إعداد - أيمن جمعة:
كشفت الولايات المتحدة عن أكبر عملية إعادة هيكلة وتنظيم لأسواق الأوراق المالية منذ عقود طويلة، وذلك بعد التوصل لاتفاق على تأسيس هيئة موحدة لتنظيم عمل 5100 خبير مالي يغمرون وول ستريت بآلاف الصفقات يوميا· وذكرت صحيفة ''فاينانشال تايمز'' في تقرير نشرته أمس أن الخطوة تأتي ردا على ضغوط متزايدة من المستثمرين في أسواق رؤوس الأموال الاميركية لإعادة النظر في القواعد التنظيمية التي يجري العمل بها منذ الثلاثينيات والتي أحيانا ما يتضارب بعضها مع بعض· كما تجيء هذه الخطوة بعد أسبوع واحد فقط من مطالبة وزير الخزانة هانك بولسون بـ ''اعادة نظر جذرية'' في المنظومة القانونية والتنظيمية للاسواق الاميركية مشددا على ان تضارب وتداخل القواعد يكلف قطاع الاعمال الاميركية نفقات كبيرة·
وفي إطار عملية إعادة الهيكلة والتنظيم الضخمة اتفقت NASD، أكبر مقدم للخدمات التنظيمية للقطاع الخاص وبورصة نيويورك للأوراق المالية على توحيد إجراءاتهما تحت مظلة هيئة تحمل اسم ''هيئة التنظيم الذاتي''· وهناك حوالي 200 من أكبر السماسرة في وول ستريت يخضعون - في الوقت نفسه - لقواعد خءس وقواعد بورصة نيويورك للأوراق المالية، وهو نظام وصفه كريستوفر كوكس رئيس لجنة البورصة والأوراق المالية الاميركية بانه ''بيئة خصبة لظهور أنظمة متضاربة'' تتيح لبعض المستثمرين التربح بشكل غير قانوني·
ومن المتوقع أن تبدأ ''هيئة التنظيم الذاتي'' عملها في الربع الثاني من العام المقبل، وسط آمال بان يؤدي ظهورها إلى خفض النفقات وتسهيل الاجراءات من خلال وضع مجموعة موحدة لقواعد عمل الخبراء الماليين· كما ستعمل الهيئة التي تعرف اختصارا باسم "SRO" على تقليل فرص تضارب المصالح في بورصة نيويورك· وقال كوكس: ''الاتفاق على هذه الهيئة يمثل خطوة مهمة للمستثمرين الاميركيين ولاسواق رؤوس الاموال في بلادنا، مشيراً إلى أن ''توحيد الاجراءات في قائمة موحدة وإعطاء مسؤولية الإشراف إلى هيئة واحدة سيحسن أجواء الاستثمار ويحمي المستثمرين وسيؤدي أيضا لزيادة المنافسة في الاسواق''·
ولم يتم الإعلان بعد عن الهيكل التنظيمي لهيئة سزد ولكن من المقرر أن ترأسها ماري شابيرو، الرئيس الحالي لمنظمة خءس والرئيس السابق للسلطة الاميركية المعنية بمراقبة عمليات التداول في العقود الآجلة للبضائع· وذكرت ''فاينانشال تايمز'' أن ريك كيتشوم الرئيس التنفيذي للهيئة المنظمة لبورصة نيويورك للأوراق المالية سيكون رئيساً غير تنفيذي لمجلس محافظي SRO لمدة ثلاثة أعوام·
وستكون سزد مسؤولة عن فحص طلبات الخبراء الماليين وتنظيم عملهم والتحكيم فيما بينهم، كما تنتقل إليها مسؤوليات NASD بما في ذلك تنظيم حركة السوق في ناسداك وبورصة الاسهم الاميركية وبورصة الأسهم الدولية·
وقالت شابيرو: ''أسواق العالم وقواعدها التنظيمية تتغير باستمرار، واذا قنعنا بالجلوس مكتوفي الأيدي والمتابعة تاركين التطورات لتسبقنا، فاننا نكون قد حكمنا بذلك على أنفسنا بالتأخر''· وأضافت: ''نريد إقامة هيكل تنظيمي أفضل يعمل لصالح المسثتمرين وشركات الخدمات المالية بمختلف أحجامها''·
وقالت ايرا هاميرمان المستشار العام لرابطة الأسواق المالية وصناعة الأوراق المالية: ''سيكون هناك خفض كبير في النفقات، لكن الأكثر أهمية من هذا هو وجود هيئة تنظيمية واحدة بقواعد موحدة بما يسمح بعمل النظام بكفاءة هائلة ومن دون التضحية بجودة التنظيم''·
وكانت مجلة ''فوربس'' قد فجرت القضية عندما تساءلت مستنكرة في تقرير نشرته في وقت سابق هذا الشهر عما اذا كانت هناك هيئات كثيرة تشارك في تنظيم الاوضاع في وول ستريت موضحة أن هناك إحساساً بضرورة دمج الهيئات على المستوى الفيدرالي ومستوى الولايات ومستوى البورصات والمستوى الخاص مثل خءس في مجلس واحد· ونقلت المجلة عن جون ثين الرئيس التنفيذي للجنة التنظيمية داخل بورصة نيويورك القول: ''الامور لا تسير بشكل متوازن في بعض القطاعات، واذا لم نتحرك الآن وبحصافة فإننا نخاطر بأن نحول الولايات المتحدة الى سوق أقل جاذبية على المستوى العالمي·''
وظهرت بالفعل مؤشرات على هذا الخطر وهو ما تمثل في أنه تم طرح تسعة من أكبر عشرة اكتتابات عامة هذا العام خارج الولايات المتحدة في حين قررت عدة شركات نقل اسهمها المدرجة من البورصات الاميركية إلى أسواق خارجية مثل لندن·
من ناحية أخرى، تبحث بورصة طوكيو تعزيز دفاعاتها، وهي تتحرك لإقامة تحالفات مع بورصات عالمية، في خطوة يقول المراقبون إنها تعكس قلق أكبر بورصة آسيوية من أن تبتلعها بورصة أوروبية أو أميركية· ونقلت ''فاينانشال تايمز'' عن تايزو نيشيمورو الرئيس التنفيذي لبورصة طوكيو قوله: ''ربما يتعين على البورصة تطبيق إجراءات تمنع سقوطنا فريسة لعملية استحواذ تماما كما تفعل باقي البورصات·'' ومضى يقول ''نواجه السؤال التالي·· الا تشعرون بأنكم بحاجة لدفاعات تحميكم من عمليات الاستحواذ''· وتابع: ''نحن نفكر في إجراءات لا تضر بحملة الاسهم'' موضحا أن البورصة ستتوصل إلى قرار بشأن ما ستفعله بحلول نهاية شهر مارس، ومن المتوقع أن تتضمن هذه الخطوات قرارا يمنع غالبية المنظمات من الاستحواذ على أكثر من 20 % في البورصة·
عدد اليوم
