صَباحاتٌ نازِفَةٌ

المَدينَةُ خائَفَةٌ والشّارِعُ مُوحِشٌ التِمْثالُ الأعْزَلُ يَقومُ في وَسَطِ الّساحَةِ يَرْمي ظِلَّهُ عَلى كَتِفي وَجَسَدُهُ يَسْتَقْبِلُ الشَّظايا بِبَسالَةٍ نادِرةٍ أحْلامي باتَتْ كَوابيسَ تَقُضُّ مَضْجَعي عَيْنانْ مُؤرَّقَتان كَبيرةٌ تَسَعُ حَديقةً وَصَغيرةٌ تَسَعُ كُرْسِيَّاً تُرى ما جَدْوى التَّماثيلَ وَما نَفْعُ حِكْمَتِها عَجَباً أَأَسْمَعُ غُراباً يَنْعَبُ في الليلِ؟ أيَّ صَباحٍ سَيَلْتَهِمُني فيهِ المَوْتُ غداً الأَشْجارُ تَلْتَفُّ على الظَّلالِ هُمْ يَسْرِقونَ الكُحْلَ مَنْ عُيونِ الصّبايا العاشِقاتِ لا حَبيبةَ لي في وَطَني النَّساءُ يَعْرِفْنَ الأَسَدَ مِن مَخْلَبِهِ وأُسودُ بابلَ بِلا مَخالِبَ في الجُماعِ النَّساءُ مُتَشابهاتٌ والرِّجالُ كُلُّ في واحَدٍ أَسْألُ عَنْ نوحِ فَلا أرى إلا إبْنَهُ وجِثثاً طافِيَةً عَلى سَطْحِ الماءِ الشُّرُفاتُ تَنِزُّ دَماً في الظُّـلْمَةِ والقَمَرُ جاسوسٌ مِنْ لُجَينْ أحَقّاً يَيْتَكرون لَنا الحَياة؟ لكِنْ ما هذا المَوْتُ الذي نَكْتَشِفُهُ كُلِّ صَباحٍ هَلْ أحْلَمُ بِشَوارِعَ دونَ مُفَخّخاتٍ وأحْياءٍ دون َ مَزابِلَ وقُصورٍ للْمُعْدَمين هَلْ أحْلَمُ بِبَغْدادَ خَضْراءَ دونَ مَنْطَقَةٍ خَضْراءَ وَرِجالٍ مُرقْطين سَـأفْـقَـأُ قَــلْبي كَيْ لا أرى أبْطالاً كَذَابينَ قَـُرْبَ المايِكْروفانات وَمُحَجَّباتٍ ماكراتٍ يَنْفَخْنَ في العُقَدْ آهٍ يا نِساءَ أوروكَ العاريات أتَعْرُفْنَانِّ مَعْنى النَّشْوَةِ أمْ كُتِبَ عَلَيْكُنَّ العَويلَ حَتّى يَوْمَ يُبْعَثون يَتُها المَظلوماتُ المَوْجوعاتُ تَلَفِّعْنَ بالسَّوادِ وجَمِّعْنَ المِلْحَ من المُسْتَنْقَعاتِ تَحْتَ أقْدامِكُنَّ يَفيضُ أَسْوَدٌ ذَهَبيٌّ وَفَوْقَ رُؤوسِكُنَّ يَفيضُ أسْوَدٌ فُضِّيٌّ وَأنْتُنَّ تَتَسَرْبَلْنَ بِعَباءاتِ الطـَّوى أَيُّها المَطَرُ اِنْزِلْ بَعيداً عَنْ أرْضي كَيْ لا يَسْرِقَكَ الأشْرافُ اللُصوصُ لا فَرْقَ بينَ دُموعِ حافياتِ بابلَ ودُموعِ السَّماءِ أضْرِحَتُنا صَمّاءُ لا تقبلُ النُّذورَ مِنَ المارقين الفُراتُ يُهَرْوِلُ إلى بَردي الأهوارِ لا نَوْرَسَ يَحْزَنُ لِبُكاءِ الثّاكلاتِ والحَنينُ يُسْكِرُ القَصَباتِ أيّةَ أُغْنِيَةٍ أغَنّيها لِحبيبتي بل أيّةَ ابتسامةٍ سَتُفْرحُ عَيْنيها الحَزينتين آهٍ يا سَيِّداتِ النُّذورِ لا تَفْرَحْنَ بِما يَنْبِضُ في أرْحامِكُنَّ فَسَوْفَ تأكُلهُم أفاعي الحُروبِ وَفَتاوى الشّياطين هلْ نَشْعَلُ الشُّموعَ لِيَقْتُلَ أبناؤنا بَعْضُهُم البَعْض هلْ أقولُ طوبى للْموْتِ الّذي اشْتَراهُ لَنا الأُمَراءُ المنِيَّةُ لها قِرْطان والقِلادَةُ تاريخُ الفِتْنَةِ