الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الوسواس القهري التكنولوجي

11 سبتمبر 2011 00:48
سيكون بوسعنا قريباً أن نتراسل إلكترونياً ونتعامل مع ملفاتنا و”نتمتع” بخدمات أخرى مثل المفكرة الإلكترونية والمواعيد اليومية بدون الحاجة إلى وصلة الإنترنت. هكذا يقول الخبر، فالعملاق جوجل سيتيح لنا مثل هذه الخدمات عبر متصفحه “جوجل كروم” وتطبيقاته الجديدة، التي ستتوالى تباعاً، بحيث نتحرر لدى الحاجة لمثل هذه الخدمات، من عبودية بطء سرعة الإنترنت التي تنكّد على معظم المستخدمين تواصلهم وتضر بمصالحهم، وتهدر أوقاتهم وقد تخرّب عليهم حياتهم والتزاماتهم في الأوقات الحرجة. هذا جانب مشرق جديد لما تعدنا به جوجل، وربما مثيلاتها لاحقاً. لكن، وكما كل إشراقة، ثمة جانب مظلم له ولغيره من الابتكارات التكنولوجية واستخداماتها المستقبلية. إنه جانب يلاحق خصوصاً كل من فرضت عليه ظروفه وعمله عدم التخلف عن هذا الركب لدرجة يصبح أسيراً له مع أقل قدر من الحرية، وخاصة عندما يتعامل مع آخرين تختلف بيئتهم التكنولوجية عن بيئته، وعندما يعتقد بعض ذوي العلاقة من البيروقراطيين، وهم كثر، بأنه طالما توافرت التكنولوجيا الجاهزة يصبح كل شيء ممكناً بسرعة البرق والضوء والأثير ولحظة تريد. لا يتوقف الأمر على ذلك، فثمة ما هو أخطر، وهو الاعتقاد بأن الجهد الإنساني يصبح أرخص وأقل قيمة وأهمية كلما أصبحت التكنولوجيا الجاهزة أكثر سرعة وتطوراً، أي أننا قد نصل لوقت يصبح فيه جائزاً إشعار الإنسان بأن ليس له أي فضل فيما ينجز حتى في أكثر المهن إبداعاً وفكراً وتقانة وابتكاراً. أما وجه العلاقة بين هذا الكلام وبين إنجاز جوجل الجديد وإمكانية الاستغناء عن الإنترنت في بعض خدمات التواصل فيكمن ببساطة في الخلل الناتج عن التسليم بكل ما تقدمه التكنولوجيا الجديدة، كما هو بدون نقد لدرجة العجز عن التفكير – وحتى التقليد غالباً. في الواقع، إن ابتكار جوجل الجديد لا يعد نوعياً إلا بمقدار توقيت طرح فكرته وتطبيقها في ظروف مشابهة. وهو لا يخرج عن كونه “مجرد” تطوير لبرامج الشبكات التي نشأت داخل المؤسسات وبين بعض مجموعات الأبحاث قبل انتشار الإنترنت على نطاق عالمي واسع. والواقع أيضاً أن بوسع أي شركة تكنولوجيا ضخمة تقليد ابتكار جوجل هذا والاستفادة والإفادة منه بمقدار ما تتمتع به من شبكة مستخدمين واسعة لا تحتاج إلى الإنترنت. والواقع أيضاً وأيضاً، أن أهم ما ينقص شركاتنا ومؤسساتنا التكنولوجية والإعلامية والخدمية وغيرها الوطنية والخاصة، هو أن تنشئ بنفسها مثل هذه الشبكات (الخاصة) سواء للعاملين فيها أو فيما بينها وبين زبائنها. لكن ولكي تفعل ذلك فيجب أولاً أن تتحرر من عقدة التكنولوجيا الجاهزة والاستسلام لابتكارات الشركات الكبرى. ولعلها حينئذ تحرر مواردها الحقيقية وطاقات وأفكار العاملين فيها من الأسر، وتحقق فعلاً ما تصبو إليه من النجاح والشهرة. وربما المجد والثروة. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©