الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمن المطارات الأميركية... بين الخصوصية والالتزام بالدستور

أمن المطارات الأميركية... بين الخصوصية والالتزام بالدستور
3 ديسمبر 2010 21:47
أطلق على الاحتجاج الذي تم الأربعاء الماضي قبل عيد الشكر "يوم العصيان الوطني"، وذلك بسبب تحريض منظموه للمسافرين جواً على رفض الخضوع للتفتيش الذي يتم بماسحات الجسم الضوئية، والذي تطبقه "إدارة أمن الطيران الأميركية". ولكن الكثيرين خرجوا على هذا العصيان فيما بعد، حيث أفادت "إدارة أمن الطيران" أن ما يقرب من مليونين أميركي، قد فضلوا أسلوب التفتيش الذاتي اليدوي - الذي يقوم فيه المفتشون بالتربيت على جسم المسافر لاكتشاف أي ممنوعات- على أسلوب التفتيش باستخدام الماسحات الضوئية التي تظهر كافة التفاصيل الدقيقة للجسم، وإن كان ذلك قد أدى إلى حدوث العديد من حالات التأخير في جداول السفر. خلال الآونة الأخيرة تعددت مظاهر الاحتجاج على استخدام أسلوبي التفتيش اليدوي الذاتي، وتصوير الجسم بالماسحات الضوئية، المثيرين للجدل، التي أقرتهما، "إدارة أمن الطيران" مؤخراً، ومنها على سبيل المثال التحذير الذي لا ينسى الذي وجهه مبرمج الكمبيوتر "جون تاينر" لموظف تابع لـ"إدارة أمن الطيران" حاول تفتيشه بأسلوب التفتيش الذاتي اليدوي عندما صاح فيه قائلاً: إذا ما حاولت أن تلمس أجزائي الحساسة... فسوف أجعلهم يقبضون عليك". وهذا التحذير الذي كان محوراً للحديث، وموضوعاً للنكات خلال الأيام الماضية في طول الولايات المتحدة وعرضها، يدل على أن المعارضين للإجراءات الجديدة يمكن أن ينقلوا ساحة المواجهة من المطارات، إلى قاعات المحاكم، وهو ما بدأ فيه البعض بالفعل. ومما يشجع على هذا الاتجاه، أن ذينك الإجرائين يخلفان بنود التعديل الرابع للدستور الذي يحظر عمليات التفتيش والقبض "غير المعقولة"، وعلى الرغم من أن المحكمة العليا لم تقم بعد بتقييم تقنية المسح الضوئي لأجساد المسافرين، إلا أن المحاكم الأقل درجة قد أكدت - بحسب الحكم الصادر من محكمة الجنايات في الدائرة التاسعة جنايات عام 2007 ، أن" إجراءات التفتيش الأمني في المطارات التي تتضمن المسح الضوئي للجسم تعتبر معقولة من الناحية الدستورية، بشرط ألا تكون أكثر شمولاً، ولا أكثر تعدياً على الخصوصية، مما هو ضروري للكشف عن وجود أسلحة ومفرقعات". تفسير هذا الحكم أن تلك الإجراءات يجب أن تكون محددة ومحسوبة بطريقة لا تؤدي إلى انتهاك الحرية الشخصية من ناحية، وأن تتسم بالفعالية من ناحية أخرى، وأن تثبت من خلال التجربة قدرتها على إنجاز الغرض المطلوب منها وهو"الكشف عن التهديدات الخطيرة" للأمن القومي الأميركي. وفي الحقيقة أنه قد ثبت من خلال التطبيق العملي أن ماسحات الجسم الضوئية المستخدمة في المطارات الأميركية في الوقت الراهن، لا تتفق مع هذا المعيار الذي كان القاضي "صموئيل اليتو" (حينئذ) قد حدده أثناء إحدى القضايا المنظورة في هذا الصدد أمام إحدى محاكم الدائرة الثالثة جنايات في العام 2006. يرجع ذلك لعدة أسباب منها أن تلك الإجراءات، وباعتراف مراقبين أوروبيين يمكن أن تكون أقل انتهاكاً بكثير، مما هي عليه الآن، دون أن يؤثر ذلك على كفاءة المنظومة ككل. "إدارة أمن الطيران" الأميركية توافق بشكل عام على هذا الرأي، ولكنها تقول إن الماسحات الضوئية المستخدمة حاليا سوف يتم استبدالها بعد بعض الوقت بجيل ثان يكون أقل انتهاكا للخصوصية الشخصية، وأقل إحراجاً للمسافرين بالتالي؛ وإن الإدارة تشتغل بالفعل على هذه التقنية المتطورة بالاستفادة من السلبيات والإيجابيات التي تكشفت عن استخدام التقنية الحالية، التي تلقى معارضة شديدة في الوقت الراهن. وفيما يتعلق بتقييم مدى دستورية أو عدم دستورية الماسحات الضوئية، قد تصدر المحاكم الأميركية حكماً يفيد بأن لا يمكن اعتبار هذه الماسحات "متعدية للحد الأدنى من الخصوصية"، طالما أن الصور الملتقطة بواسطتها سوف يتم تسجيلها وحفظها. بشكل عام مالت معظم المحاكم الأميركية إلى تبني الرأي القانوني القائل بأن "عمليات التفتيش الروتينية" لجميع المسافرين، يمكن أن تجرى في المطارات بشرط ألا تهدد بانتهاك خطير للخصوصية". أما بالنسبة لـ"العمليات غير الروتينية"، فإن تلك المحاكم ترى أن العمليات المدرجة في هذه الفئة، والتي تتضمن التربيت على ثنايا الجسم، وعلى أجزاء حساسة منه، يجب ألا تطبق بشكل عشوائي، وإن تقتصر فقط على الأشخاص الذين تبين مراحل الكشف الإلكترونية السابقة أنهم موضع شبهة. السؤال المطروح في الوقت الراهن هو: هل تقر المحاكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أجهزة المسح الضوئي للجسم الموجودة في المطارات الأميركية في الوقت الراهن؟ ربما تكون هذه المحكمة قد أصدرت حكما ضد تلك الأجهزة منذ خمس سنوات ولكن مما لا شك أن الظروف التي حكمت فيها بذلك قد اختلفت قليلًا عما كانت عليه. ففي ذلك الوقت كان هناك قاضية في المحكمة العليا هي "ساندرا داي دوكونر" التي كانت معارضة لبقة ومقنعة لعمليات التفتيش الجماعية المتعدية على الخصوصية، التي لا تؤدي، مع ذلك، لرفع مستوى الأمن. الأمر يختلف الآن مع تولي "التيو" منصب كبير قضاة المحكمة العليا، فمن الوارد جداً أن ترى المحكمة أن عمليات التفتيش هذه معقولة في نظر الدستور، إذا ما أثبتت فعالية كبيرة في اكتشاف المممنوعات دون أن تكشف عن تفاصيل محرجة بالنسبة للمسافرين في نفس الوقت. ومن المرجح في هذا الصدد أيضاً أن تستجيب "إدارة أمن الطيران" للانتقادات التي وجهت لإجراءات التفتيش المطبقة حالياً في المطارات من خلال إعادة النظر في سياساتها الخاصة بالتفتيش. كما أن الكونجرس يمكن أن يتدخل من جانبه لفرض لوائح وأنظمة جديدة في هذا الشأن. وإذا لم يحدث هذا، فقد لا يمر وقت طويل قبل أن تُقدم دعوى للمحكمة الدستورية تطالبها بالحكم بعدم دستورية إجراءات التفيش الذاتي اليدوي للجسم المستخدمة في الوقت الراهن. جيفري روسن أستاذ بجامعة جورج واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوس وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©