الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب مالي... «ديابالي» في عين العاصفة

حرب مالي... «ديابالي» في عين العاصفة
22 يناير 2013 22:40
بيتر تينتي نيونو - مالي فيما يمثل تقدماً بالنسبة للحملة الراهنة الرامية إلى طرد المتمردين الإسلاميين من معاقلهم في مالي، تستعد القوات الفرنسية والمالية، وقت كتابـة هذا التقرير، لتأمين بلدة ديابالي وسط تقارير تفيد بأن قوات المتمردين قد غادرت هذه البلدة، (وقد دخلت القوات المالية والفرنسية البلدة فعلاً يوم أمس الاثنين). والخبر يأتي وسط شح في المعلومات القادمة من المدينة. فعلى رغم التقارير التي أفادت في وقت سابق من هذا الأسبوع باندلاع قتال عنيف بين القوات البرية الفرنسية والمتمردين الذين عمدوا إلى الاختلاط مع السكان، إلا أن سكان ديابالي يقولون إن القوة الجوية الفرنسية هي التي حسمت الأمور، وليس الجنود على الميدان. وكان السكان قد عبروا يوم الجمعة عن مخاوف بشأن تأخر قدوم القوات البرية من أجل تأمين البلدة، وإن كان التاريخ القريب لديابالي يشكك في أداء الجنود الماليين اللازمين من أجل الحفاظ على مثل هذه المناطق التي يقوم التدخل العسكري الفرنسي بتطهيرها. بالأمس القريب، كانت ديابالي بلدة لا يسمع عنها شيء في جزء من مالي يتطلع إلى أن يصبح واحة زراعية في المناخ الحار لمنطقة الساحل الأفريقي. غير أن البلدة التي يبلغ عدد سكانها 35 ألف نسمة اكتست أهمية استراتيجية عندما بسط المتمردون الإسلاميون سيطرتهم عليها بعد أيام قليلة فقط على شروع الفرنسيين في قصف مواقع مختلفة في وسط مالي وشمالها. ومع سقوط ديابالي، كانت قوات المتمردين قد تقدمت ولم يعد يفصلها عن العاصمة باماكو سوى قرابة 400 كلم فأرسلت فرنسا جنودها نحو الشمال. وأخذت حرب برية واسعة النطاق تبدو وشيكة الحدوث عندما قال رئيس أركان الجيش الفرنسي الأميرال إدوارد جيو في مقابلة مع تلفزيون «أوروب 1» إن قوات برية فرنسية ستقوم قريباً بـ«القتال بشكل مباشر» ضد خصومها الإسلاميين. وبدا أن ديابالي في طريقها إلى أن تصبح رمزاً للحظة تحول حملة جوية محدودة ضد أهداف معينة إلى عملية أكثر تعقيداً. ولكن التفاصيل الدقيقة التي رشحت منذ ذلك الوقت أظهرت صعوبة في فهم الوضع. فإذا كانت وسائل إعلام مختلفة قد أفادت بوقوع قتال عنيف بين القوات البرية الفرنسية وقوات المتمردين داخل المدينة، فإن عدداً من السكان الذين فروا من المنطقة واتجهوا إلى مدينة نيونو المجاورة قالوا إنه لم يحدث أي قتال. وفي هذا السياق، قال آسي توري، وهو مزارع في السادسة والعشرين من عمره وصل إلى نقطة تفتيش في نيونو حوالي الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، بمعية ثلاثة من أفراد عائلته الممتدة الذين كانت علامات التعب واضحة عليهم وكانوا متكدسين على متن دراجته النارية: «لقد سمعنا من بعض الناس في الضواحي أن الفرنسيين كانوا هنا، ولكننا لم نرهم». وقال توري إن المتمردين شرعوا في مغادرة البلدة حوالي الساعة الثامنة صباحاً ذلك اليوم، مضيفاً: «إن الأمور هادئة، والناس باتوا يستطيعون أخيراً مغادرة البلدة». وهذه المعلومة أكدها عدد من السكان، الذين كانوا يتقاطرون ضمن مجموعات صغيرة على متن عدد من المركبات، ومن ضمنها الدراجات النارية، والنقل المزدوج، وحافلات صغيرة، بل وحتى شاحنات. وحسب روايات عدد من شهود العيان، فقد تفرق المتمردون صباح السبت في اتجاه بلدة سكولو المجاورة، بعد أن توقفوا من أجل دفن موتاهم وفق الشعائر الإسلامية. وتقول فاطوماتا شونتا، وهي من سكان ديابالي: «لقد كان ثمة بعض السود معهم، ولكن معظمهم كانوا بيضاً»، في إشارة إلى العرب والطوارق الذين يشكلون الأغلبية في صفوف المتمردين. وأكد شخص آخر فر من ديابالي أن الإسلاميين غادروا البلدة على عجل وبسرعة على ما يبدو، مؤكداً أنهم تركوا «قنابل يدوية وراجمات قذائف» في الشارع. وقد وصل عثمان تانجرا إلى نيونو وهو يتحدث بإعجاب عن دقة الضربات الجوية الفرنسية. وقال في هذا الصدد: «إن القنابل هي التي طردتهم!»، مضيفاً: «الفرنسيون يستطيعون ضرب أي سيارة يريدون!». وقال تانجرا إنه عندما ضربت طائرة مركبة تابعة للمتمردين كانت تنقل الذخيرة «هز الانفجار القرية بكاملها» وبدا كما لو أن «المطر يسقط على منازلنا». وقد انضم تانجرا إلى سكان آخرين من ديابالي يتساءلون عن أسباب عدم قدوم القوات المالية والفرنسية من أجل سد فراغ السلطة الذي تركه المتمردون، وعن ذلك يستطرد قائلاً: «إننا نريد أن يأتي الجيش ليؤمن قريتنا حتى نستطيع العودة إلى منازلنا»، مضيفاً «ليس هناك وقت للانتظار». غير أن الجنود الماليين لديهم ماض معروف في ديابالي؛ فقد أصبحت البلدة مشهورة جداً في سبتمبر الماضي عندما قتلت القوات المالية 16 داعية إسلامياً موريتانياً هناك على الأقل. وهو الحادث الذي فجر سيلاً من الاتهامات والتكهنات في الصحافة المحلية والإقليمية. ففي البداية، قال الجيش المالي إن الدعاة -الذين كانوا يسافرون براً إلى باماكو من أجل المشاركة في مؤتمر ديني- لم يتوقفوا في نقطة تفتيش، وفي تلك اللحظة اعتقد الجنود الموجودون في نقطة التفتيش أن الرجال الملتحين متمردون إسلاميون ففتحوا النار على موكبهم. ولكن الرواية الرسمية سرعان ما تبين أنها تروم التستر على حقيقة ما وقع؛ حيث أكد أحد الناجين وشهود آخرون أن الدعاة أُجبروا على الترجل من مركباتهم في نقطة التفتيش. وقد دفعت الأزمة وزير الخارجية المالي إلى السفر إلى موريتانيا المجاورة من أجل إصلاح ما فسد من العلاقات بين البلدين، وشكلت مثالاً آخر على انعدام الانضباط في الجيش المالي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©