الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون التشاديون··· إلى الديار أخيراً

اللاجئون التشاديون··· إلى الديار أخيراً
21 فبراير 2008 01:05
يحمل ''مالون ديرهولاليمبي'' طفله المرهق على كتفيه ويتأبط صرة تحوي بعض أغراضه راجعاً إلى العاصمة ''نجامينا'' ومعه الآلاف من التشاديين الذين أجبروا على الفرار إلى الكامرون، بعدما تمكنت القوات الحكومية التشادية من رد هجوم شنه المتمردون على العاصمة مطلع هذا الشهر، وكان ''مالون'' قد أمضى قرابة الأسبوع على الحدود الكاميرونية برفقة زوجته وأطفاله الخمسة مقيماً في العراء تحت شجرة، وناثراً حوله ما حمله من أغراض، ومع أن ''مالون''، كما العديد غيره، مسرور لمغادرة الكاميرون وعودته إلى بلاده، إلا أن مشاكله بالكاد انتهت· ويقول ''مالون'' -وقد بدأ رحلة الخمسة عشر ميلا التي ستعيده إلى نجامينا-: ''إنني راجع إلى تشاد، لكني على يقين بأن الأمر لن يكون سهلا''، مضيفا: ''إن منزلي مازال على ما يرام، غير أني سمعت عن عمليات نهب واسعة قام بها المتمردون في العاصمة، والخوف أن يعودوا مجددا إلى المدينة، حيث سيكون علينا المغادرة مرة أخرى''· يبدو أن محاولة الانقلاب الأخيرة التي تمكنت الحكومة التشادية من ردها في الأسبوع الماضي، تسببت في أزمة إنسانية عاجلة في منطقة تعج أصلا بمئات الآلاف من اللاجئين، وتخشى الأمم المتحدة أن تتعرض عمليات الإغاثة في شرق تشاد، حيث يوجد نصف مليون لاجئ، إلى التهديد بسبب الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار، لا سيما بعد تهديد تشاد بطرد 250 ألف لاجئ من أراضيها بعدما اتهمتهم بتغذية التوتر مع جارتها السودان، وقولها إن هذه الأخيرة ساندت المتمردين في هجومهم الأخير على العاصمة، وفي ذروة عملية التدفق خارج ''نجامينا'' في الأسبوع الماضي سُجل رسمياً نزوح أكثر من 30 ألف لاجئ إلى الأراضي الكاميرونية، وهو رقم قد لا يعبر بدقة عن العدد الحقيقي للاجئين بفعل ذوبانهم في المجتمع المحلي بالكاميرون وصعوبة إحصائهم· ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة سيبقى في الكاميرون، على الأقل في المدى المتوسط، ما لا يقل عن 20 ألف لاجئ تشادي سيحتاجون إلى الغذاء والماء والاحتياجات الأساسية الأخرى· وقد أعرب العديد من اللاجئين التشاديين الذين فضلوا العودة إلى ديارهم عن تردي ظروفهم المعيشية، ما دفعهم إلى التفكير في العودة، حيث يقيم معظمهم في المدارس المتداعية، فيما يبيت الآخرون في العراء، وفي هذا الإطار يقول ''بوهيما رزاقي'' -أب لثلاثة أطفال- إنه لم يجد ما يسد به رمق عائلته لأيام عديدة، فضلا عن الأمراض التي بدأ يصاب بها الأطفال، ولمعالجة الأزمة الإنسانية والحؤول دون تفاقمها تعمل الأمم المتحدة على تزويد اللاجئين التشاديين بالغذاء والماء، إذ يشير ''موريسيو جوليانو'' -من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة- الى أن موظفي الإغاثة شرعوا في توزيع المواد الأساسية على أكثر من 50 ألف لاجئ تشادي في الكاميرون، وفيما يتعلق بسياسة الأمم المتحدة تجاه اللاجئين يقول المسؤول الأممي: ''إن ما نسعى إليه هو تشجيع اللاجئين على العودة إلى تشاد، فمهما كانت المساعدات المقدمة لهم في الكاميرون فإننا لا نحبذ بقاءهم هناك''· لا تكتفي الأمم المتحدة بتقديم المساعدات للاجئين الذين اضطروا للفرار من العنف، بل تمد يد العون إلى السكان الذين جازفوا بالبقاء في العاصمة، رغم الصعوبات التي يواجهها عمال الإغاثة، ومع أن القوات الحكومية استطاعت دحر المتمردين بمساعدة من القوة الاستعمارية السابقة، فرنسا، إلا أن العديد من البنايات والمرافق العمومية تعرضت لإطلاق النار، وتم اقتحامها، أو إحراقها من قبل المتمردين· وحسب الصليب الأحمر خلفت أعمال العنف التي اجتاحت العاصمة ''نجامينا'' المئات من القتلى والآلاف من الجرحى· ومباشرة بعد اندلاع المعارك في العاصمة سادت عمليات النهب لتمتد إلى المنازل والشركات ومخازن الأمم المتحدة، هذا الخراب الذي عبر عنه ''أحمد أحيدجو''، أحد موظفي مكتب الأمم المتحدة بقوله: ''لقد دمرت المدينة بالكامل وفقدنا العديد من إخواننا وأقربائنا أثناء المعارك''· وتسعى الحكومة التشادية من خلال نشر قواتها المسلحة في شوارع العاصمة، إلى خلق انطباع لدى الناس بأنها تسيطر على الوضع الأمني وبأنها قادرة على استعادة هيبة الدولة الضائعة، لكن ذلك لم ينجح في تبديد الشعور بالقلق الذي مازال يراود العديد من السكان؛ وقد تعالت أصوات المسؤولين في الأمم المتحدة محذرة من أن استمرار عدم الاستقرار في ''نجامينا'' قد يهدد عمليات الإغاثة التي تشرف عليها المنظمة الأممية في شرق تشاد، حيث يوجد ما يقرب من 250 ألفا في دارفور، وأكثر من 100 ألف لاجئ تشادي، فضلا عن 50 ألف لاجئ من أفريقيا الوسطى يعتمدون على المساعدات الدولية· إلى ذلك استأنف الاتحاد الأوروبي نشر قوات لحفظ السلام في شرق تشاد بعدما توقفت خلال المعارك مع المتمردين؛ لكن تشاد تشتكي من أن اللاجئين الذين ترعاهم الأمم المتحدة وتسهر على مساعدتهم، تحولوا إلى عنصر يغذي عدم الاستقرار في المنطقة ويتسبب في توتر العلاقات مع جارتها السودان· سارة سيمبسون-تشاد ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©