الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

تركيا تتوقع تعليق انضمامها للاتحاد الأوروبي

27 نوفمبر 2006 01:39
أنقرة- سيد عبد المجيد: في أنقرة الآن بات كل شيء مباحا، فالخطوط الحُمْر في طريقها إلى التلاشي والاختفاء، بيد أن كل الملفات صارت مفتوحةً، وما كان محرما الحديث فيه قبل سنوات أصبح مطروحا، حتى القانون المتشدد والمعروف بالمادة 301 الذي يجرم كل من يقوم بأفعال غرضها بث الفتنة والانفصال صار عمليا منذ زمن معطلاً عن العمل، علاوة على ذلك هناك نية أفصح عنها مؤخرا رئيس الحكومة الطيب رجب اردوغان بإلغائها مثل عقوبة الإعدام التي ظلت نصا دون تطبيق لمدة عقدين· تركيا أيضا وانطلاقا من مبدأ الشفافية اعترفت على لسان وزير خارجيتها أن أمامها المزيد من القضايا التي لم تنجز بعدُ، غير أنها عازمة على إنجازها، قطاع من النخبة المثقفة مازال مؤمنا بأوروبية بلاده، لا يتوقف عن مطالبة الحكومة بدفع عجلة النمو الاقتصادي وتوسيع رقعة الحريات على كافة الأصعدة، ورفع مستوى التعليم والتقدم التكنولوجي، وتحسين وضع الإدارة، والاستفادة من دور الأعلام في التوعية والتنمية· وعندما سئلت أنقرة الرسمية عن قبرص، قالت: '' إن الاتحاد الأوروبي وعد القبارصة الأتراك برفع الحصار المفروض عليهم، في حال وافقوا على خطة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، وعندما قالوا: نعم لخطة توحيد الجزيرة، ذهبت الوعود أدراج الرياح، ومن ثم فالكرة في ملعب الاتحاد الأوروبي، وليست في تركيا· باق من الزمن 34 سنة ورغم ذلك، مرت سنة وأكثر، على بدء المفاوضات مع أنقرة (أكتوبر 2005)، ومازال الطرفان التركي والأوروبي، عند الفصل الأول فقط، بيد أن هناك 34 فصلا يفترض مناقشاتها جميعا قبل القرار المنتظر، وإذا استمر الحال بنفس الوتيرة والإيقاع فالأمر سوف يستغرق 34 سنة على الأقل، هذا مع افتراض أنه لم تستجد في الأمور أمور، بمعنى لو نجحت تركيا في كل المفاوضات، فهذا لا يعني أن باب العضوية سيكون مفتوحا على مصراعيه، والدليل على ذلك ما قاله الرئيس الفرنسي ''جاك شيراك'': ''حتى لو نجحت المفاوضات فإن الشعب الفرنسي سيكون صاحب الكلمة الأخيرة في تقرير مصير تركيا''، وها هو ''نيكولا ساركوزى'' اليميني الطامح إلى أن يحتل مكانه على كرسي الرئاسة بالاليزيه لم يتذكر دعوة بلاده في عام 1959 لتركيا للانضمام إلى المعاهدة الاقتصادية الأوروبية التي وافقت عليها أنقرة عام ،1963 بيد أنه الآن يطالبها بشراكة وليس العضوية الكاملة، والحق أن قول ''ساركوزى'' لم يعد قاصرا على فرنسا وحدها، فالكثير من بلدان الاتحاد، ومعهم السياسيون من كل صوب وحدب، تنحو نفس المنحى، وإن اختلفت مفردات رفض قبول تركيا كجزء من النسيج الأوروبي، هذا الموقف وصفه وزير الخارجية التركي ''عبد الله جول'' بقوله: ''إنها الدبلوماسية التي لا تقول شيئا محددا، فقط عليك أنت أن تخمن''، بعبارة أخرى لعل تركيا تمل وتنسحب من تلقاء نفسها، ومن ثم فالقادة الأوروبيون- هكذا تقول الأدبيات السياسية التركية- يتمنون بداخلهم أن ترفع أنقرة عنهم الحرج وتنسحب، وبالتالي لن تضطر بلدان الاتحاد الأوروبي إلى طرح المسألة التركية في استفتاء، ليس لأن نتائج الاستفتاء من شأنها أن تضع فيتو على الطلب التركي بقدر ما سوف يكشف عن تآكل في مصداقية أوروبا بشأن تزاوج الحضارات، والذي سيكون شعارا ليس أكثر· وقف توسع الاتحاد على صعيد الأناضول، فمازال السؤال الذي صار فلكلوريا من فرط عبثيته لماذا نحن دون غيرنا؟ بلغاريا ورومانيا، وكلاهما من وجهة نظر أنقرة لا يمكن مقارنتهما بتركيا سينضمان للاتحاد كعضوين كاملي العضوية اعتبارا من يناير القادم، وها هي الصدفة تأتي بدلالة مفعمة الإثارة، إذ أن الاحتفال بانضمامهما يتزامن مع بدء تسلم ألمانيا رئاسة الاتحاد من فنلندا، وإعلان المستشارة الألمانية ''إنجيلا ميركل'' بضرورة وقف عمليات توسيع الاتحاد بعد قبول صوفيا وبوخارست- في إشارة إلى غلق الباب أمام أنقرة، ويبدو أن المسؤولة الألمانية تناست أن هناك كرواتيا ومقدونيا في قائمة الانتظار، من هنا سارعت وعدلت تصريحها مطالبة تركيا بسرعة حل الملف القبرصي قبل نهاية العام الحالي· وقيل: إن السقف الزمني وضع لتبرير الموافقة الأوروبية المحتملة على انضمام كرواتيا ومقدونيا قبل وريثة الإمبراطورية العثمانية، خاصة بعد تصريح رئيس الحكومة الإيطالية ''رومانو برودي'' الذي اعتبر أن الاتحاد- إن لم يشمل هاذين البلدين- لم يفعل شيئا، أما عن تركيا فقال: المفاوضات معها معقدة، ولكن يجب ألا تتوقف!! وبالنظر إلى بلغاريا التي ستتبوأ مقعدها بالاتحاد اعتبارا من يناير القادم مازالت حتى اللحظة تفرض قيودا متعسفة على البلغاريين المنحدرين من أصول تركية، أما رومانيا فملفات الغجر والأقلية المجرية لم تحل بعد· إن المعايير المزدوجة لا تتوقف عند ذلك فحسب، فعندما جاء أتاتورك تخلى طواعية عن كل الولايات العربية التي كانت تحت راية الإمبراطورية العثمانية، ولم يحدث أن افتخرت تركيا بأنها كانت تستعمر عشرات الدول العربية أوغير العربية، عكس بلدان كبلجيكا وفرنسا، ومعهما بعض الدول الأوروبية الاستعمارية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مازالوا يتباهون بماضيهم الاستعماري دون خجل من ممارستهم في مستعمراتهم السابقة· وبطبيعة الحال وأمام هذا المشهد تراجع تفاؤل عدد من شرائح المجتمع كثيرا، مقارنة بأي فترة مضت، فصحيفة ميلليت في عددها الصادر يوم 24 أكتوبر الماضي أفادت أن غالبية الأتراك (78 %) لا يثقون في الاتحاد الأوروبي، استنادا إلى استطلاع جرى يومي 23 و24 سبتمبر الماضي، حتى ''اروهان باموك'' الحائز على نوبل قال نفسه: ''كم كنت أؤيد انضمام أنقرة لأوروبا، إلا أنني وجدت نفسي أجري وراء سراب، فليس هناك ود بين أوروبا نحو تركيا''· في هذا السياق العبثي بات الأناضول بمختلف فئاته يدرك سلفا ما سوف تقرره أي قمة أوروبية ستعقد، أوما سوف يسفر عنه لقاء على مستوى وزراء الخارجية الأوروبيين قبل أن يعقد، فالمجتمعون سيشيدون بالإصلاحات، ولكنهم سيضيفون فقرة تقول: ''إن الطريق مازال طويلا، ثم على أنقرة وضع حد للقضية القبرصية، والاعتراف بمذابح الأرمن''، وهذا ما يحدث بالفعل، والأمثلة عديدة منها أن ''تركيا ستنضم قريبا للاتحاد الأوروبي إذا استوفت كل شروط العضوية''، كلام جاء على لسان ''أولي رين'' المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع، كذلك تقرير المفوضية الأوروبية الثامن من شهر نوفمبر الحالي عندما أشار إلى نفس المفردات دون تعديل أوتبديل· والقمة الأوروبية في منتصف الشهر القادم لن تخرج نتائجها بجديد، اللهم تعليق المفاوضات، وهذا أيضا بات معلوما ومحفوظا لدى الكافة، ولأن تراجع التفاؤل في تصاعد أشار استطلاع آخر إلى أن غالبية الشعب التركي تفضل تعليق المفاوضات على تقديم الحكومة تنازلات بشأن قبرص، فقمة الاتحاد في منتصف ديسمبر القادم قد تقر تعليقا جزئيا أوكليا للمفاوضات مع أنقرة، وهو أمر سيكون ''حكيما'' في حال استمرت أنقرة بحلول نهاية العام الجاري في رفضها السماح للطائرات القبرصية واليونانية بدخول موانئها ومطاراتها، هذا ما قالته ''أورسلا بلاسنيك'' وزيرة النمسا، وأكده مضمونا ''جان اسليون'' وزير خارجية لوكسمبورج· أما اردوغان فيقول: لا بأس، ومن ثم لا يستبعد التعليق، ولكن تركيا مصرة في طريقها نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي!!·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©