يغيب «المجاهد» عن بيته أكثر من 6 أشهر. البداية حين سمع الخليفة، خلال تجواله الليلي، امرأة تنشد: «تطاول هذا الليل واسود جانبه . . . وأرقني أن لا خليل ألاعبه . . . فو الله لولا الله أني أراقبه . . . لحرك من هذا السرير جوانبه» تقصى، وعلم أن زوجها ضمن جيوش الفتح. لم يغضب لبوحها عن غرائزها، ولا طالبها بالصبر وحفظ الفرج، «لأن الزوج يجاهد في سبيل الله». . طمعا في الجنة، أو خشية الرجم في الحياة، وجهنم في الآخرة، بل بحث في أسباب ما سمعه، وسعى لحله. نسوق هذه المقدمة، بينما نتابع أحد أشهر القضايا أمام المحاكم المصرية، عندما أجلت الخميس الماضي محكمة جنح المحلة قضية الشهيرة باسم «العنتيل» لـ 16 أكتوبر المقبل، والتي أقامها زوج إحدى «الضحايا» الـ 25، اللاتي أوقعهن في حباله. هذا ليس أول اختراق جماعي، موثق، لمنظومة أسرتنا، التي نتباهى بتماسكها، فهناك حالة عبدالحكيم عابدين، سكرتير جماعة «الإخوان»، وزوج شقيقة حسن البنا، الذي استغل وسامته وشاعريته، وانه أول «جامعي»، ونظام تعارف أسر «الإخوان»، الذي اقترحه، في حادثة مماثلة، تابعتها صحف أربعينيات القرن الماضي. وحالة «القاضي الشرعي» الذي استغل منصبه في اصطياد المُتقاضيات، منتصف الخمسينيات، واستند إليها جمال عبدالناصر في حل القضاء الشرعي في مصر،هي حالات فردية، نتذكرها ولا نُقيس عليها. مع «صائد المحلة»، ظهر «عناتلة» آخرون، في السويس والبحيرة، وغيرها. كأننا أمام سلسلة حالات متوازية ومتزامنة، نتمنى ألا تكون رأس جبل جليد، وألا يكون جسد الجبل نفسه متفشياً في مجتمعنا. حالات تدفع للتساؤل؟ ضمن الإجابة موجات هجرة الذكور بحثاً عن الرزق، كما رصدها الراحل رضوان الكاشف في «عرق البلح»، أو خللاً في نظام بناء الأسرة واختيار شريك الحياة، وغلبة الجوانب المادية على الحياة الاجتماعية عامة، أو انشغال دماغنا، منذ منتصف السبعينيات بمظاهر التدين، لا بجوهر الدين والأخلاق. أو ما كشفته الجمعية المصرية لأمراض الذكورة، من أن الضعف الجنسي، بدرجاته، ارتفع لـ64% بين الرجال من 35 لـ70 عاماً. (صحيفة «المصري اليوم»، 23 يناير2011). . أو. . أو. . مؤكد أن كل ضحية للعناتلة أصبحت مأساة إنسانية، عائلياً واجتماعياً، تلاحق أُسر «الأُنثى» لأجيال. لكن ماذا يفعل رجل الدولة هنا، بعد تراكم الخبرات المجتمعية والمؤسسية طوال 1400سنة منذ تحرك عمر، حين لاحظ حالة واحدة، كاشفة، فضبط منظومة الجهاد والغنائم على حاجة نساء مجتمعه الجنسية، حماية للخلية الأولى في مجتمعه، الأسرة. انشغل الفاروق، رجل الدولة، بأصل الداء، لا بأعراضه. التحدي الأصعب أمامنا، هو الشفاء من تشوهات اجتماعية اخترقت حصانة المجتمع خلال 40 عاماً مضت. وعليها، قبل رجم الضحايا، أن تبحث في أسباب ضعف خليته المركزية. محمد طعيمة- القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©