الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

هل تنشأ مقاومة سورية لتحرير مرتفعات الجولان؟

26 نوفمبر 2006 01:49
الاتحاد - خاص: بين الفينة والأخرى حديث ديبلوماسي أو عسكري عن مرتفعات الجولان السورية التي استولت عليها إسرائيل خلال حرب يونيو ·1967 الحديث يأخذ منحى زئبقياً· الآن، كلام عسكري، وثمة سؤال يُطرح بين الأوساط الديبلوماسية في دمشق: هل تنشأ مقاومة سورية لتحرير تلك المرتفعات؟ إشكالية عملانية لأن أي مقاومة لا تستطيع ''السباحة'' بين الناس الذين لا يتعدّى عددهم العشرين ألف نسمة فوق آلاف الكيلومترات· أما الحرب فهي المغامرة· لا بديل· سوريون كثيرون يسألون، وبعد الذي جرى في لبنان: ماذا ننتظر؟ قبل أن تسقط المرتفعات السؤال الذي يُطرح الآن بعيداً عن الأضواء: هل تنشأ مقاومة سورية لتحرير مرتفعات الجولان؟ هذا قبل أن تسقط هذه المرتفعات بمرور الزمن، فبعد أشهر قليلة ينقضي أربعون عاماً على احتلالها من قبل إسرائيل، ودون أن تُسمع فيها طلقة واحدة إلا سهواً منذ اتفاق فكّ الاشتباك الذي رعاه وزير الخارجية الأميركية الأسبق ''هنري كيسنجر'' في مطلع عام ،1974 وإثر حرب تشرين الأول / أكتوبر 1973 التي حقق فيها المصريون والسوريون انتصارات باهرة في الأيام الأولى منها، حتى أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك ''غولدا مائير'' أمرت بتحريك الرؤوس النووية (مذكرات الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون) قبل أن ينقلب الوضع رأساً على عقب من خلال الجسر الجوّي الإيراني، ثم الأميركي· في تلك الحقبة، حدثت تطوّرات مثيرة: الرئيس ''أنور السادات'' زار القدس وتحدث في الكنيست، ليتوّج ذلك بمعاهدة سلام بين القاهرة وتل أبيب، ثم أُبرم اتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، وبعد ذلك اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة ''إسحق رابين''·· الوصاية الاستراتيجية بموازاة ذلك، حدث اجتياحان للبنان، الأول عام ،1978 والثاني في عام 1982 الذي كاد ينتهي باتفاق سلام بين بيروت وتل أبيب لولا الأحداث التي جرت، وكان لدمشق اليد الطولى في إحباط ذلك الاتفاق الذي كان سيضع لبنان تحت الوصاية الاستراتيجية الإسرائيلية، لتنطلق المقاومة في جنوب لبنان، على نحو مكثف ومؤثر، وإنْ قيل إنَّ السوريين إنما كانوا يدعمون المقاومة لأغراض تكتيكية لا استراتيجية، فالجنوب اللبناني المشتعل كان قناة الاتصال بين دمشق وواشنطن حين تصاب العلاقات بينهما بأي هزّة، ولطالما شهدت الهزّات·· مصر استعادت شبه جزيرة سيناء بالمفاوضات، والأردن رسم خطاً نهائياً لحدوده بالوسائل الديبلوماسية أيضاً، فيما اللبنانيون حرَّروا المناطق المحتلة في الجنوب والبقاع الغربي بواسطة المقاومة· وإذ فشلت كل الجولات التفاوضية التي عُقدت بين السوريين والإسرائيليين، فإن العديد من السوريين بدأوا يتساءلون: وماذا عن الجولان؟ لا ريب أن التواجد الأميركي في العراق أدى إلى تقليص الدور الجيوبوليتيكي لدمشق على نحو كبير، كما أن التطورات التي حصلت في لبنان أدت إلى إبعاد الجنوب عن رقعة الشطرنج، ولو قيل بصورة مؤقتة بسبب الضبابية التي تحكم الوضع الإقليمي والدولي على السواء، هذا فيما الساحة الفلسطينية تحوّلت إلى مسرح تراجيدي متكامل يتداخل فيه النزاع الداخلي، بأبعاده الدموية أحياناً، مع الهمجية الإسرائيلية في التعاطي مع الملف الفلسطيني بوجه عام· مكان تحترق فيه الأصابع ولكن إذا كان السوريون قد خسروا ورقة الجنوب، فما بالك بالورقة العراقية، وحيث الحضور الأميركي المباشر، حتى وإن قال ''توماس فريدمان'' إنّ العراق هو المكان الذي تحترق فيه كل الأصابع·· وراء الأضواء يُحكى عن ''النصائح الإنكليزية'' التي تُوجَّه إلى إدارة الرئيس ''جورج دبليو بوش''، ووزير الخارجية البريطاني السابق ''جاك سترو'' أبلغ نظيراً عربياً له أنه فوجىء بأن واشنطن التي كانت تعدّ العدّة لإطاحة الرئيس ''صدام حسين''، وإقامة نظام نموذجي لتصديره في اتجاهات مختلفة، أعلنت الحرب على دمشق (من خلال قانون محاسبة سوريا···) وعلى طهران (من خلال فتح الملف النووي على مصراعيه)، ففي رأيه أنه لا مجال للتغاضي عن المشروع النووي الإيراني لما له من تداعيات استراتيجية على التوازنات، كما على الحساسيات، الدقيقة في المنطقة، ولكن كان يفترض التخلي عن اللغة الخشنة مع السوريين الذين استشعروا الخطر يزحف باتجاههم، لم يكن أمامهم سوى الاقتراب أكثر من ايران، فيما كان المفروض الإبقاء على التواصل معهم ودفعهم إلى مسافة ما من الموقف الإيراني· لكن ''جيمس بيكر''، وكان وزيراً للخارجية في عهد الرئيس ''جورج بوش'' الأب، وهو يُعتبَر مهندس مؤتمر مدريد بين العرب وإسرائيل في خريف عام ،1991 طرح خيارين بالنسبة إلى الوضع العراقي الذي استحال فعلياً إلى وضع كارثي· أحدهما، وهو المرجح مبدئياً، يقول بالتواصل مع إيران وسوريا· هنا قد تبرز الحاجة إلى اللحظة الذكية: إنارة الردهة الديبلوماسية مجدداً، ودفع السوريين والإسرائيليين على الدخول إليها·· هاجس القيادة السورية والواقع أن مرتفعات الجولان باتت تشكل هاجساً للقيادة السورية، السوريون يلاحظون كيف أنّ القيادة تضع كل ثقلها السياسي والإعلامي لدعم المواقف اللبنانية القائلة بتحرير منطقة مزارع شبعا التي طالما وُصفت بـ''جمهورية الماعز''، لكن الأرض هي الأرض، ولا مجال للمقارنة بين مرتفعات الجولان بمساحتها التي تناهز الخمسة آلاف كيلومتر مربع والمزارع التي لا تتجاوز مساحتها الـ40كيلومتراً مربعاً· ناهيك عن أنّ هذه المرتفعات بالمساقط المائية البالغة الأهمية، تنطوي على مزايا استراتيجية نادرة، لطالما تخوّف منها الإسرائيليون، إذ كان باستطاعة الدبابة السورية أن تعبر جسر بنات يعقوب لتندفع نحو الساحل في وقت قياسي· هذا كله انتهى بعدما أضحى الجولان تحت السيطرة الإسرائيلية، ومع الإشارة إلى التشريع الذي استصدره رئيس الحكومة الإسرائيلية الراحل ''مناحيم بيغن'' من الكنيست في 14 كانون الأول / ديسمبر 1981 والذي يقضي بضم تلك الأراضي السورية إلى إسرائيل· لكن المعروف أن المفاوضات اللاحقة والتي رعاها الرئيس الأميركي السابق ''بيل كلينتون'' بوجه خاص حدّت من فاعلية ذلك التشريع، حتى أن السوريين تحدثوا طويلاً عن ''وديعة رابين''، في إشارة إلى التعهّد الشفوي الذي طرحه رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل ''اسحق رابين'' أثناء المفاوضات بإخلاء المرتفعات· الإشكالية العملانية السوريون يسألون عن ذلك الحماس حيال الأراضي اللبنانية، والتغاضي عن الأرض السورية·· والحقيقة أن هناك إشكالية عملانية بالنسبة إلى الحكومة السورية، فالمرتفعات تضمّ بعض القرى المتناثرة التي لا يتعدّى عدد سكانها العشرين ألفاً، أي أنه ليس باستطاعة أي مقاومة ''السباحة'' بين الناس، بل أنّ على المقاوم أن يسير في العراء للقيام بأي عملية، فيما تتحفظ القيادة السورية كثيراً في خوض حرب كلاسيكية (جيش مقابل جيش) بالنظر للخلل الهائل في ميزان القوى، فأبواب الغرب مقفلة أمام السوريين، كما أن صفقات الأسلحة مع الروس تخضع لعملية رصد أميركية دقيقة، بحيث أن موسكو، وكما ذكرت إحدى الدوريات الفرنسية المتخصصة لم تستجب، في صفقة أخيرة، إلا لجزء محدود من لائحة الأسلحة: أعتدة، وأجهزة عسكرية طويلة يحتاج إليها الجيش السوري· ولكن مما لا شك فيه أن الرأي العام في سوريا، وهو تاريخياً غالباً ما يكون شديد الغليان، توقف عند ''الظاهرة اللبنانية'' الأخيرة· وبمنأى عن النتائج الكارثية للحرب، إنْ على المستوى الاقتصادي أو على المستوى الإنساني، ناهيك عن المستوى السياسي، فإن الصمود على مسرح عمليات محدود، مع بروز لافت للقصور الإسرائيلي عملانياً ولوجيستياً، جعل السوريين يتساءلون: وماذا ننتظر؟ جنرالات في قفص الاتهام جيش بمئات الآلاف مجمّد، والخدمة الإلزامية ما فتئت تبتلع مئات آلاف الشبان· وهذا كله يستنزف الإمكانات الاقتصادية للبلاد، فيما الوضع على الجبهة يغطُّ في نوم عميق· ولكن هل إنَّ باستطاعة السوريين، وفي ظل الإدارة الأميركية الراهنة، ومع بحث حكومة ''ايهود اولمرت'' عن أي سبيل لتعويم نفسها ولإعادة الاعتبار إلى الجنرالات الذين بدوا، كما لو أنهم يقفون في قفص الاتهام، تفجير الصراع مع إسرائيل؟ مغامرة! ولكن ما البديل عن ذلك· السوريون يشعرون أنهم داخل الحصار· تسخين الأرض قد يبدّل في الوضع· ولكن ماذا لو أدى ذلك إلى انفجار يفوق كل التوقعات؟ ما يتم تداوله الآن، ديبلوماسياً، أن السوريين يدرسون، ويتصلون، ويستعدون· ماذا إذا قررت واشنطن فجأة فتح باب المفاوضات كثمن لتعاون سوري في الموضوع العراقي الذي يضغط بقوة على المؤسسة السياسية في الولايات المتحدة· هذا السؤال كان ممكناً قبل أن يتسلم ''افيغدور ليبرمان'' حقيبة الشؤون الاستراتيجية· من الآن وصاعداً ''ديبلوماسية المناجل''، على حدّ تعبير ''زئيف شيف''، ولكن ألا ينصح الديبلوماسي المخضرم ''ادوارد جيرجيان''، الصديق الوفي لـ''بيكر''، بـ''التكشيرة الأميركية''· تذكروا قصة ''دوايت ايزنهاور'' مع ''دافيد بن غوريون'' عام 1956 بالنسبة إلى شبه جزيرة سيناء· ذاك زمن وهذا زمن··· ''أورينت برس''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©