السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

جناح "الصين" في مهرجان الشيخ زايد التراثي .. تمازج الثقافات وملتقى العائلات

جناح "الصين" في مهرجان الشيخ زايد التراثي .. تمازج الثقافات وملتقى العائلات
1 يناير 2019 02:49

محمود إسماعيل بدر (أبوظبي)

مهرجان الشيخ زايد التراثي 2018، حدث ثري بأجنحته وجمهوره الواسع من العائلات والوفود السياحية والزّوار، واحتفالية تراثية فلكلورية، تحدث حالة ثقافية يكرّسها مفهوم أمثل لتمازج الثقافات وحوار الحضارات والأديان، تحت مظلة حدث إماراتي رصين، باعتبار الهويّات الإنسانية والثقافة على وجه الخصوص «أمن وقائي»، ولعل ذلك يقودنا بالضرورة إلى جناح «الصين» في المهرجان، من حيث التمازج الثقافي الذي بدا واضحا بين الثقافتين الصينية والإمارات، من خلال تداخل بديع بين المحلاّت في الجناح، وبين ذلك التقارب في عديد المعروضات والمنتجات، وغير ذلك ما يحقق في الواقع فهما متبادلا أكبر بين الثقافتين، ومن اللافت أن الجناح الصيني في المهرجان نجح في لفت نظر عدد كبير من العائلات الإماراتية، بما تضمنه من معروضات متميزة، فيما احتل الجناح مكانة بارزة، من خلال تصدّره مقدمة الأجنحة والأركان التي عرض بعضها منتوجات إماراتية الصنع، فيما أكد الجناح بالمجمل اهتمام القائمين عليه بنشر الثقافة الصينية بوسائل مختلفة.

شاي أخضر
يستقبل «سو موسن» زوار ركنه المخصص لإعداد الشاي الأخضر، مرتديا زيّه الصيني التقليدي الذي يمثل أسلوب سلالة هان، ويطلق عليه ثوب «هان فو»، والذي يحتوي على عناصر يتم ترتيبها بطريقة مميزة ومحددة تتألف من الياقة «جياو لينغ» وطية الصدر وحزام الخصر، وأخبرنا أنّه أحضر معه أنواعا من الشاي الأخضر المستخرجة من جبال «نانسان جراندباس» مع الأدوات التقلدية التي يعد بها الشاي، ويستقبل الزوار ليشرح طريقة إعداده وتقديمه لهم وهو في غاية الفرح والسرور، وقال: «تعدّ الأصناف المتنوّعة من الشاي الفاخر من أبرز المنتجات في هذا الرّكن، إذ إنّ شرب الشاي في الصين فن أصيل له طقوسه الخاصة، وتختلف أنواع الشاي، فمنه الأسود والأبيض والأخضر، كما تتوافر منه أصناف بنكهات غير تقليدية، مثل الياسمين، وتختلف طرق تقديمه بحسب المناطق، حيث يتم إعداد أوراق الشاي عبر التجفيف والتبخير، ما يجعله متفرداً، ولا تكتمل متعة شرب الشاي الأخضر الخفيف دون أواني التقديم، لذا نوفر للزائرين والضيوف تشكيلة واسعة من الأباريق والأكواب المزينة والمزخرفة بنقوش صينية، ولكل نوع من الشاي أوان خاصة به، وذلك نظراً للمواد المستخدمة التي تؤثر في النكهة والمذاق فتجعلها أغنى وأفضل. وعبّر «سو موسن»، عن إعجابه بإقبال الزوّار خاصة العائلات الإماراتية من العائلات، كونها شغوفة بمعرفة ثقافة الشاي الأخضر الصيني، ومعرفة أسرار صنعه وإعداده.

أعشاب طبية
في ركن يضج بثقافة الطب التقليدي، تحت إدارة الدكتورة «ليو هوي»، تتاح فرصة للزوار للتعرف إلى الثقافة الصينية في مجال الطب البديل، فهنا جملة من الأدوية العشبية المخصصة لعلاج أمراض السّكر، وحماية المعدة، وعلاج الضغط المرتفع، وتقول «ليو هوي»، إن هذه الأدوية العشبية التي أشرف على تحضيرها بنفسي تحت مظلة ما يعرف بالطب البديل أو المكمّل، هي مختلفة تماماً عمّا يقدّمه الأطباء في عياداتهم التقليدية، فهناك العديد من الفوائد لطب الأعشاب، وأهمها انعدام التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية العشبية، وتضيف: أخبر الزوار بأن الطب الصيني هو أحد أنواع الطب البديل الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم وهو ممارسات تقليدية منشأها الإمبراطورية الصينية التي نشأت وتطورت على مدار آلاف السنين و لهذا الطب عدد من النظريات الشعبية المشهور بها مثل الحقن أو الإبر الصينية والعلاج بطب الأعشاب، وبحسب بعض المؤرخين فإن الطب الصيني هو شكل من أشكال الطب الشرقي الذي يتضمن عدداً من الممارسات التقليدية في التداوي.
وما يميز هذا الركن هو الإقبال الشديد على معروضاته واقتناؤها بعد الاستماع إلى شرح واف عن مكوناتها وأهميتها وفوائدها، وأكد عدد من زوار الركن عن اهتمامهم بمحتوياته، نظراً لسمعته الطيبة والجدوى العلاجية من معروضاته من الأدوية العشبية.

عطور «أم مهرة»
وفي الرّكن الذي تديره المواطنة «أم مهرة» في الجناح الصيني، يتم عرض أنواع مميزة من البخور ذي الرائحة الثابتة، والدّخون والعطور المحلّية المحضّرة يدويا في المنزل، حيث يقبل عليه الإماراتيون بصفة خاصة، وهناك عطور تحمل أسماءً عديدة مثل: اليازية، المياسة، المها، توباز، الريم، بنت المطر، وهي كما ذكرت لنا صناعة إماراتية خالصة بمكوناتها ذات الجودة العالية، ومن أصناف العود التي تجد إقبالاً ملحوظاً من الجمهور، عود الشيوخ المعطّر، ودهن عود كمبودي، وعود العروس الراقي المعطّر، عود عيون عليا، عود برج العرب بالمسك، عود نسايم العين، المسك الملكي ومخلط الدهاني.
وتقول «أم مهرة»: ما أعرضه من هذه الأنواع يكرس العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة والعريقة، فالبيوت الإماراتية عادة لا تخلو من تواجد العود وخصوصا في المناسبات وفي الأعياد والمناسبات العامة والخاصة الجميلة، وذلك مع اختلاف أنواعها، فمنها العود والعطور العربية والكلاسيكية حيث يعتبر الإماراتيون العطور والبخور جزءاً لا يتجزأ من حياتهم، ورغم أن هناك أنواعاً من البخور باهظة الثمن، إلا أنها تجذب مختلف أطياف المجتمع الإماراتي وبخاصة عود الصندل، الذي يستخرج من خشب شجر الصندل المشهور برائحته العطرية النفاذة، كما أنه يدخل في العديد من الاستخدامات المختلفة، أهمها مجالات البخور والعطور، إضافة إلى العديد من الفوائد التي تستخدم لعلاج بعض الأمراض وأهمها علاج الالتهابات وارتفاع ضغط الدم، وغيرها من الأمراض.

ملابس تقليدية
تم تسجيل الملابس الصينية القديمة والحديثة التي يرتديها الشعب الصيني، وبخاصة في القرى، على أنها من ضمن التّحف والفنون من الثقافة الصينية، ويطلق عليها اسم «الهانفو»، وذكرت «ليا تسين» التي تتحدث العربية قليلا، وتعرض هذا الزي في ركنها الصغير في الجناح الصيني: «يعتبر الهانفو هو الزي التقليدي في الصين، بدأ في الماضي كزي تقليدي لقبائل الهان الصينية، ثم بعد ذلك أصبح زياً رسمياً لكل البلاد، وقد وضعت أسرة «شانغ» أساسيات ملابس الهانفو، وهي تتألف من سترة ضيقة ومغطاة بطول الركبة، مربوطة بوشاح، وتنورة ضيقة طولها بطول الكاحل، تسمى «تشانغ»، وتستخدم في تجهيزها أقمشة عالية الجودة، ذات ألوان أساسية، أهمها الأخضر تعبيراً عن الخصب والنماء والزهو في الحياة».


وأضافت السيدة «ليا تسين» التي تمتلك مصنعا للخياطة في مدينة «شنغهاي»، أن الملابس الصينية هي المؤثر القوي على الملابس في شرق آسيا، مثل الكيمونو الياباني، والكانبوك الكور،. كما ذكرت أن ركنها يشتمل على قسمين الأول للزي المعاصر، والعديد من التشكيلات الصوفية والجوارب النسائية من الحرير، وملابس الأطفال القطينة، والمفارش والشراشف، وغيرها. والثاني يهتم بعرض أنماط من الزي الصيني التقليدي المعروف باسم «تشيونج سام» أو (اللباس الطويل) وهو زي تقليدي مريح وأنيق ولا يزال يعد من ضمن قائمة الملابس العصرية للسيدات رغم تقليديته واعتماده على فن الحياكة اليدوي والتصميم المحترف، وعادة ما يتميز بياقة عالية وأزرار عند الكتفين، وهو ضيق عند الخصر ويوجد به شق في أحد الجانبين أو كليهما، كما أنه غالبًا ما يُصنع من الحرير اللامع أو الساتان المطرز أو أي من الأقمشة الناعمة الأخرى.
وتشير ليا تسين إلى أن بضاعتها رائجة من قبل زوار المهرجان وبخاصة السيدات من شرق آسيا، إلا أن هناك العديد من النساء والفتيات من جنسيات أخرى يشترين هذا النوع من الزي لجمالياته وفخامته وحسن تصميمه وروعة زخارفه وتطريزاته.

صناعة وطنية
خلال التجوال في الجناح الصيني، توقفنا عند ركن مخصص لعرض منتوجات إماراتية خالصة تم تصميمها وصناعتها في مصانع تقع في إماراتي عجمان ورأس الخيمة، وتتمتع بألوان وتصميمات ساحرة من الصناعة الوطنية أهمها الشراشف القطينة والصوفية، والحرامات، والمفارش الرومانسية، بجانب الأدوات الرياضية والأكسسوارات وأدوات الزينة التقليدية والحديثة، بالإضافة إلى عرض نماذج باهرة من الشماغ الرجالي واللباس التقليدي وأغطية الرأس النسائية «الشيلات» والأقمشة الملونة المختلفة، والمنتجات التراثية كاليولة والعصي والسلال المصنوعة من الخوص، والملاحظ أن هذا الركن بجذب عدداً هائلاً من المواطنين والمقيمين والزوار من مختلف الجنسيات، ووضعه في الجناح الصيني الذي يشهد بدوره اكتظاظا بالزوار والسياح، يسهم في التعريف بجودة ونهضة الصناعة الوطنية في المجالات والمستويات التي ذكرناها، كما أن الخطوة تشجع الشباب والتجار على المساهمة في مشروع النهوض بالمنتج الوطني، وتطويره وتسويقه والاعتزاز به.

ثقافة الطعام
بالنسبة إلى الصينيين.. يمثل الطعام الطريق الرئيس للصحة الجيدة، وجلب الحظ والرخاء، فهم يقولون على المستوى الشعبي: «إن السماء تحب الإنسان الذي يأكل جيدا»، لذا طور الصينيون من أسلوبهم في الطهي ليناسب أصالتهم وحضارتهم وظروف المعيشة الصعبة التي أجبرتهم على الاهتمام بكل شيء خاص بالطعام بسبب مصاعب الحياة، من هنا أصبح الطعام الصيني مثالياً وأصبح فناً بحد ذاته يجمع بين الابتكار والنكهة والاقتصاد، واستمر جمال هذا الفن عبر الزمن خلال الحروب والمجاعات والفيضانات، وما زال الطهي على البخار الذي تنفرد به الصين مثالا يحتذى به لكافة ثقافات الطعام في العالم.

مشروب وطني
الشاي هو المشروب الأشهر في العالم، وتؤكد العديد من الدراسات الحديثة أن الشاي هو المشروب الوطني للصين، ويطلق عليه في معظم اللهجات اسم «تشا»، وقد لعب الشاي الأخضر دوراً مهماً في التاريخ الصيني، إذ كان يستخدم ككنز وطني، عندما كان على شكل مكعبات مضغوطة.
وهناك آلاف النكهات من الشاي الصيني، ويقسم إلى 3 أنواع رئيسة: الأحمر والأخضر والأسود، ويعد النوع الأحمر الكيمون هو المفضل على مائدة الإفطار الانجليزية، وينمو في جميع أنحاء شرق الصين، فيما يعتبر شاي التنين الذي ينمو بجبال هانغزو الأكثر شهرة من النوع الأسود. ويمثل الشاي بالنسبة للشعب الصيني المشروب الوطني المحبب لتميزه برائحة عطرة نفاذة ومذاق فريد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©