إعداد - عدنان عضيمة:
يؤثر الكثيرون من عشّاق السيارات النادرة أن يدرجوا علم هندسة تصميم الهياكل ضمن أصول الفنون التشكيلية الحديثة مثل النحت والرسم· وكان لإبداعات المصممين أن تظهر بوضوح كبير من خلال حركة سياراتهم في الشوارع العامة أو وقوفها في الساحات العامة وعلى نواصي الطرق· و(ميني كوبر) ذات الأصل الإنجليزي·· واحدة من السيارات الصغيرة التي استأثرت بالكثير من هذه المعاني من خلال حجمها المحبب ومصباحيها الأماميين المستديرين والانسجام الكبير في تشكيلاتها الهندسية الأمامية· ولم يكن غريباً أن تصبح محط اهتمام شركة بي إم دبليو الألمانية فعمدت إلى شراء أصول الشركة التي تنتجها قبل بضع سنوات لتكرّس مواصفاتها وتضمّها إلى علاماتها التجارية الكثيرة·
ومع النجاح الذي حققته هذه الفكرة تفتقت مخيلة مصممي استوديو شركة بي إم دبليو مؤخراً عن أفكار إبداعية جديدة تتعلق بالنسخة المستقبلية من (ميني كوبر) والتي قد تظهر إلى الوجود خلال العقد المقبل؛ فولدت بذلك تحفة جديدة لا عهد لصناعة السيارات بمثلها أطلق عليها اسم (بايوموك) بالرغم من أنها ما زالت تحتفظ بإيحاءات أختها (ميني كوبر) التي تزين الطرق الآن، إلا أنها استعارت مزيجاً عجيباً من خصائص هندسة الطائرات والدبابات والغواصات· ويقول مصممو استوديو (بي إم دبليو) إن الوقت قد حان لكسر الجمود الذي خيّم على هندسة هياكل السيارات خلال نصف القرن الماضي؛ وآن الأوان للعودة إلى التطوير والإبداع· ويمكن للمرء أن يستقرأ القصد من هذا الكلام من خلال إلقاء نظرة متأنية على (ميني بايوموك) التي يبدو من خلال تشكيلاتها الهندسية أنها ضربت صفحاً عن معظم الأعراف والتقاليد الجامدة المتبعة في فن تشكيل هياكل السيارات· ويمكن ملاحظة أبعاد هذا التحوّل الثوري من خلال التدقيق في أشكال ووضعيات العجلات الأربع وعلاقتها مع منصّة الاستناد حيث يوحي هذا التصميم بأن ثورة حقيقية وشيكة سوف تطال هندسة أنظمة التعليق والاستناد التقليدية في السيارات· ويفضل المصممون التشديد على أن مثل هذه التوجهات لا تأتي في باب التغيير الأصمّ الذي يفتقر إلى الأهداف والغايات المرسومة بل يمثّل جزء من ثورة جديدة ينتظر أن تشهدها وظائف السيارات وقدراتها على الأداء· ويمثل نظام التعليق الجديد لـ(ميني بايوموك) صورة ناطقة عن هذا التطور؛ فلقد وصفت هذه السيارة الغريبة بأنها مصنوعة تحت شعار (القدرة على اختراق جميع الأماكن على الأرض) لتشبع بذلك (الرجل العنكبوت) الذي يمتلك قدرة لا تجارى على التحليق بين ناطحات السحاب المنتشرة في مانهاتن·
ولم تنسَ (ميني بايوموك) أن تستعير أيضاً بعض خصائص الغوّاصات؛ فلقد فازت بغطاء سقف صلب عجيب ينفتح وينغلق بطريقة آلية تشبه طريق فتح كوّة سطح الغواصة· وهذا التركيب الهندسي غير مسبوق في عالم السيارات المكشوفة أو ذات السقف القابل للكشف؛ وهو يسهم في إضفاء المزيد من الملامح الفضائية عليها·
وربما كان الأغرب من كل ذلك هو أن هيكل (ميني بايوموك) ليس مصنوعاً من الحديد أو الفولاذ بل من مواد ذات أصل حيوي طبيعي، فهي مستخرجة من معالجة زيت النخيل· وتتميز بأنها مواد قابلة لإعادة التدوير؛ فعندما (تموت) السيارة يمكن إعادة تدوير كل مؤلفاتها من دون استثناء مما يسهم في الإبقاء على نظافة البيئة·
عدد اليوم
