الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

جاسم العوضي: التجربة والخطأ مهمّان لتطوير عمل الفنان

جاسم العوضي: التجربة والخطأ مهمّان لتطوير عمل الفنان
5 سبتمبر 2013 23:59
استضافت جمعية الإمارات للتصوير الضوئي، مساء أمس الأول، بمقرها في منطقة الرماقية بالشارقة، الفنان والمصور الإماراتي المخضرم جاسم ربيع العوضي، الذي قدم محاضرة بعنوان: “التصوير .. فن؟!”، بحضور سيف حميد الزري رئيس جمعية الإمارات للتصوير الضوئي وعدد من الفنانين وأعضاء الجمعية من المصورين الهواة والمحترفين. وكان لعنوان المحاضرة الأقرب لصيغة الاستفهام، أثر في تعزيز الحوار والجدل والنقاش حول نقاط التقاطع والاختلاف بين خصوصية عمل المصور، وتحديدا في بدايات ظهور الكاميرا الفوتوغرافية، وبين شمولية مفهوم الفن عندما أصبح هذا المفهوم مستوعباً لأنساق جديدة ومعاصرة من الوسائل البصرية المنسوبة أساساً للاختراعات البشرية المخصصة لأغراض غير فنية. وانطلاقاً من هذه المفارقات الشكلية والتشابهات الضمنية بين التصوير والفن، استهل العوضي حديثه بالإشارة إلى أن المكونات التقنية والميكانيكية الصرفة لآلة ما، لا يعني إقصاء هذه الآلة من ملكوت الفن المفعم بالجماليات والمثل والأنساق التعبيرية والتخيلية المفارقة لصرامة الواقع ودقة المقاييس الهندسية على سبيل المثال. وقال العوضي إن الصورة في زمننا الراهن “بات لها حضور مهم في عالم الفنون المعاصرة، لأنها استوعبت وتماهت واستفادت من الفنون البصرية الأخرى مثل التشكيل والمسرح والسينما، اعتماداً على الوعي الجديد لدى المصور المعاصر الذي تجاوز مفهوم الحرفة أو المهنة، إلى مفهوم أوسع وأكثر ميلاً وانحيازاً لرؤية الفنان الذاتية والجمالية للمحيط البيئي أو الاجتماعي الذي يسكن فيه ويتفاعل معه”. بدايات إماراتية عاد العوضي وفي سياق الذاكرة الأرشيفية إلى بدايات ظهور مهنة التصوير في الإمارات، مشيراً إلى أن فترة الثلاثينات كانت على موعد مع ولادة أول مصور فوتوغرافي إماراتي وهو المرحوم عبد الكريم كابتن، والذي استفاد من خبرات المصورين في البحرين، وفي منطقة الدمام بالسعودية، ومارس مهنته بشكل احترافي ومن دون مزاحمة من أحد، حيث وثق لرحلات وأسفار حكام الإمارات في تلك الفترة، وأتى بعده المصور الراحل نور علي الذي أكد حضوره في خمسينات القرن الماضي، وظل لفترة طويلة متابعا وموثقا للمناسبات والأحداث الاجتماعية والرسمية في الدولة. وأشار العوضي إلى أنه وبالرغم من هذا الزخم التاريخي والتراكمي لمهنة التصوير في الإمارات، والتي أسس لها عدد من المصورين المحليين، وكثير من المصورين الأجانب، إلا أن غياب مفهوم الفن عن هذا التراث البصري التوثيقي ما زال ملموساً ومعيقاً لانتشار هذا المفهوم بين شريحة كبيرة من المهتمين، ولأسباب كثيرة عددها العوضي، ومنها ــ كما أشار ــ غياب التعمق والتساؤل وضمور الوعي بقيمة التصوير، واحتكار الشركات المنتجة لنوعية محددة من الأجهزة، وملاحقة المصورين لآخر التطورات التقنية المتسارعة من دون اعتناء بالتخصص أو انتهاج أسلوب بصري معين، وكذلك غياب الثقافة البصرية، وعدم الانفتاح على تجارب الرواد من المصورين العالميين، وعدم الإطلاع على الكتب المتعلقة بفن التصوير، وعدم قدرة المصور على قطع المرحلة الصعبة والمهمة التي يطلق عليها مرحلة (التجربة والخطأ)، لأن هذه الخطوة بالذات ــ كما أوضح ــ هي التي تحدد لنا وتسلط الضوء على المصور المبدع، مقارنة بالمصور الاعتيادي الذي لا يختلف عن أقرانه من المصورين الآخرين. تحديات ونوه العوضي إلى أن المصورين الشباب في الإمارات أمام تحدٍ حقيقي لإثبات إمكاناتهم الإبداعية في مجال التصوير، وقال إن عليهم أن يعيدوا ترتيب أوراقهم، وأن يخلصوا لهذا الفن البصري الراقي من خلال البحث والاستقصاء وتنمية المعارف الذاتية والاستفادة من التجارب الأخرى، من أجل حيازة موقع متفرد وسط هذا الحقل الواسع والمتنوع من المساهمات الفنية المنبثقة من عدسة الكاميرا. وساق العوضي جملة من الملاحظات والاصطلاحات التي يمكن أن تخلق فضاء مشتركا بين التصوير والفن، حيث عرّف الفن بأنه “جملة الوسائل التي يستعملها الإنسان لإثارة المشاعر والعواطف، خاصة عاطفة الجمال كما في الموسيقا والشعر”، وذكر أن “مفهوم الفن عند فيلسوف كبير مثل أفلاطون، هو مفهوم معاكس ومتضاد مع رؤية فيلسوف مهم آخر هو هيغل، حيث يرى أفلاطون أن الفن هو محاكاة للواقع، وهو إعادة إنتاج للنماذج الطبيعية، بينما يرى هيغل أن أهمية الفن تنبع من قدرة الفنان أو أسلوب عمله على الإيحاء والتعبير والقفز فوق ما هو بديهي ونمطي”. وأضاف العوضي بأن “الفن التشكيلي هو كل شيء يؤخذ من طبيعة الواقع، ويصاغ بصياغة جديدة، أي يشكل تشكيلا جديدا”، وفسر الفن التعبيري على أنه “إطلاق لحرية التعبير الفني باختيار الأشكال الملائمة كوسيلة لهذا التعبير، بالارتكاز على الحقيقة والموضوع، وعطفا على ذلك فإن الفن الحديث هو الفن الذي يثور على الكلاسيكيات، ومن مذاهبه التكعيبية والسريالية والمستقبلية”، وأخيراً شرح العوضي مفهوم الفن التجريدي، مشيراً إلى أنه “تخلى نهائيا عن الصورة المألوفة، وصنع أشكالا جديدة مبنية على علاقات خالصة ومستقلة لا ارتكاز لها على الواقع المألوف”، وأكد العوضي أن المصور “يمكن له الاستفادة من كل هذه المذاهب والتيارات الفنية، وأن يمر بكل المراحل التي تمليها التطورات الداخلية والمتصاعدة في التجربة الشخصية للفنان”.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©