الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التفهم أساس نجاح علاقة الآباء بأبنائهم عند دخول الجامعة

التفهم أساس نجاح علاقة الآباء بأبنائهم عند دخول الجامعة
11 سبتمبر 2011 00:46
صدر مؤخراً كتاب بعنوان «لا تُملي علي ما يجب أن أفعله، فقط أرسل المال: دليل إرشادي لكيفية تعامل الآباء مع الأبناء خلال دراستهم بالجامعة». ويتحدث هذا الكتاب عن أنواع العلاقة التي تربط الآباء بأبنائهم بعد وُلوج الجامعة. فبينما يُغير البعض تعامله مع أبنائه خلال هذه المرحلة مُسايرةً لسن الرشد والنضج الذي يصل إليه الابن أو البنت، يستمر البعض الآخر في معاملة أبنائه حتى عندما يكبروا وكأنهم ما زالوا أطفالاً يحتاجون إلى وصاية ومراقبة حثيثة لكل تحركاتهم، ومنهم من يستخدم لضمان ذلك ما اصطلحت عليه مؤلفتا الكتاب «حبال سُرية إلكترونية». يستخدم بعض الآباء كل الوسائل والحبال الإلكترونية المتاحة كالهاتف والمتحرك والرسائل النصية والإلكترونية والمواقع الاجتماعية مثل «سكايبي» أو «فيسبوك» في التواصل مع أبنائهم الملتحقين حديثاً بالجامعة اعتقاداً منهم أن هذا هو نوع العلاقة المثالية التي يمكنهم من خلالها ضمان حسن نشأة أبنائهم بعيداً عنهم، وتوجيههم لتحصيل النتائج العلمية الجيدة التي يبتغونها لمضاعفة فرصهم للحصول على عمل بعد التخرج وللتفاخر بهم عند الالتقاء بجيرانهم وأصدقائهم وأقربائهم. غير أن خبراء اجتماعيين يقولون إن متابعةً من هذا النوع ليست دوماً صحيةً وناجعةً، بل قد تكون ذات مفعول عكسي عندما يتعلق الأمر بشباب يشعر باكتمال نموه العقلي والبدني ويميل إلى الاستقلالية وشق طريقه في الحياة بشكل شخصي أكثر من أي وقت مضى. فك الارتباط يُدافع هذا الكتاب الجديد عن ضرورة توقف الآباء عن مراقبة كل تفاصيل حياة أبنائهم عند وصولهم سن الالتحاق بالجامعة، والتفكير في هذه العلاقة من وجهة نظر الطالب، وليس من وجهة نظر الأب الوصي فقط. وفي مقال تصدر غلاف مجلة «هوم/البيت» خلال شهر يونيو السابق، تناول كُتاب آخرون نوع العلاقات التي يحرص فيها الآباء بالتواصل مع أبنائهم لمدة 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع، وما يمكن أن يحدث عندما لا يسمح الأب أو الأم للابن أو البنت بأن يصبحوا بالغين. وترى هيلين جونسون، إحدى كُتاب هذا المقال، أن الآباء يبدأون بفك الارتباط بأبنائهم خلال سنوات دراستهم بالثانوية العامة، وليس بالكلية أو الجامعة. فالطلبة يكونون مُطالبين بتحصيل علامات ودرجات عُليا تؤهلهم للالتحاق بالجامعات الكبرى، وهو أمر يتمناه جميع الآباء، لكن لا يُحققه إلا القليل من الأبناء، وهو ما يجعل العديد من الآباء يشعرون بإحباط، أو تشهد علاقاتهم نقطة تحول أو توتر بسبب ما كان يطمح إليه الآباء وما حققه الأبناء. وليس من المفاجئ أن الكاتبتين جونسون وزميلتها كريستين شيلهاص ميلر هما من الأمهات أيضاً إضافة إلى كونهما خبيرتين محترفتين في مجال الفترة الانتقالية التي يمر بها الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ. فقد كان لهيلين الفضل في تأسيس أول برنامج للآباء في جامعة كورنيل بنيويورك، في حين أن شيلهاص تُدرس مساقاً حول المراهقة والبلوغ الصاعد في الجامعة ذاتها. العد العكسي حين يكون أحد الأبناء يقضي عطلته الصيفية قبل الالتحاق بسنته الجامعية الأولى، فإنه عادةً ما يكون مستمتعاً بعطلته غير آبه بما يختلج مشاعر أبويه اللذين يبدآن مرحلة العد العكسي للمرحلة الجامعية بمجرد بداية عطلة الصيف ويُكابدان عناء التخطيط وتدبير أمور الابن والبنت خلال فترات طويلة من الإجازة الصيفية. وتُفند الكاتبتان التعليقات الشائعة حول المرحلة الانتقالية إلى الجامعة بتقديم نماذج حوارات ربطت بين آباء وأبناء، ويعطي كل حوار منها فكرةً ما عما يُفكر به كل طرف، ويُلهم بالمقاربة التي يمكن اتباعها لجعل الطرفين يخرجان من دوامة التوتر التي يتخبطان فيها، أو على الأقل حتى لا يتسع البوْن بينهما كثيراً في هذه المرحلة ويتحول إلى تنافُر بعد طول تجاذُب. وتقول شيلهاص ميلر «أعتقد أن عطلة الصيف التي تسبق وقت ذهاب الأبناء إلى الجامعة هي أصعب الفترات التي يمر بها الآباء والأبناء على حد سواء. فالأبناء يرغبون في الشعور بالاستقلالية ومعظمهم يتوق إلى قدوم الوقت الذي ينفصل فيه عن العيش مع الأبوين. وهم في الغالب غير ميالين إلى التنظيم، لكن الأبوين يُناضلان من أجل جعلهم أكثر تنظيماً في حياتهم. ويبدأ الأطفال واليافعون في إبعاد آبائهم عن التدخل في كل شؤون حياتهم شيئاً فشيئاً قبل أن يشدوا الرحال إلى الديار الجامعية». حضنة وضمة لا تختفي المشكلات بعد حضنة الأم وضمة الأب للابن أو البنت في غرفته بالسكن الجامعي أو في البيت الذي استأجره بشكل منفصل أو مشترك مع زملاء الدراسة، ويبذل الابن- والبنت خاصةً- جهداً جباراً لكبح دموعه وقمعها في محاجرها حتى لا تنهمر و»تفضحه» أمام الطالب الآخر الجديد الذي يقتسم معه الغرفة، وحتى لا يُتهم في بُلوغه ورشده ونضجه. غير أنه وعلى الرغم من كون تلك الضمة والحضنة المؤثرتين يكون لهما مفعول عاطفي كبير على الأبوين- وخاصة الأم- فلا ترجع إلى بيتها حتى تبدأ في سيل اتصالاتها متعددة الأوجه للاطمئنان على الابن أو البنت وكأنها تجد عزاء بُعْد ابنها عنها في التواصل معه على مدار الساعة، فإنها تزيد الأمر سوءاً وتجني على ابنها أو ابنتها من حيث لا تدري. فعند متابعة الطالب أو الطالب في كل تفاصيل حياته الجامعية بدْءاً من نومه في ساعات متأخرة إلى معرفة العادات السيئة لشريكه في الغرفة ووُصُولاً إلى العلامات الدنيا التي يحصلها في بعض الاختبارات والملل الذي يستشعره في بداية الموسم الدراسي، تضر الأم بأبنائها من حيث أرادت أن تنفعهم، ويتذمر الابن من تصرف الأبوين ومعاملته كطفل، لكن يختلف رد فعل كل ابن أو ابنة بتفاوت جرأة كل واحد في القدرة على إخبار الأبوين بالكف عن ذلك حرصاً على مشاعرهما. صوت العقل تقول جونسون إنها تلقت اتصالاً هاتفياً من ابنتها في بداية مرحلة الجامعية وهي تبكي قائلةً «أشعر أن كل شيء مظلم حولي، علاماتي متدنية ونادراً ما أستطيع الخلود للنوم بسبب الأرق، وأشعر أن الحظ يُعاكسني في كل خطوة». وقبل أن تُنهي هيلين المكالمة، سألت زوجها حول ما إذا كان بإمكانهما فعل شيء لمساعدة ابنتهما، فيهمس زوجها في أذنها اليُمنى «إنه مجرد اكتئاب عابر مرده الاغتراب المفاجئ سُرعان ما ستتعافى منه ولا يُفترض لنا أن نقوم بأي شيء حُياله». وتُشير إلى أنها فعلت بمشورة زوجها وبما تمليه عليها معرفتها العلمية كمتخصصة اجتماعية، لكنها تعترف أنها كانت تسير وهي تقوم بذلك عكس عقارب عواطفها، فقلبها يقول لها إنه لا يقوى على تحمل آلام ابنتها ولا يُطاوعها بدرئها تواجه هذه المحنة الظرفية بمفردها، إلا أنها عقدت عزمها على أن تكون الغلبة لصوت العقل، بدل القلب، حرصاً على مصلحة ابنتها. عطلة نهاية الأسبوع ترى جونسون أنه يمكن معالجة موقف كهذا بطريقة أخرى، «فأفضل شيء يمكن القيام به هو الإصغاء إلى البنت أو الابن ثم دعمه وطمأنته عاطفياً وتشجيعه على عدم التردد في طلب المساعدة من أصدقائه أو المسؤولين في السكن الجامعي أو شريكه في الغرفة، وحتى من مُدرس المساق إذا كان يواجه مشكلات في الدراسة من حيث الفهم والاستيعاب أو تدني الدرجات». وتضيف «يمكن نصح الابن أو البنت بمصارحة النفس ومكاشفتها ومحاولة معرفة أكثر الحاجات المفتقَدَة أو المرغوب في الحصول عليها». وتوصي الكاتبتان كذلك بأن يتحدث الأبوان إلى البنت أو الابن مرةً واحدةً أو مرتين في الأسبوع فقط. وتقول جونسون «المقصود بذلك أن يُبادر الأبوان بالاتصال بالابن الطالب وإجراء حوار ناضج عقلاني وعاطفي في الآن ذاته للاطمئنان عليه ومتابعة مسيرته الدراسية وما إذا كان يحتاج إلى شيء، وليس مجرد محادثة سطحية أو ثرثرة للإيناس أو التسلية فقط». من جهتها، ترى شيلهاص أنه يمكن للأبوين أن يخططا بين الفينة والأخرى قضاء نهاية الأسبوع في البلدة أو المدينة التي يدرس فيها الابن أو البنت، لكن دون أن يفرضا أجندتهما أو برنامجهما على الابن أو البنت. وتتفق الكاتبتان في خاتمة الكتاب على أن المطلوب من الآباء هو عدم الاتصال المبالغ فيه بالأبناء باعتبار المرحلة الجامعية هي أكبر فرصة لهم لبناء شخصية مستقلة متزنة ومسؤولة وقادرة على حل مشكلاتها بنفسها والتواصل مع جميع فئات المجتمع استعداداً للانخراط فيه عند الولوج لسوق العمل، ولا يتدخلان إلا بشكل عقلاني وعند الضرورة القصوى. وتتفقان أيضاً على أن المطلوب من الأبناء هو الوسطية في التعامل مع الآباء، بحيث لا يلجأ الابن أو البنت إلى الاتصال بالأب أو الأم في كل صغيرة وبشكل فيه الكثير من التواكل والحنين الزائد، أو عند الحاجة إلى المال فقط كما جاء في عنوان الكتاب، بل المفروض التعامل معهما باحترام واستشارتهما عند اللزوم، لكن مع الاعتماد على النفس في حل المشكلات، وإلا فإن المرحلة الجامعية ستكون جوفاء وستفقد بالتالي وظيفتها في تكوين شخصية طالب اليوم لكي يكون مسؤول الغد والمعول عليه لتحمل زمام القيادة في المستقبل. عن «لوس أنجلوس تايمز» ترجمة : هشام أحناش
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©